محكمة التعقيب ترفض الإفراج عن جميع المتهمين في قضية أنستالينغو    جينيف: وزير الصحة يؤكد الحرص على التوصّل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    الحزقي: قريبا رقمنة الرقابة الإدارية    نبيل عمّار ل«الشروق»...انتظروا اتفاقيّات نوعية بين تونس والصين    ''الستاغ'' تطلق خدمة إلكترونية جديدة لخلاص الفواتير    المهدية .. 6 جوان افتتاح موسم الحصاد ..81760 قنطارا تقديرات صابة الحبُوب لهذه السنة    موجة اعترافات أوروبية جديدة بدولة فلسطين ...تسونامي يعصف بالاحتلال    سعيّد خلال لقائه بوائل الدحدوح ..التضحيات التي يقدّمها الشعب الفلسطيني لن تذهب سدى    قريبا يشرع البرلمان في مناقشته هذه ملامح القانون الجديد للشيك دون رصيد    مجلس ادارة الشركة التونسية للبنك يعين نبيل الفريني مديرا عاما بالنيابة للبنك    بن عروس: متابعة ميدانية لوضعية المحصول بالمساحات المخصّصة للزراعات الكبرى    بطاقة إيداع بالسجن ضد سمير العبدلي من أجل شبهات جرائم إرهابية    مجلس وزاري يتابع إجراءات مختلف الوزارات استعدادا لعودة التونسيين بالخارج إلى أرض الوطن    بنزرت: الاذن بالاحتفاظ بشخص وفتح بحث تحقيقي من اجل اضرام النار عمدا بمنقولات في حادث نشوب حريق بمستدودع الحجز البلدي    تشييع الجندي المصري ضحية الاشتباك مع الإسرائيليين على معبر رفح    نائب فرنسي يرفع علم فلسطين خلال جلسة الجمعية الوطنية الفرنسية    بطولة رولان غاروس - انس جابر تواجه الكولمبية كاميلا اوزوريو في الدور الثاني    الرابطة 1- تاخير انطلاق دربي العاصمة الى الساعة االسابعة مساء    تصفيات كاس العالم 2026:غدا الاعلان عن قائمة لاعبي المنتخب التونسي    قفصة: الدفعة الثالثة والأخيرة من حجيج الجهة تغادر اليوم في إتجاه البقاع المقدّسة عبر مطار قفصة-القصر الدولي    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    نقص فرص العمل عن بعد وضعف خدمات رعاية الأطفال يمثلان عائقا رئيسيا لوصول النساء إلى سوق العمل (دراسة)    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    وزارة الصحة تنظم يوما مفتوحا بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين    بيلينغهام يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإسباني    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    قابس: الاحتفاظ بشخص مفتش عنه وحجز كمية من الهواتف الجوالة المسروقة    جنيف: وزير الصحة يستعرض الاستراتيجيات والخطط الصحية الوطنية في مجال علاج أمراض القلب    المنستير: أجنبي يتعرّض ل'براكاج' والأمن يتدخل    عملية بيع تذاكر'' الدربي'' : الأسعار... متى و أين ؟    ملعب غولف سكرة يحتضن نهاية هذا الأسبوع كأس تونس للغولف    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    بداية من اليوم.. مدينة الثقافة تحتضن الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعيين من ذوي الإعاقة    عاجل : شكاية جزائية ضد وزيرة العدل ليلى جفال    الجفاف يفاقم مشاكل التشغيل في المغرب    عاجل : الديوانة بميناء حلق الوادي تحبط محاولة تهريب'' زطلة و مخدرات ''    تذمّر المواطنين بسبب غلاء أسعار الأضاحي..التفاصيل    لأول مرة.. إعتماد هذا الإجراء مع الحجيج التونسيين    حادث مرور مروّع في القصرين    هيونداي تونس تتوج بعلامة "أفضل علاقات عامة" في المؤتمر الإقليمي لشركة هيونداي موتور في جاكرتا    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    عاجل : حريق داخل مصنع التبغ و الوقيد بالقيروان    الدوري المصري: سيف الدين الجزيري يرفع عداده مع الزمالك    بطولة كرة السلة: تعيينات مباريات الدور نصف النهائي    وزير التجارة الجزائري يدعو إلى عقد منتدى أعمال ثلاثي جزائري تونسي ليبي    متى يعاد فتح معبر رأس جدير ..؟    قفصة: القبض على 5 أشخاص من أجل ترويج المخدّرات    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    فضيحة ساعات "الروليكس" تلاحق رئيسة بيرو.. شكوى دستورية في حقّها    4 ألوان تجذب البعوض ينبغي تجنبها في الصيف    بن عروس : اختتام الدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان علي بن عياد للمسرح    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنانة ليلى طوبال ل«الشروق»: انتهى زمن «تقارير» السلطة.. فأهل المهنة أدرى بشعابها
نشر في الشروق يوم 15 - 04 - 2011

هل يمكن أن تقوم دولة دون فكر وفن وثقافة، ان حضارة الشعوب تقاس بعدد مبدعيها والاعتراف بقدرتهم على الارتقاء بمستوى بلدهم، وما يحدث اليوم في تونس هو محكوم بأمل أن تكون الأحداث بداية تاريخ لتأسيس دولة حداثة تثمر فيها كل المجالات فلا يمكن أن يقوم جسد سليم يفتقد عضواً من أعضائه. لكن اليوم في خضم الحلم بوطن أكبر، أصبحت الأولويات بل الأولوية الوحيدة هي كراسي الاقتراع، تغيب الموضوع الثقافي ضمن استراتيجية الجدل السياسي، فيبقى الحديث الثقافي العامل المنسي صاحب الصيغة الرثة والهزيلة، بينما من الضروري أن يساهم الفكر في انتاج لغة جديدة وأفكار جديدة لمجتمع تونسي حر وديمقراطي، ولا بد أن يتفادى كل ذلك التهريج والتشويش الذي ميّز العهد الماضي.
ليلى طوبال فنانة تونسية تمردت وخرجت عن النمط السائد، وسجلت حضوراً متميزاً جعل منها «نجمة» المسرح التونسي الراقي بامتياز، تميزت في الموسم الماضي بدورها في مسرحية «آخر ساعة» الذي تحصل على العديد من الجوائز التونسية والعربية، تؤكد ليلى وباستمرار أنها عرفت المسرح في فضاء الحمرا مع المخرج عز الدين قنون، فنان نزيه تعلمت منه الوضوح في الرؤية والصدق في العمل والطموح نحو الأفضل، تتساءل باستمرار: «أنا العاصية؟ أنا المجنونة؟ أنا المتمردة؟» وتستيقظ كل يوم فرحة أم يائسة، عندها عمل أو عاطلة، مكتفية أم محتاجة لتعلن منتصرة «لا.. لا أريد أن أتغير، سأبقى العاصية المجنونة المتمردة».
فضاؤها هو مسرح الحمرا فضاء أمطر سماء المسرح بنجومه، عمق تجربة المبدع في مسرحنا التونسي،رفض التدجين والمساومة على الفن والوطن، فيه تأسس أول مركز عربي افريقي للتكوين المسرحي، منذ سنة 2001 الى اليوم، تخرج منه 279 فنانا عربيا افريقيا، لم يهتم أي مسؤول بهذا النجاح وكأن المشروع ليس تونسياً، سنوات لم ينطو فيها فريق الحمرا ولم يطأطئ الرأس، اليوم وبعد 23 سنة دكتاتورية لا يمكن أن يتراجع بل سيعمل على تعميق الوعي الجماعي بالمصير التاريخي للأمة. ويعمق تجربته بصدقها.
٭ هل الوضع الحالي للمسرح في خطر؟
الغريب اليوم أنه لم يقم أي حزب او جمعية أو برنامج سياسي بالتفكير في أي مجال من المجالات الثقافية عامة والمسرح خاصة، والمشكل أننا عندما نطرح الموضوع غالباً ما يكون الرد : «احنا لاهين بالثقافة توا» هل يمكن أن تسأل طبيبا اذا كان لاهي بالطب أو أستاذ اذا كان لاهي بالتدريس؟ ماذا نريد كثقافة اليوم؟ بالأمس كانوا يلوموننا أننا نقدم مسرحاً ملتزماً، واليوم يطلبون منا مسرحاً ملتزماً، وكأن الفن ظرفي ومناسباتي، المسرح التزام فكر، التزام منهج، التزام قضية، التزام حياة... ممكن اليوم أن تعطينا وزارة الثقافة أموالاً لانتاج مسرحية عن الثورة، وكأن الثورة مناسبة والعمل ظرفي، العمل اليوم يحتاجني كفنانة مواطنة لها حساسية، وذكاء و كلمة صادقة تعبر بها عن احساس صادق ووعي ملتزم، لا بد أن تمثل الثقافة تونس الحديثة، تونس المناضلة، تونس الكونية التي فتحت كل الأبواب، فليكن الابداع باباً مفتوحاً على العالم.
٭ هل قطاع المسرح في أزمة وما هو السبب ؟
المسرح في أزمة كبيرة والأسباب متعددة، من أهمها تداخل القطاع المسرحي الذي عانى من سياسة التهميش... بطاقات الاحتراف تعطى بشكل عشوائي دون دراسة. لا يوجد أي ضمان صحي أو مادي أو معنوي لمن يعمل في هذا الميدان الى هذا التاريخ، لا يملك من كرس حياته من أجل المسرح امكانية العلاج أو الحصول على التأمينات والضمانات كأي موظف أو مواطن عادي والأمثلة كثيرة.نعمل طوال السنة جاهدين للرقي بالمسرح التونسي الى درجة من المستوى الثقافي والفكري، وخلال جولاتنا عبر العالم نلاقي استقبالاً متميزاً للترحيب بأعمالنا ثم نعود الى تونس فنجد أن العمل يستقطب فقط بعض النخب، وأن الشعب تعود على المسرح الصاخب الشعبوي.
٭ صرح وزير الثقافة أخيراً أنه منح المسرح مبلغ مليار وأربعمائة دينار و هذا لأول مرة ؟
أعتبر أن تصريح الوزير في ما يخص القطاع المسرحي مغالطة واهانة للقطاع، وأؤكد على كلمة مغالطة، لأنه لا يجوز التصريح بعبارات لا تحكي الواقع من طرف المسؤول الأول عن الثقافة ، الذي يفترض أنه على علم بقطاعاته وأنه أتى لتسوية كل قطاعات الثقافة لا المقتنيات الحجرية رغم احترامي لتاريخ تونس الحجري. وهذا يؤكد أنه ليس على علم بأمور المسرح ولا بما يجري على الساحة ولا ما هو عاجل اليوم وأكيد وحيوي، فلو رجع إلى المعطيات في قطاع المسرح والفنون الدرامية لوجد أن الميزانية المخصصة للفنون الدرامية سنة 2002 كانت 1.720.000 وسنة 2003 كانت 2.380.000 وسنة 2004 كانت 2.850 وبقي هذا المبلغ حتى السنوات الأخيرة. زيادة الدعم على الانتاج المسرحي الذي كان في السنوات الأخيرة لصنف الاحتراف 830.000 وصنف الهواة 122.700 ما عدا الدعم لتطور الانتاجات المسرحية. والدعم لتسيير الفضاءات الخاصة، وربما هذا ما كان يقصده السيد وزير الثقافة بقوله إن المبلغ الذي قرر رصده هذه السنة (عمرو ما صار). ثم ذكر أن هناك ركودا اقتصاديا، هو وزير ثقافة وعليه أن يدرك أن القطاع الثقافي في صلب هذا الركود،الفكر والفن والأدب هي جزء مهم من اقتصاد البلاد، ولا يمكن تهميش هذه المجالات، هو ينادي الفنانين بالخروج من العاصمة لانطلاق الاحتفال الشعبي، هل المسرح بالنسبة للسيد الوزير هو فن للمناسبات الشعبوية والاحتفالات والمناسبات المعينة؟ خاصة في هذا الظرف الاستثنائي، لا يمكننا الركوب على الثورة بعد ما شاركنا لسنوات في تحضيرها والاستعداد لها بموقفنا الملتزم، وعدم وقوعنا في المبتذل رغم كل الصعاب والعوائق التي اعترضتنا، وليكن في علم السيد الوزير أننا نعمل كأي مواطن تونسي نزيه لا ينتظر مناسبة أو احتفال، وقبل أن يعطينا درساً ويطلب منا الخروج من العاصمة، ليته في هذه الظروف الصعبة وهو وزير ثقافة أن يهتم بقطاعه ويتنازل لزيارة الفضاءات الثقافية (المنكوبة) التي لا تبعد الا بعض أمتار عن مكتبه. نحن نقدرالوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد اليوم ومثابرتنا على تقديم عروضنا رغم كل الظروف الصعبة لهي أكبر دليل على حرصنا المساهمة في عودة الحياة الى وضعها العادي. لدينا متخلدات مادية عند وزارة الثقافة منذ أكتوبر 2010 لم نتحصل عليها الى اليوم وها نحن ننتظر بصمت احتراماً للوضع الخاص، لذلك لسنا بحاجة إلى دروس في الوطنية.
٭ الثورة قامت من أجل البطالة والمسرح أيضاً معرض للبطالة اذا اعتبرنا أن المسرح ليس تسلية بل مهنة؟
المسرح مهنة واذا توقف الفنان أو العاملين في قطاع المسرح عن العمل، الفضاء لا يمكن أن يتوقف أو يغلق، ومصاريفه متواصلة، أفنينا عمرنا وجهودنا للحفاظ على هذا الفضاء، كذلك للمحافظة على مستوى معين من المسرح الراقي، محاولين الابتعاد عن الابتذال، واليوم لا بد أن تتواصل الثورة بموقفها ومطالبها، لا مجال للوقوع في ابتذال من نوع آخر تحت ذريعة المساهمة في الثورة، بتهريج وتطبيل كما كانت الأمور في العهود السابقة، لدينا حالياً رغبة أكثر من أي وقت مضى للصعود بمستوى الفن المسرحي كفكر يضاهي هذه اللحظة التاريخية التي لا بد أن نحافظ عليها بدل أن نتعامل معها بشعبوية واستغلال.
٭ زرتم تقريباً جل الجهات داخل الجمهورية مع عروضكم السابقة؟
كان شعار اللامركزية شعاراً رناناً، لكن ما نراه اليوم من المناطق المحرومة يثبت أن تلك الشعارات لم تكن الا شعارات جوفاء للدعاية المقوقعة، عانينا خلال جولاتنا من ظروف صعبة غير انسانية، وكم أتمنى لو يحاول السيد الوزير الاطلاع على الظروف التقنية التي يعاني منها المسرحيون عند تقديم عروضهم في الجهات داخل الجمهورية، ومن أهم الأمور التي لا بد من الانكباب على دراستها وعاجلاً، هي المعدات التقنية داخل الجمهورية، فالأمر لا يخص الفرق المسرحية المتنقلة الى داخل المسارح، لكن أيضاً لا بد من احترام المتفرج الذي له الحق في أن يتمتع بصوت واضاءة وركح محترفين، وتمكنه بأن يكتشف أن المسرح ليس فرجوياً فقط بل هو عمل متكامل وملتزم، وضع فريقه جهداً ووقتاً على أمل أن يرضي جمهوراً أتى خصيصاً للتعرف على هذا العمل بالذات. اليوم كل أهل المسرح لهم الحق بأن يطالبوا بتوفير الحدود الدنيا من فضاءات ثقافية بمختلف أنواعها حتى لا نعمق الهوة بين المتفرج داخل الجمهورية ومتفرج العاصمة، المواطن في كل أنحاء الجمهورية له الحق أن يشاهد الأعمال المسرحية مع ما تستوجبه من متطلبات تقنية وفنية حتى لا يقدم الفنان العرض مبتوراً، وحتى لا يحرم المشاهد من جمالية عرض تمتع به متفرج العاصمة.
٭ هل الوضع المتردي للمسرح هو الذي دفع فضاء الحمراء إلى النداء لحركة احتجاجية من أجل كرامة الفنان؟
أردنا لفت النظر والتأكيد بأن القطاع المسرحي منهك ومدمر، إن الفنانين يعيشون في الضنك والعسر، وأن وضعا استثنائيا يستدعي حلولاً استثناية وعاجلة، قطاع المسرح اليوم هش مهدد بانعدام الأمن، فالمواطن يخشى الخروج لمشاهدة العروض، شبابيك التذاكر شاغرة، الاقتصاد الثقافي منهار، العاملون في القطاع مشلولون، سلطة الاشراف لم تفصح الى اليوم عن أولوياتها ومشمولاتها، لا علامة دالة على ارادة فعلية للخروج بالقطاع الثقافي من الوضع المتردي الذي آل اليه، القوانين والآليات التي تتحكم في قطاع الثقافة أمست إرث الماضي، لأنها وضعت على قياس «الأمير» كوسيلة مراقبة وضغط، الغياب التام لأي مشروع ثقافي في برامج الأحزاب التي تطمح الى السلطة، أصبح الفن والثقافة عرضة للاستهداف من طرف القوى الظلامية، فهي تسمح لنفسها بغلق مسرح، بتوقيف عرض، بمنع برامح تنشيطية...
كلنا معنيون، لم نصمت ولن نصمت، من أجل حياة فوق الأرض لا تحت الطغاة، من أجل الكرامة، من أجل أن يقرر الفنان مصيره، مجموعة آخر ساعة رابطوا الأسبوع الماضي بفضاء الحمرا، لم يبرحوه ولم يتركوا ثياب شخصيات المسرحية، لم تنطفئ أضواء الركح، ثلاثة أيام لم يعرف الظلام طريقه الى الفضاء، حتى يسمع من يسمع، ومن لم يرد أن يسمع، وحتى يفهم من لم يفهم ومن تظاهر بعدم الفهم، بأن الفن مهنة يحترفها الشرفاء، ولها الحق في الاعتراف شكلاً ومضموناً، قولاً وفعلاً، لها الحق أن لا تهمش كالماضي، لكي لا يكون الفنان مطية أشخاص وأنظمة، وكي لا يظل الفنان رهينة مزاجات وزير، ونصف وزير، ونائب وزير، وووو كل من خلفهم. أولئك الذين ينفخون لتنميق واجهات الأنظمة.
٭ قدمتم عرض آخر ساعة دون كلمات ؟
نعم قدمناه دون نص، فالفن الذي لا يسمع أخرس.
٭ كيف كانت ردود الفعل عند الاعتصام ؟
ايجابية جداً، خاصة أن الاعتصام كان في مسرح الحمراء ولم يعطل حركة أو نشاطا، أو يحيد أمن، أو يقوم بشغب، اعتصام حضري، حافظ على مستواه الثقافي بمساندة العديد من المثقفين والفنانين والمفكرين، رجالا ونساء من كل الاتجاهات والأعمار، والكثير من الشباب، ورود ورسائل مساندة وتشجيع من جهات عربية وأفريقية وأجنبية، قدمنا عرض «آخر ساعة» دون كلام، عرض صامت بما أنه لا يمكننا التعبير اليوم فلنصمت، وأريد باسم فريق الحمرا أن أشكر كل من ساند المهنة لتواجدهم وتضامنهم معنا، وسهرهم وبقائهم ليلاً متضامنين ومساندين، تحية لكل هؤلاء الذين يمنحونا الأمل بأننا لا نحصد الهواء، وأننا نمتلك ارادة قوية للمضي قدماً الى مستقبل أجمل وأحلى وأكثر (اضاءة وصوتا).
٭ و رد وزارة الثقافة على الاعتصام ؟
(صمت مطبق من طرف ليلى طوبال، لم تتمكن من أي كلمة للتعبير) وربما الصمت أعمق تعبير وأصدق.
٭ لو كنت وزيرة ثقافة في الوقت الحالي ماذا تفعلين ؟
لو كنت وزيرة، لنظرت حولي لأمتع نظري وسمعي ووجداني بعمل مسرحي تونسي جميل أو فيلم سينمائي تونسي ممتع أو أقرأ كتاباً كتبه روائي أو قصاص أو فيلسوف تونسي، لو كنت وزيرة لحاولت أن أحب وأحترم من يصنعون الحلم. لقلت لكل فنان مبدع: «أنت سيدي وتاج رأسي لأنك أنت من يرفع رأس تونس عالياً، لو كنت وزيرة لاقتلعت قطعة من السماء وقطعة من الأرض لأبني مكاناً للفنان حتى يعيش بكرامة ويبني بكرامة ويفنى بكرامة».
٭ هل هناك اليوم حلول؟
اليوم أعتبر أن الثقافة بلا وزير فهو لا يعلم عن المهنة أي شيء، لذلك على أهل المهنة أن يجدوا الحلول لطريق مسدودة، على أهل المهنة أن يوحدوا جهودهم من أجل قوانين وآليات تنقذ القطاع من الانهيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.