الدكتور والناشط الحقوقي رؤوف حسناوي واحد من وجوه المجتمع المدني النشطين بجهة قفصة خيّر أن ينأى بنفسه عن كل انتماء سياسي حزبي وانشغل بالانخراط في الحياة الجمعياتية وهو صاحب دكتوراه الدولة في الطب والمباشر في القطاع الطبي منذ 30 سنة. الدكتور حسناوي أحد العناصر النشيطة في فرع قفصة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وهو يتحمل مسؤولية نائب الرئيس وهو الرئيس المؤسّس لنادي «الليونس» بقفصة وأحد نشطاء نقابة أطباء الممارسة الحرّة له هوس كبير بالعمل الميداني التواصلي ومساهمات متنوعة في الصحافة. «الشروق» التقت الدكتور والحقوقي رؤوف حسناوي في حوار تطرّق الى جملة من القضايا الراهنة التي تشغل الرأي العام وكانت هذه البداية. في ظلّ تقاطعات الواقع المجتمعي الراهن الى أي مدى يمكن الحديث عن «المواطنة» ودورها كقيمة في افتكاك جانب من الشأن العام المحتكر من الطبقة السياسية؟ في ظلّ المدّ الثوري اتضح أن روح المواطنة وقيمها لم تتجذّر بعد في النسيج المجتمعي مع كل الأسف! في الوقت الذي نرى فيه الحوارات والنقاشات في كل المناسبات قد طغى عليها الهمّ السياسي والحسابات الضيقة المرتبطة بالمصلحة الحزبية وتضخيم الذات والزعامات الواهية.. تونس اليوم تعاني بالأساس من فقدان قيم المواطنة وهو ما يتجلّى في عديد الممارسات التي نعيش على وقعها يوميا بكل ألم فيما تغيب هذه الممارسات وترشيدها عن اهتمامات السياسيين وهو ما يدعو نشطاء الحقل الجمعياتي لملء هذا الفراغ وتحمل مسؤولياتهم التاريخية التي يبدو أن الأحزاب قد تخلّت عنها وجعلت أعينها منصبّة على «كعكة» 24 جويلية وما سيليها من موائد أو ولائم سياسية. الفوضى وهواجس الاستقرار الاجتماعي في ظل ما تعيشه البلاد هذه الأيام من مظاهرات عنف وفوضى.. ما هو تعليقك عليها؟ المؤسسة الأمنية جزء لا يتجزّأ من المعادلة الوطنية ودورها حيوي ومركزي في توفير الاستقرار وضمان أمن المواطنين وفي ظل غياب الأمن لا يمكن أن نتحدث عن تنمية ولا يمكن أن تتكرّس قيم الديمقراطية والحرية وعون الأمن عنصر فعال في إنجاح مسار الثورة ولا يمكن تهميش دوره إذ هو في الأساس مواطن تونسي لا يمكن له أن يكون غيورا على مستقبل الوطن. وما نعيش على وقعه هذه الأيام يعزّز هذا الرأي أما ما يتعلق بمظاهر الاحتجاج والاضرابات المتواصلة فجانب منها هام متعلق بالجانب الاجتماعي ومشكل البطالة فيما تحول مستوى آخر من الاحتجاج الى عنف وتخريب وهو ما يؤرق المواطن التونسي اليوم وهنا نتساءل عن دور الأحزاب في تأطير حركة الشارع وتقديم البرامج الاقتصادية الواضحة والتي تساهم أيضا في دعم الاستقرار الذي يستفيد منه الجميع. وكلنا مطالبون أن نأخذ بعين الاعتبار دقة المرحلة التي نعيشها ونتساءل ولو لمرة واحدة «ماذا تطلب منا تونس؟». إعلام ما بعد الثورة كيف تقيّم أداءه؟ وهل من تصوّر موضوعي لدور الاعلام في هذه المرحلة؟ لقد عشنا عقودا طويلة من التعتيم واضطهاد الاعلام أما اليوم فإني أشعر بكل مرارة باستبداد اعلامي موجّه وغير عفوي وأعتقد أنه آن الأوان أن يفتح ملف الاعلام لوقايته من الالتفاف عليه وحمايته من المطامع وجعله مرفقا عموميا للجميع، فالقاصي والداني يلاحظ احتكارا يكاد يكون كليا لوسائل الاعلام المرئية خاصة من قبل رموز سياسية وجمعياتية مقيمة بالعاصمة تحاول الالتفاف بطريقتها على الثورة وتصوير نفسها الممثل الشرعي والوحيد لثورتنا والمالكة للحقيقة كلها وذلك في سياق استثمار هؤلاء لمواقعهم القيادية اعلاميا باتجاه محطات ومآرب قادمة فيما يتواصل تهميش كفاءات ونخب المناطق الداخلية. نشاطك كحقوقي وكمدافع عن «مبادرة المواطنة» الى أي مدى يدفع باتجاه المساهمة في المحافظة على أهداف الثورة؟ «مبادرة المواطنة» التي أنا فخور بالانتماء إليها تأسّست على الشعارات التي نادت بها ثورتنا ألا وهي القيم المدنية من حرية وكرامة وديمقراطية وهي تهدف الى تعزيز قدرة المواطن على الحفاظ على توجهه المدني الحداثي مع التمسك بالحرية المسؤولة والقيام بالواجب والوقوف ضد محاولات الارتداد الى الوراء وأمام هذا التحدي نحن بحاجة الى صبر يوغرطة وقوة حنبعل وإيمان أسد بن الفرات ووعي شباب الثورة لتثبيت أسس المجتمع المتضامن والمتسامح والمتصالح وتأسيس دولة الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.