في مواسم معينة تتحول بعض أنهج العاصمة الى فضاءات «تجارية» تكثر فيها عمليات البيع والشراء وحركة المواطنين حتى أنها تذكرنا ببعض المركبات التجارية الكبرى لكن الفرق بين هذين المكانين هو مدى وضوح مصادر البضائع و»قانونيتها» ان صحّ القول. وبقدر ما يقبل المواطنون على هذه الانهج الضيقة في فترات العودة المدرسية والاعياد، تكثر احتجاجات التجار المنظمين، ولكن ما قد يشفع لهؤلاء «المتهمين» هو وفرة منتوجاتهم وانخفاض أسعارها. وبكثير من الفضول وبرغبة كبرى في الحصول على إجابة لتقديمها تحولت «الشروق» بين محلات «سيدي بومنديل» لتسأل التجار عن مصادر البضائع وإن كانوا يعتبرون أنفسهم منافسين شرسين كما يدعي الآخرون. في أحد المحلات التي تعترضك عند دخولك هذا المكان وجدنا السيد عبد العزيز الذي أجابنا بتذمر «التجارة الموازية موجودة في كل مكان ولكننا لا نصنف ضمنها بما أننا لا نبيع لا كتب ولا كراريس بل بعض الانواع من الاقلام فقط، اضافة الى أننا نبيع بالجملة بينما تبيع المكتبات بالتفصيل وأسعارنا أقل أولا لانها اسعار بالجملة، وثانيا لانها اقل تكلفة بما أنها غير محلية، أنا أريد أن أربح 5 والمكتبي يريد 20 ثم نحن نشتري من المصدرين وبضائعنا قانونية بما أننا نملك فواتيرها وليس لاحد الحق في أن يقول انها مهربة لا سمح الله. وبتقدمنا وسط الكم الكبير من النساء والرجال والاطفال الذين يتعالى ضجيجهم بين سائل ومجيب وجدنا معز واقفا تحت أحد الجدران خلف «النصبة» التي وضع عليها بضاعته «أنا أشتري بنفس سعر المكتبات ولكن بعضهم يريد ان يربح على حساب الحريف، اما أنا فأربح القليل وأرضي الحريف، انظري كل المنتوجات تونسية 100 من أقلام زينة وكراريس، وأوراق تصوير وبالتالي فهي ليست «كنترة» أبدا، ولكل موسم بضاعته في هذا السوق ففي عيد الفطر أتاجر في الملابس وفي عيد الاضحى أحوّلها الى مواد منزلية، وهكذا دواليك، وذلك لكي لا أبقى عاطلا عن العمل». وغير بعيد عن معز وجدنا السيد مسعود وهو صاحب محل لبيع الملابس وبغضب أجابنا «الامور ليست على ما يرام «النصابة» يقلقون المحلات كثيرا لانهم تجار جملة يبيعون لك ثم يبيعون بجانبك وهم بذلك «يكسّرون» الاسعار وبضاعتي تتراوح بين التونسية والمستوردة ولكنني آسف لمن يرتزق وحده ولا يريد للآخرين أن يرتزقوا». إلا ان الشاذلي يرى العكس تماما فهو على قدر كبير من التفاؤل اذ قال الامور على أحسن ما يرام أسعار المحافظ في متناول الجميع فهي بين ثلاث وستة دنانير وهي أجنبية المصدر والفرق بينها وبين التونسية هو قيمة الاسعار ولا أدري لماذا يحتجّ المكتبيون وهم في الحقيقة يتزوّدون من بضائعنا ونبيع لهم بأقل من السعر الذي نبيع به للمواطنين حتى يربحوا ونربح في نفس الوقت، نحن نموّل بعض المكتبات ونوفّر «للزوالي» مستلزمات ابنائه او حاجياته في مختلف المواسم وأغلب أبنائه او حاجياته في مختلف المواسم وأغلب حرفائنا هم من ذوي الدخل المحدود الذين نوفّر لهم ما يريدون بأسعار يقدرون عليها. ورغم الاتهامات والمبررات المختلفة لا أحد ينكر ان مثل هذه الاسواق تظل دائما رحمة لشريحة واسعة من المواطنين. تحقيق: شهرزاد عكاشة