لم تكن الفتن تتوقف بين الشيعة والسة في بغداد وضواحيها، وفي عهد خلافة المستعصم بالله جدت فتنة من هذا النوع فكلف ابنه أبو بكر باخمادها فهاجم أبرز مقرات الشيعة في ضاحية الكرخ وقتل الرجال وسبى النساء وسك الدماء وهتك الأعراض بما لا يقل فظاعة عما يقترفه المغول. وكان وزير الخليفة مؤيد الدين بن العلقمي من أكابر الشيعة فأثرت فيه تلك الفعلة لذلك يرجح المؤرخون أن يكون ذلك قد دفعه إلى الاتصال بجيش هولاكو واستعداؤه على المسلمين انتقاما من الخليفة السني بالإضافة إلى طموحه الدفين في حكم بغداد. كانت بغداد في الواقع تحت سلطة وزير يكن الحقد للخليفة وقائد جيش غير مؤتمن وهو مجاهد الدين أيبك الدواتدار الذي دبر عدة مؤامرات لقتل المستعصم وتولية خليفة آخر مكانه، كما كان يعمل على تجنيد الرعاع واللصوص لأحداث الفوضى والشغب على الوزير والخليفة. تمت مراسلات سطحية بين الخليفة وهولاكو لا تتضمن سوى تبادل التهديد فيما كان المغول يزحفون كالنمل، وفي هذه المرة عمد هولاكو إلى شراء الذمم بالمال والتهديد فانظم له مسلمون كثيرون في الطريق سواء كانوا من قادة القبائل والمستشارين أو عامة الناس. ولما برز قائد جيش الخليفة لمواجهة المغول شرق بغداد لم يصمد لهم سوى ساعات قليلة ولم يسعه سوى الهرب مع من بقي حيا. وفي يوم الثلاثاء 22 محرم 655 هجري تقدم جيش المغول وأحاط بمدينة بغداد التي لم تكن تتصور حجم الخراب الذي ينتظرها. جعل المغول يهدمون الأسوار من الجهة الشرقية ويرمون الأحياء بالمنجنيقات والنار فراسلهم الخليفة طمعا في تعطيل ذلك لكن هولاكو رفض حتى قراءة تلك الرسائل. وكان في جيش المغول مستشار مسلم هو نصير الدين الطوسي اتصل بالخليفة واقترح عليه إرسال وزيريه سليمان شاه ومجاهد الدين أيبك إلى هولاكو. واستجاب الخليفة طمعا في حل وأرسلهما فخرجا من المدينة مع عدة مئات من أهاليهم ومن سمع من السكان بذلك وكانوا يظنون أنها ساعة خلاص، لكن هولاكو كان قد قرر أمرا آخر.