ظل الخليفة المستعصم رهينة مزاج المغول والعرافين الذي حذروا هولاكو من مغبة قتله. كان التحذير واضحا: إذا أراق هولاكو دم الخليفة فستحل عليه لعنة قاتلة وستحل بالأرض مصائب بلا نهاية. وهنا يتفق أغلب المؤرخين على أن المغول قتلوه في النهاية دون إراقة قطرة من دمه مع اختلافات صغيرةفي الروايات, فالبعض يقول إنه وضعوه في غرارة ودفنوه حيا لكن الأغلبية تذكر أنهم وضعوه في عدل وأمروا به فرفس بالأقدام وضرب بالهراوات حتى مات ودفنوه في مكان مجهول وذلك يو 14 صفر 656 هجري. والمتفق عليه أنهم دفنوه في مكان تعمدوا إخفاءه كما هي عادتهم في قتل الملوك والأمراء. وقد بين العديد من المؤرخين والدارسين الأوروبيين أن المغول قد قتلوا الخليفة العباسي دون إراقة قطرة من دمه ودفنوه في مكان مجهول لاعتقادات دينية خاصة بهم. وقد بين المغول أن الخليفة لم يكن يساوي لديهم شيئا منذ تسليمه المدينة ومصائر الناس, لكنهم كانوا مترددين في قتله لذلك جعلوا يذلونه عمدا وأمام المسلمين قصد إذلالهم جميعا. اهتز العالم الإسلامي على سقوط الخلافة وقتل الخليفة, الذي كان في أسوأ الحالات يمثل السلطة الروحية التي تجمع المسلمين من أقاصي الهند حتى وسط أوروبا. أيا كانت شخصية الخليفة وطريقته في الحياة فقد كان يمثل رمزا ليس للمسلمين فقط بل لأتباع كل الأديان الذين كانوا بشهادة كل المؤرخين والدارسين يعيشون في أمان كامل في ظل الخلافة الإسلامية. لم يكن المستعصم سوى رمز لمؤسسة عريقة لدى المسلمين منذ أبي بكر الصديق, لقد عرفت هذه المؤسسة أوقات ضعف عديدة وأحيانا طويلة لكنها في النهاية ظلت تستمد قواها الروحية من مشاعر المسلمين عبر أرض الإسلام الواسعة وحاجتهم إلى من يمثل الإسلام لذلك كان وقع قتل الخليفة مدويا, كما كان دمار بغداد بيد المغول كارثة إنسانية رددتها الآفاق والرواة لما كانت تمثله هذه المدينة من مركز علم وفن وحضارة منذ عدة قرون. أما هولاكو فسوف يموت بعد ذلك في شتاء عام 663 هجري, أي بعد حوالي سبع سنوات من قتله الخليفة وتخريب بغداد مات في ظروف يلفها الغموض. فقد أصابته حمى غريبة فاجتمع حوله العشرات من الأطباء لعلاجه دون جدوى.