... في ظلمة ليل حالكة السواد... شاحنتان مثقلتان بماشية مسروقة تترنحان بأضوائهما الخافتة باحدى المسالك الفلاحية... تنزلق احدى العربتين لرداءة الطريق وتنقلب ومع سقوطها علا صياح الاغنام ووصل ثغاؤها الى مسامع الفلاحين المتضررين... فهرول صغارهم وكبارهم نحو مكان الحادثة وطوقوا ماشيتهم التي تعرضت للسرقة حتى استبدّ بهم الغيظ... فاضرموا النار في الشاحنة الاولى... ثم الثانية... ولولا تدخل رجال الأمن بحفوز الذين كانوا معززين بأعوان من حرس الشبيكة وجلولة في الوقت المناسب لتوسعت دائرة الانتقام لتصل الى تعرض المعتدين الى العنف وربما الى القتل. هكذا تتالت صور الاحداث بسرعة مثيرة كما رواها لنا شاهد عيان في الليلة الفاصلة بين يومي الخميس والجمعة. وحسب نفس المصادر التي افادتنا ان ثمانية أنفار تتراوح أعمارهم بين 17و58 سنة من جهة حاجب العيون جمعتهم رغبة الاستيلاء على ممتلكات الغير بالقوة باستعمال العصي وأسلحة بيضاء وحتى بنادق صيد لترويع الفلاحين وللاستيلاء على اغنامهم... ففي الساعات الاولى من فجر يوم الجمعة وحسب ما جاء في اعترافات المشتبه بهم الذين غنموا عدة رؤوس من الماشية من أماكن معروفة بالاحواز الريفية من معتمدية حفوز واستعملوا شاحنتين لنقل المسروق. وأثناء عودتهم كان لهم القدر بالمرصاد حيث انزلقت احدى الشاحنتين وانقلبت على مستوى الطريق الفلاحية الرابطة بين منطقتي الشريشيرة والجداودة... ففزعت الاغنام وصاحت فاسترعت انتباه وسمع المتساكنين الذين تجمعوا وطوقوا المكان... فشلوا حركة بعض العناصر وتحصن البعض الاخر بالفرار... ولما تيقنوا من أن قطعانهم قد استهدفت... استبدّ بهم الغيظ واضرموا النار في الشاحنة الاولى... ثم الثانية الىأن حل رجال الحرس بحفوز وكانوا معززين بزملائهم من أعوان الشبيكة وجلولة... فحجزوا كل المسروق واوقفوا العناصر التي وقع السيطرة عليها والامساك بها. اعترافات وسوابق بالجملة أمرت النيابة العمومية بالقيروان مركز حرس حفوز بتعهد في القضية والبحث في كل ملابساتها وقد اتضح للاعوان من خلال ابحاثهم الاولى أن المشتبه بهم الاربعة من ذوي السوابق وقد صدرت في شأنهم برقيات تفتيش في قضايا خطيرة ومتعددة الى جانب اعترافهم الكامل والمفصل بعمليتهم الاخيرة وقد اقروا كذلك بتنفيذهم لعمليات مماثلة وسابقة في عدة جهات بالوسط والشمال ويفرطون ما يغنمونه من ماشية بالبيع للجزارين في مدن مجاورة بالتعاون مع شركائهم الفارين. وقد جاء في أقوال المتهمين انهم تسوغوا شاحنة على ملك سيدة تقطن بالقيروان المدينة لتنفيذ اغراضهم. وقد اتضح بعد جلبها وبتضييق الخناق عليها بأنها على علم تام ومسبقا بكل الاعمال المحظورة التي يقوم بها أفراد العصابة وتأخذ نصيبها مقابل خدمات وسيلة النقل التي وفرتها لهم... فتم الاحتفاظ بها مع جملة الموقوفين لاستكمال بقية الابحاث في شأنهم في انتظار ان تتم احالتهم على السيد حاكم التحقيق بالقيروان بعد أن اسندت لهم تهم عديدة من بينها تكوين وفاق للاستيلاء على الأملاك والاشخاص باستعمال أسلحة بيضاء والتهديد ببنادق صيد. وقد وقفنا مع هذه العملية على انشراح جموع الفلاحين المرابطين بالقرب من مركز الحرس والذين ذاقوا لوعة فقدانهم لأرزاقهم ومواشيهم في السنوات القليلة الماضية.