تعيش بلادنا حراكا سياسيا واجتماعيا غير مسبوق تحتلّ فيه المرأة مكانة هامة سواء من حيث فعالية حضورها في مواقع العمل والأسرة والمجتمع او من حيث المسؤولية المنوطة بعهدتها لتحقيق الانتقال الديمقراطي لبلادنا. ولعل انتخابات المجلس التأسيسي هي من أهم المحطات التاريخية التي نعيشها لأول مرة والتي تتطلب حضور المرأة بفعالية أيضا حتى تكون هي الأولى بالحفاظ على مكاسبها والمطالبة بتحقيق المزيد ولعل الاحزاب والمجتمع المدني هما من المجالات التي استقطبت اهتمامات أخرى كانت لها الأولوية سابقا «كالموضة» والتجميل والحفلات وغيرها.. «الشروق» تناولت موضوع المرأة والحياة السياسية من خلال الحديث الى ناشطات في الحقل السياسي في الملف التالي: أفادت السيدة هاجر الكرّاي (حزب المستقبل) انه يوجد حراك سياسي واجتماعي شدّ المرأة التونسية هما دفعها الى الانخراط في الأنشطة السياسية وتكوين جمعيات ومواكبة الندوات والاجتماعات حتى أضحى حضورها أكثر من الرجل. وأكدت ان الاهتمام بالموضة وبالتجميل أصبح مسألة ثانوية أمام العناية بالسياسة. وقالت: «ان هذا الشكل من الاهتمام كان نتيجة عدم قدرتها على الانخراط في الحياة العامة». وذكرت ان اليوم اصبح المجال مفتوحا لتمارس جميع الأنشطة شأنها شأن الرجل كما انها تشعر بالمسؤولية تجاه هذه المرحلة الحساسة التي تعيشها البلاد وبالتالي يتعيّن عليها ان تكون فاعلة داخله وحاضرة بالفكر والممارسة. وأشارت الى ان أغلب النساء انخرطن رغم الضغوطات والمسؤوليات كالأسرة والأبناء في النشاط السياسي وأنا كمرأة في حزب أدعّم هذا الحضور وأشعر بالفرحة لما تقوم به حاليا. وذكرت انه رغم المبادرة الذاتية من المرأة للمساهمة في الحياة السياسية يوجد خوف او تردد من ممارسة السياسة من المرأة بالجهات. ولاحظنا في عملية استقطاب النساء بالجهات ان هناك ترددا في الاختيار وتطالب بوقت للتفكير وكأنها تنتظر استشارة الزوج الذي ربما ينتمي الى حزب آخر. او تستشير العائلة التي تنتمي الى حزب معيّن. ورأت أنه لاشيء يمنع من ان تنتمي الزوجة الى حزب والزوج الى حزب آخر. لأن الحياة الزوجية تحتمل الاختلاف في الافكار والتعايش بسلام. وقالت: «ان المحادثات مع النساء أبرزت أنها لم تحدد بعد من ستنتخب». وأضافت: «اقترحت في إطار التوافق مع الجمعيات تحسيس النساء بأهمية الانتخابات ففوجئنا بالرفض على خلفية ان ليس لهم دوافع سياسية بينما نحن نريد تحسيس النساء وليس القيام بعملية انتخابية والنيّة هي الوصول الى المرأة بالجهات وليس ممارسة السياسة. صناعة أفادت ريم بورالي (حزب المبادرة) انه حان الوقت أن تستغل المرأة جميع قدراتها وكفاءتها في المساهمة الفاعلة في صناعة مستقبل البلاد. ورأت ان المرأة مطالبة بأن تبرز للجميع أنها ناضلت ودرست وافتكت مكانتها للمساهمة في مرحلة ولادة هذه البلاد بعد مخاض عسير. وقالت: «إن في حزبنا منحناها موقعها الحقيقي لم نبعث هيكلا يهم المرأة بل هي موجودة في الهياكل الكل حتى تشارك في صنع القرار ولا يكون القرار مسقطا». وحول الضغوطات التي تعيشها المرأة اليوم خاصة في فصل الصيف مع عطلة الأبناء يجب ان يكون الرجل متفهما ومتعاونا مع الزوجة في إطار تقاسم الأدوار حتى يتسنى للمرأة امكانية ممارسة النشاط الحزبي او الجمعياتي الذي لا نعتبره في هذه المرحلة كصدقة يمنّ بها الرجل عليها بل هو استحقاق من منطلق ضرورة مشاركة المرأة في صناعة مستقبل تونس. وما لاحظته من خلال نشاطي الحزبي ان المرأة لازال لديها تردد ناتج من المجتمع ككل وليس الرجل فقط ربما لأنها مرت بفترة من الاضطرابات التي عاشها المجتمع التونسي جرّاء الانفلات الأمني والذي انعكس سلبا على توجه المرأة نحو العمل الحزبي والجمعياتي. وأضافت ان عودة الاستقرار والهدوء جعلت النساء يقبلن على الممارسة السياسية والمطالبة بالتواجد في الأحزاب. وأشارت الى أن النساء يتساءلن حول امكانيات المساعدة من منطلق اختصاصهن لتقديم الاضافة وإيصال المرأة الى برّ الأمان والحفاظ على المكاسب التي هي اولى بالمساهمة في الحفاظ عليها. وأفادت فوزية البجاوي الكاتبة العامة للنقابة الأساسية لموظفي وعمال الاتحاد الوطني للمرأة أن المرأة مطالبة اليوم بالمساهمة في بناء مستقبل تونس من خلال الحرص على المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي. ورأت انه لابدّ من دعم هذا الطلب من خلال دعم تواجد المرأة في مواقع القرار وتشريكها في صناعة تونسالجديدة وفي المقابل لابدّ من التفكير في تهيئة الارضية الملائمة التي تمكّن المرأة من الاضطلاع بمهامها على أكمل وجه مع الحفاظ على أسرتها وتنشئة ابنائها تنشئة سليمة. وأضافت انه آن الأوان لتشارك المرأة في الحياة العامة انطلاقا من أسرتها الصغيرة الى الأسرة الكبيرة. وقالت: «ان مبدأ التناصف هو حق يجب العمل على بلوغه لأنه اذا كانت المرأة جديرة بأن تحتل اي منصب كان وتتواجد بمواقع القرار فلا مانع ان ينتفع المجتمع من قدراتها وكفاءتها». وختمت بأن مشاركة المرأة في الحياة السياسية يمكنها من الحفاظ على مكتسباتها.