قرر الاستاذ بن حسانة من عنده تكفير مليار ونصف مسلم سني، ونسبه الى الشيعة بلا بينة، وزاد على ذلك ان حرف الحديث الذي أورده عن الامام جعفر بن محمد الصادق (أستاذ مالك وابي حنيفة) واستبدل لفظ الناصبي بلفظ السني، وهو عمل فيه مكر وخسة، اتباعا لمواقع وهابية وسلفية مأجورة، تعمل بكل جهد لإحداث فتنة بين المسلمين، في محاولة لا اراها بريئة من جانبه. وتمادى ابن حسانة في نسقه التحريضي، بان زاد تعريف الناصبي، نقلا عن تحرير الوسيلة للامام الخميني رضوان الله تعالى عليه، (اي السني) بين ظفرين، جاعلا المسالة كما راها له الوهابية من تحصيل الحاصل، وهذا محض افتراء وبهتان، يخجل منه كل من يخشى الله ورسوله (ص)، ويتحرى في ان يكون مادة فتنة، يتحمل تبعاتها يوم القيامة. واذا كان الناصبي بالتعريف الذي ذكره العلماء الاعلام، واجمعوا عليه، فما وجه الضرر الذي سيلحق بالمسلمين السنة، طالما انه لا ينطبق عليهم حقيقة، والناصبي كما اسلفنا ذكره مدعاة براءة من كل المسلمين، فمن يقبل ان يكون طرفا في عداوة اهل بيت النبي ے ومحاربتهم أو سبهم، وهم من وجبت علينا مودتهم كأجر للنبي ے على اداء رسالته الينا، وقد نزل في ذلك قوله تعالى: {قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة في القربى}. سورة الشورى الاية 23 لم تغب تهمة تكفير الصحابة عن مائدة الاستاذ بن حسانة، طالما ان القوالب جاهزة على المواقع الوهابية، وهو المحامي الذي لا تعوزه الحيلة في تبرئة موكله المدان وتخطئة البريء. تعتبر عقيدة المسلمين الشيعة في الصحابة، من اوسط العقائد الاسلامية، فهي تنطبق تماما مع ما نزل في شانهم من قرآن وسنة مطهرة، فلا مجال للغلو فيهم بالاعتقاد انهم كلهم عدول مرضي عنهم، كما لا مجال للحط من منازلهم، التي اهلتها لهم اعمالهم، كل بحسب جهده وما قدمه لنفسه. والصحابة كما هو معلوم، هم الجيل الاول من المسلمين، الذي لا يختلف في شيء من التكليف عن بقية الاجيال الاسلامية، فالكل ساعون الى الله تعالى، ولا فضل لجيل على اخر الا بالتقوى. والصحبة في نظر المسلمين الشيعة، لا تتحقق الا باللقاء والمصاحبة مدة من الزمن، ينطبق عليها معنى الصحبة، فلا يعد صحابيا من راى النبي ے ولم يعاشره. والصحابة ليسوا كلهم عدولا، لأنهم متفاوتون في الايمان، وقد نزل فيهم من القران ما نزل تكريما وتقريعا، واخبر عن حال بعضهم النبي صلى الله عليه وآله، ما رجح نظرية اهل البيت عليهم السلام في اختلاف الصحابةوتفاوتهم.وهذه ادلتنا: الدليل القرآني: قال تعالى: «وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين». آل عمران الاية144 فقد أجمع المفسرون على ان الاية نزلت في احد لما ارجف بان النبي ے قد قتل.، ففر اغلب الصحابة من ميدان المعركة والتمسوا جبل احد ومنهم من امعن في الفرار مسافة ثلاثة ايام. لم تتوقف الاية عند ردة الصحابة الفارين من معركة احد، بل واخبرت بما يفيد الغيب ان هنالك ردة اخرى ستظهر منهم سوف تعقب وفاة النبي ے. قال تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} (الفتح الاية 26). تحدثت الآية الكريمة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الذين معه، وعددت لهم من الصفات والخصائص الجليلة والعظيمة، ما يرجح عدم اتصاف الذين معه بها جميعا، لأن الآية عادت إلى التخصيص في نهايتها بعد التعميم في بدايتها بالقول: «وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما». واختصارا لما ورد بشان الصحابة في القران اورد آيتين: قال تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين} (الجمعة الآية 11). قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}.. {ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون} سورة الحجرات الاية2 /4 أما ما جاء في السنة النبوية المطهرة بشأن الصحابة، فيكفي ان نستعرض احاديث الحوض التي اخرجها ارباب الصحاح وغيرهم، لنقف على وجاهة القول بأن عدالة كل الصحابة، امر مخالف للنصوص الواردة بشانهم. ثلاثة من أهم أحاديث الحوض: الرواية الأولى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني فلأقولن أي رب أصحابي أصحابي فليقالن لي انك لا تدري ما أحدثوا بعدك .» مسلم ح 2304 ج4 ص1436 وح 2297 وح2241 من الجزء الرابع من جامعه الرواية الثانية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بينما أنا قائم جاءت زمرة فحال رجل بيني وبينهم فقال هلم قلت أين قال إلى النار والله ، فقلت وما شأنهم فقال انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا جاءت حال رجل بيني وبينهم ، فيقول : هلم، فأقول: أين؟ فيقول إلى النار والله .فأقول وما شأنهم؟ فيقول: انهم مافتئوا يرتدون بعدك على أدبارهم القهقرى (وفي الثالثة يقول صلى الله عليه وآله): «فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم.» أخرجه البخاري ج 4ص142 كتاب الدعوات باب الصراط. يتبع