تفاءلنا بعد الثورة.. انتظرنا ان تنتفض القنوات التلفزية الوطنية لتقدم اعلاما مغايرا يأخذ في اعتباره ويراعي التطورات التي حصلت في بلادنا. ولكن يبدو ان الثورة فاجأت الاعلاميين الذين لم يكونوا مستعدين للتأقلم مع المستجدات الحاصلة... طبعا نحن لا نريد التعميم فهناك اشارات مضيئة هنا وهناك ولكن ما يمكن ملاحظته بوضوح هو ان جل القنوات التلفزية صارت اذاعات حيث غابت الصورة التي هي العمود الفقري للفضاء البصري... فيمكننا مثلا ان نتابع نقاشا او حوارا او طاولة مستديرة او مستطيلة دون ان نكلف أنفسنا عناء النظر! بل قناة مثل حنبعل ابتدعت شكلا جديدا يتمثل في الحديث عن المباريات دون بث لقطة واحدة! أما الملفات الحوارية فتكاد تكون مستنسخة : الضيوف أنفسهم يكررون الظهور وإعادة الكليشيات ذاتها والمذيعون الذين كانوا مختصين في الطبخ والكليبات وغيرها صاروا محللين استراتيجيين ويحاورون بعض الضيوف دون خلفية فكرية او ثقافة سياسية بل ان أحدهم اختص في محاورة زعماء وأمناء الاحزاب وممثليهم اعتمد أسئلة محددة تكرر في كل حلقة لينتهي حديثه بشكر السادة والسيدات على «حسن المتابعة» لا صورة ولاهم يحزنون... لا تصورات جديدة... لماذا هذا القحط في الافكار ولماذا هذا الكسل داخل استوديوهات ملت من الكلام وملّ الكلام منها... التلفزة يا سادة قليل من الكلام كثير من الصور والمشاهد وتعليق يغني قليله عن أطنانه.