قررت بعض المؤسسات الصناعية الاستثمارية المنتصبة بمدينة القيروان الرحيل وطرد العمال بطرق وتعلات مختلفة بين تغيير المقر وتغيير التسمية... فمن يحمي العمال؟ القيروان الشروق: تعودنا ان نسمع بإضراب عمال بمؤسسة ما عن العمل من اجل مطالب مهنية او غيرها، لكننا لم نسمع يوما بإضراب عمالي يطالب بالعودة الى العمل وفتح المؤسسات من اجل الاشتغال والانتاج. هذا الأمر شهدته المنطقة الصناعية بمدينة القيروان مؤخرا. حيث وجد عمال أكثر من مؤسسة، أنفسهم على قارعة الطريق دون مورد رزق او حقوق او تغطية اجتماعية بسبب قرار فردي من المشغلين بالرحيل وحزم الأمتعة بينما يعتمد آخرون أساليب ملتوية عن القانون للتلاعب بمصير العمال وبموارد الدولة من الضرائب ومنح الاستثمار. التفاف على القباضة وعلى العمال فقد تجمعت 120 عاملة بمعمل للخياطة بالقيروان (آس آف تي إي) بمقر ولاية القيروان لمطالبة السلط الجهوي بالتدخل لضمان حقوقهن لدى المؤسسة المشغلة لهن. وذلك اثر قرار المؤسسة تغيير حرف واحد في اسم الشركة. ولعلها مقدمة لإعلان الإفلاس والتهرب من ترسيم العاملات اللاتي يعملن بها منذ سنة 2007. خاصة وان هذا المعمل اقدم قبل 4 سنوات على تغيير الاسم وفق تأكيد احدى العاملات التي قالت انها تشتغل مع صاحبة المؤسسة منذ سنة 2001 ومع ذلك فهي لم تتمتع بالترسيم ولا بالتغطية الاجتماعية. وطالبت العاملات بان تضمن السلط الجهوية حقوقهن لدى أصحاب المؤسسة. وقد أقدم المشغل على اغلاق المؤسسة والدخول في عطلة اجبارية قبل أوانها. وذلك بعض رفض العاملات الامضاء على وثيقة تسلمنها من ادارة المؤسسة، تتضمن إقرارا منهن بحصولهن على جميع مستحقاتهن المالية مقابل تسليمهن مبلغ 500 دينار تشمل اجرة شهر جوان والمنح والساعات الاضافية واجرة أسبوع في شهر جويلية. وامام رفض العاملات الإمضاء على الوثيقة تم اغلاق المؤسسة لتجد العاملات أنفسهن في وضع العملة لا هن يشتغلن ولا هن تحصلن على مستحقاتهن. والغريب في الأمر انه تم عقد جلسات تفاوض بين ممثلين عن تفقدية الشغل والطرف النقابي وممثل عن السلط الجهوي. غير أن إدارة المؤسسة قاطعت الجلسة لان المديرة قالت انها لا تعترف بالقانون التونسي وفق تأكيد احدى النقابيات وهو ما يثير استفهامات كثيرة منها ان كانت المؤسسات الاستثمارية المنتصبة في تونس لا تعرف بقانون تونس فبأي قانون تعترف اذن ومن يضمن حقوق العمال(؟). ويطالب العمال بالعودة الى العمل دون اية شروط سوى تجديد العقود حسب ما هو متفق عليه. دون التلاعب واعتماد اساليب ملتوية للتهرب من الضرائب بشكل يخيف العمال حتى وان كانت النوايا صادقة. «الشعب يريد العمل» اعتصام آخر شهدته مؤسسة «كابلتاك». وهي مؤسسة ألمانية تعمل بمنظومة المناولة منتصبة بالمنطقة الصناعية بالقيروان. وقد فوجئ أكثر من 500 عامل بالمؤسسة بتوقف العمل وشروع ادارة المعمل في نقل الالات وافراغ المخازن من المواد الاولية التي كانت تستخدم وذلك بمجرد مغادرة العمال للمؤسسة ودون سابق انذار او إعلام. وأمام إصرار إدارة المؤسسة على الرحيل، فقد تركت العمال معتصمين داخل المعمل منذ ايام ثم غادر الإطار الداري والمشرف دون ان يتم التفاوض او ضمان حقوق العمال. وقد اعتصم العمال (500 عامل) الى جانب عمال آخرين تم طردهم سالفا، داخل المعمل ليلا ونهارا. وقد كانت بعض العاملات الأمهات مصحوبات بأطفالهن. ورابط العمال بالمعمل وكلفوا من يتحدث باسمهم لإيصال مشكلهم الى السلط الجهوية. لكن لم يتم حل المشكل ولم يؤدي التفاوض الإداري العقيم الى اية نتيجة تنهي اعتصام العمال المطالبين بالعمل. وقال العمال انهم عملوا بهذه المؤسسة منذ اكثر من عام قدم بعضهم خلاله تضحيات من الجهد والوقت من ساعات اضافية واجور دنيا دون ان يشتكون. ورفعوا شعار «الشعب يريد العمل». «نريد ان يعود المعمل الى الاشتغال لانه ليس لدينا اي مورد رزق غيره»، يمرر العمال نداء الاستغاثة بعضهم من أصحاب الشهائد العليا وبعضهم ممن انقطع مبكرا عن الدراسة. ورغم انهم ليسموا مرسمين ولا يتمتعون بالتغطية الاجتماعية، فانهم لا يطالبون سوى بعودة المؤسسة الى الاشتغال. وقد شبهوا هروب مديري المؤسسة بهروب المخلوع... وقد قرروا الإقامة في المعمل خشية ان يقوم بإخراج الآلات والسلع أثناء غيابهم. من يحمي الحقوق... من الهاربين وما يثير الغرابة هو ان إدارة المعمل قررت إيقاف العمل والحال ان عقود العمال لم تنته بعد (23 جويلية موعد نهاية العقد). وبينت احدى العاملات ممثلة عن زملائها، ان مشغلهم طلب منهم الدخول في عطلة على ان يتم استئناف العمل في بداية شهر أوت. ورغم رفضهم المقترح حسب تأكيدها، فان صاحب المؤسسة فاجأ الجميع وهو يحمل اطنانا من السلع وينقلها الى الشركة الام بسوسة. وقال العمال «انه سرق عرقنا ونطالب بعودة المعمل الى القيروان لانه يريد الهروب الى سوسة وان نلحق به الى هناك... وفي القيروان ليس لدينا مؤسسات مشغلة». واكدوا انهم لم يضربوا عن العمل ورضوا بهضم حقوقهم وساندوا صاحب المؤسسة في بداية العمل...