قررت عديد المؤسسات الاستثمارية المنتصبة بالقيروان الرحيل وطرد العمال لأسباب بعضها معلوم وبعضها في حكم المجهول. معملين للكابل ومعمل للخياطة ومعمل الأحذية يلوح بالسفر ومعمل الورق...ويخشى أن تأتي البقية وتشرد العمال في شوارع العاطلين. وفي الوقت الذي ينتظر فيه أن تفتح الثورة باب التنمية والاستثمار على مصراعيه أمام شباب القيروان المعطل الذي سدت في وجهه أبواب الشغل. وأمام العائلات المفتقرة لموارد الرزق، بدأت ولاية القيروان تفقد موارد رزق أبنائها في انتظار تدخل المسؤولين لحل هذه المعضلات.
فمع كل شهر يمر في ظل عدم الاستقرار وغياب رؤية شمولية واضحة للمسؤولين عن الاستثمار وغياب أرضية واضحة للتفاهم وتذليل الصعوبات، تزايد عدد العمال المطرودين وتراجع عدد المؤسسات الاستثمارية المنتصبة بولاية القيروان وتحديدا بالمنطقتين الصناعيتين بطريق الباطن وطريق تونس.
آخر ما أعلن في هذا الصدد قرار معمل الكابل «يورا» الكوري، يقرر طرد أكثر من 1600 عامل ويلوح بنقل المعمل إلى جهة أخرى بتونس أو الخروج من تونس إلى المغرب. وقد شرع في تنفيذ هذا الوعيد من خلال البدء التدريجي في نقل بعض الآلات وتخفيض الإنتاج. في الوقت الذي فوجئ فيه العمال بهذا القرار ومن دون سابق إعلام. ليجدوا أنفسهم على شفا الطرد التعسفي من المؤسسة.
ثم متظاهرين أمام مقر ولاية القيروان. ثم مطالبين بحقوقهم المهنية تحت أزيز الرصاص المحذر من الاقتراب من مركز السيادة الذي يستقر فيه السيد الوالي. وهو المسؤول الذي لجأ إليه العمال يحملون جوعهم وهمومهم وأطفالهم وترملهم ومعاناتهم وحرمانهم عسى يقدر على ضمان حقوقهم قبل ان يفر المستثمر على أمل أن يفلح هذه المرة في إقناع المستثمر بالعدول عن فكرة الرحيل بعد رحيل نظيره الألماني «كابلتاك» في غفلة الانتخابات وتحت أكثر من غطاء وأوله صمت الجهات المعنية من تفقدية الشغل ووكالة الاستثمار والاتحاد والسلط الجهوية رغم انه تم تمكين العمال المطرودين من منحة ظرفية.
الشعب يريد العمل
وحسب العمال (1608 عامل) فان قرار أصحاب المعمل الكوريين انطلق اثر مطالبة العمال بمستحقاتهم في زي العمل وفي المنحة الليلية والساعات الإضافية وهي مستحقات يراها العمال أنها من صميم حقوقهم. وهو ما رآه أصحاب المعمل تصعيدا خطيرا من قبل ممثلي النقابة وطالبت بطرد أعضاء النقابة بسبب نشاطهم النقابي في المعمل.
إحدى العاملات قالت أنها شرعت منذ انطلق المعمل في العمل قبل 4 سنوات وقالت أنها ضحت طيلة هذه السنوات وأن ما تريده هو العمل. وأكدت أن العمال هم من حموا المعمل أيام الثورة ولم يتعرض إلى أضرار. وقال آخر أن هذه الفترة هي فترة ترسيم عدد كبير من العمال بعد تمضية 4 سنوات من التعاقد. ولكن بدل ذلك قرر أصحاب المعمل التوقف عن العمل بدل ترسيم العمال. وقد أصبح العمل متقطعا تمهيدا لحالة توقيف الآلات.
وطالب العمال بان يتم إعادتهم إلى العمل رغم الظروف الصعبة وأكدوا أنهم عبروا من خلال اعتصامهم أمام مقر الولاية عن مطلبهم إلى السلط الجهوية لتتخذ القرار المناسب من اجل إنقاذهم من الطرد والبطالة. خاصة وان هؤلاء ينتظرون جملة استدراك من احد المسؤولين الذي قالوا للعمال أن صاحب المعمل من حقه أن يغادر (يحمل الجمل بما حمل) وان السلط الجهوية لا تملك قدرة على منعه وأنها لا تملك قدرة على ضمان حقوق العمال. ومع ذلك تواصل التفاوض في إطار تحرك سلمي للعمال الذين لم يطلبوا سوى حقهم في العمل من المؤسسة التي تتمتع بامتيازات ومنح منها ما هو جبائي (5سنوات عمل دون جباية) منحة استثمار بقيمة 25 بالمائة من قيمة المشروع إضافة إلى العقار الذي حصلت عليه بالدينار الرمزي دون الحديث عن الأجرة الزهيدة.
فهل سيكون موسم رحيل المستثمرين وطرد العمال؟ أم سيكون موسم مضاعفة الاستثمار ودعم الاستقرار المشجع على ذلك؟