نفذ أمس عدد هام من الصحافيين التابعين لمختلف الوسائل الاعلامية التونسية وقفة احتجاجية أمام مقر النقابة الوطنية للصحافيين تنديدا بالاعتداءات المتكرّرة في أكثر من مناسبة على الصحافيين من قبل أعوان الأمن. أكد المتظاهرون أن الاعتداء بالعنف الشديد والاهانة من قبل أعان الأمن رغم استظهار الزملاء بالبطاقات المهنية فيه مسّ من كرامتهم وحدّ من حرية الاعلام ومحاولة لتعتيم اعلامي خدمة لمصالح معينة موضحين أن ضرب الصحافة هو ضرب للثورة وللديمقراطية خاصة أن الاعتداء كان متعمّدا ومتبوعا بالاصرار من قبل أعوان الأمن. واعتبر جلّ الصحافيين أن مثل هذه الممارسات تعدّ وصمة عار في وجه المؤسسة البوليسية القمعية وفي وجه الحكومة الموقتة وفي هذا الصدد أكد السيد ابراهيم خصومة (صحافي بالتلفزة التونسية) أن وزارة الداخلية ليست الوحيدة التي اعتدت على الصحافيين في أكثر من مناسبة من خلال أجهزتها الأمنية وحرصت على تعطيل مهامهم خاصة بعد ما تعرضت له الصحافية نعيمة عبد اللّه الجويني من إهانة من قبل الوزير الأول الباجي قائد السبسي وبالتالي فإن الاعتداء على الصحافيين هو سلسلة تسعى أطراف مهنية على تواصلها خدمة لمصالح خاصة في ظل تعتيم إعلامي. من جانبه أكد السيد محمد بوعود (رئيس تحرير جريدة «الرسالة») أن ما وقع هو أمر مقصود لكبح ما يمكن تسميته ب«ربيع الاعلام» في تونس وأضاف أن عديد الأطراف في الحكومة لم تستوعب أن ينتقدها صحافيون اعتقدت طيلة 50 عاما أنها دجّنتهم وأخرست أصواتهم ووجهت أقلامهم. وما حدث سيدفع الى الأمام بحرية الاعلام وسيجعل من التشبث بها أمرا رئيسيا لكل الصحافيين التونسيين والحكومة أول من يعلم أن قمع الاعلام وضرب الصحافيين لا يزيد إلا توتيرا للمناخ والعودة بالبلاد الى الوراء. التفاف أما صبري الزغيدي (صحافي بجريدة «الشعب») فقد صرح أن الشعب التونسي يوم 14 جانفي حسب أن في تحرّر الأحزاب وتحرّر الاعلام هي البداية من أجل انتقال ديمقراطي حقيقي لأن أي انتقال ديمقراطي يجب أن يضمن حرية الاعلام أساسا ولكن من ليس لهم مصلحة في هذا الانتقال وفي إعلام حر ونزيه انطلقوا في ضرب كل امكانيات ترسيخ الديمقراطية في تونس وإعلام حرّ وهم بقايا نظام بن علي ورجال أعمال فاسدون و«بارونات» أمنية بوزارة الداخلية ليلتفوا على هذه الثورة وليعرقلوا استكمال مهام الشعب التونسي. وأضاف صبري قائلا «لم يكتفوا بانتهاك الحقوق الاجتماعية و«خبزة» الصحافي بل تجاوزوا ذلك لينتهكوا حرمة الصحافي المعنوية والجسدية عند أداء مهامه وإتلاف وسرقة تجهيزاته كحلقة من سلسلة جملة انتهاكات الاعلام» ودعا كافة الصحافيين الى توحيد صفوفهم والالتفاف حول نقابتهم للدفاع عن حقوقهم المهنية والدفاع عن حق الشعب التونسي في إعلام حرّ ونزيه وتأمين الانتقال الديمقراطي المنشود. عبد الستار العياري (صحافي بجريدة «القدس العربي») هو أحد شهود العيان للاعتداء الذي وقع على الصحافيين أكد أنه انتقل الي القصبة منذ الساعات الأولى ليوم الجمعة ولاحظ حالة استنفار وحالة تشنّج قصوى وسط أعوان الأمن لم يعهدها من قبل وأضاف أن هناك قرارا بمنع أي تغطية صحافية للأحداث وبمنع الاعتصام تحت أي ظرف رغم أنه وخلافا لما تمّت الاشاعة له فإن المتظاهرين لم يكونوا مسلحين ولم يبادرو باستعمال العنف وقال «ما حدث كشف القناع إذ هناك مشروع لإجهاض الثورة انكشفت وجوهه وتعمل وزارة الداخلية على تدعيمه في محاولة منها للانقلاب على الشعب». وصمة عار من جانبه صرّح السيد صالح الخريجي (محرّر وثائقي بوكالة تونس إفريقيا للأنباء) أن ما حدث هو عار على الحكومة الانتقالية وعلى وزارة «القمع» وزارة الداخلية وأشار الى أنه كان على عين المكان يوم الجمعة والمظاهرة كانت سلمية والمبادرة بالاعتداء كانت من قبل أعوان الأمن. وحمّل المسؤولية كاملة للحكومة وعلى رأسها فؤاد المبزع وقائد السبسي. واعتبر السيد الخريجي أن ما حدث هو بداية امتصاص للثورة وعودة الى العهد البائد، وختم حديثه معنا بعبارة «لن نستسلم». رفض أما السيدة نجيبة الحمروني رئيسة النقابة فقد أكدت أن الوقفة الاحتجاجية للصحافيين تدخل في إطار سلسلة من التحركات الاحتجاجية التي انطلقت يوم الجمعة إثر الاعتداء على مجموعة من الصحافيين وأبدت رفضها لأي شكل من أشكال الاهانة للصحافيين التونسيين قائلة أن السلطة لم تقبل بعد التعامل مع الصحافة بعد مرحلة الانتقال الديمقراطي وأن الاعتداءات غير مبرّرة وكانت مقصودة. وهو ما أيده السد ناجي البغوري (صحافي وعضو بهيئة اصلاح الاعلام والاتصال) مندّدا بعملية الاعتداء مشيرا أن هناك محاولة التفاف على الثورة وعودة الاستبداد لا فقط كنظام أمني وسياسي وإنما ثقافي باعتبار أن ثقافة الاستبداد تعود اليوم من خلال قمع الصحافيين لأن الاعتداء تمّ بدرجة أولى من الحكومة وأدواتها ثم من أحزاب سياسية تحاول رفع قضايا بالصحافيين وتحاول التضييق عليهم في حالة أنهم لم يكتبوا بطريقة تروق لهذه الأحزاب الى جانب الاعتداءات التي يتعرض إليها الصحافيون بالجهات من قبل بعض المواطنين على غرار ما تعرضت له احدى الصحافيات في ولاية قفصة حيث تمّ احتجازها وفي مثل هذا المناخ التي أصبحت فيه الصحافة مستهدفة من جميع الأطراف أمام عدم حمايتها من قبل الحكومة فإنه لا يمكننا الحديث عن حرية إعلام. وقال السيد البغوري «هناك مفارقة في هذا المجتمع ففي الوقت الذي يطالب فيه الجميع بصحافة حرة وبصحافيين مستقلين ويتمتعون بالجرأة ونقل الحقيقة فإن الجميع يحاول استخدام الصحافة وضرب استقلاليتها وتوجيهها وجعلها بوق دعاية لهم».