عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا وَأَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَاهُنَا امْرَأَتَيْنِ قَدْ صَامَتَا وَإِنَّهُمَا قَدْ كَادَتَا أَنْ تَمُوتَا مِنَ الْعَطَشِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ سَكَتَ ثُمَّ عَادَ وَأُرَاهُ قَالَ بِالْهَاجِرَةِ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهُمَا وَاللَّهِ قَدْ مَاتَتَا أَوْ كَادَتَا أَنْ تَمُوتَا قَالَ ادْعُهُمَا قَالَ فَجَاءَتَا قَالَ فَجِيءَ بِقَدَحٍ أَوْ عُسٍّ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا قِيئِي فَقَاءَتْ قَيْحًا أَوْ دَمًا وَصَدِيدًا وَلَحْمًا حَتَّى قَاءَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى قِيئِي فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ وَدَمٍ وَصَدِيدٍ وَلَحْمٍ عَبِيطٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى مَلَأَتِ الْقَدَحَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللَّهُ وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمَا جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فَجَعَلَتَا يَأْكُلَانِ لُحُومَ النَّاسِ). حذرنا القرآن الكريم من آفات اللسان وأمرنا بصون ألسنتنا من أمراضها ومنها الغيبة قال تعالى (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ).الحجرات/ 12 .والغيبة من فعل غاب وغابه أي ذكره بسوء في غيابه وهي مرض يستبد بكثير من الناس فتجدهم يتتبعون عورات الناس وينهشون أعراضهم نهشا ويتحدثون بنقائص العباد في الخلق والخلقة ويشيعونها وينشرونها باللسان . قال النبي في حديث رواه مسلم ( أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال : ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته).كما أن الغيبة لا تقتصر على اللسان فقط بل تشمل الإشارة باليد والإيماء والغمز والهمز وكل ما يفهم المقصود من الاستنقاص والسخرية . إن علاج النفس من هذا الداء الخطير يتم بتذكر وعيد الله تعالى للمغتابين وما ينتظرهم من سخط وعذاب , وليعلم كل واحد سولت له نفسه اغتياب الناس أن الغيبة محبطة لحسناته يوم القيامة فإنها تنقل حسناته إلى من اغتابه بدلا عما استباحه من عرضه فإن لم تكن له حسنات نقل إليه من سيئات خصمه وهو مع ذلك متعرض لمقت الله عز وجل ومشبّه عنده بآكل الميتة. فالغيبة محرّمة لا محالة ولكنّها في حقّ الصائم أشدّ حرمة , ولهذا قال النبي في حديث رواه البخاري :( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) . فالتقرّب إلى الله بترك المباحات لا يتمّ ولا يكتمل إلا بعد التقرّب إليه بترك المحرّمات.