تجمع أمس عدد كبير من الأساتذة امام وزارة التربية وفي ساحة محمد علي وفي شارع الحبيب بورقيبة رافعين شعارات تمجّد شرعية نضالاتهم وتحمّل الحكومة مسؤولية التوتر في العلاقة بينها وبين الأساتذة الذين قاطعوا امتحانات الثلاثي الأول وقد يضطرون الى مواصلة الاضرابات ومقاطعة الامتحانات ما لم تستجب الحكومة لمطالبهم القديمة والتي سبق وان تم التفاوض في شأنها وحسمها لكن الحكومة تتجاهل تنفيذ ما تم الاتفاق فيه . ان هذه الأزمة التي تلقي بظلالها على المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد تكشف عن غياب طرف ثالث يعدٰل الأوتار في أزمات كهذه واعني به رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي لعب في السابق دورا في نزع الفتيل في الكثير من محطات الخلاف بين الاتحاد العام التونسي للشغل وخاصة نقابات التعليم والحكومة وهو الدور المفقود اليوم اذ تحول الصراع الى ما يشبه معركة كسر عظام ستكون لها تداعيات كبيرة وخطيرة على مستقبل العام الدراسي . كما تكشف هذه الأزمة استسهال الحكومة للاتفاقيات مع الطرف النقابي سواء التي وقّعتها او التي ورثتها عن الحكومات المتتالية فالخلاف مع نقابات التعليم وخاصة الثانوي والأساسي اصبحت مسلسلا سنويا كانت نتيجته الهروب الجماعي للمواطنين نحو مؤسسات التعليم الخاص التي انتشرت في البلاد بما فيها قرى صغيرة في اقصى الصحراء وهو ما يكشف عن أزمة هيكلية عميقة يعيشها قطاع التعليم ،المصعد الاجتماعي طيلة سنوات والذي بنى تونس وطبقتها الوسطى خاصة . واذا كانت الحكومة مدانة في تجاهلها للاتفاقيات التي تم توقيعها فان اتخاذ التلاميذ كرهائن لتحسين شروط التفاوض مرفوض بدوره وكذلك " الخطاب الحربي " الذي يستعمله بعض القياديين في نقابة الثانوي لا يليق بالمربين ولابد من البحث عن ارضية مشتركة لتجاوز هذه الازمة التي لن تكون الاخيرة ولا الوحيدة بين الاطراف الاجتماعية وحكومة فاقدة لأي سند سياسي باستثناء حركة النهضة وحزبي المبادرة ومشروع تونس واذا تواصل هذا الصراع العبثي فان البلاد ستكون في مواجهة المجهول !