أشرف السيد حاتم بن سالم وزير التربية مؤخرا بضاحية قمرت على افتتاح أشغال الندوة الوطنية لانطلاق البرنامج المدرسي النموذجي متعدد الآليات للتصدي للتسرب والفشل المدرسيين والتي حضرها عديد من الخبراء والفاعلين من تونس ومن فرنسا في اطار لجنة القيادة المتعلّقة بوضع نموذج لبرنامج عملي ثلاثي الأبعاد حول التصدّي للفشل والتسرّب المدرسي (M-3D) الذي يستهدف شريحة من التلاميذ ممن تتراوح أعمارهم بين 5 و 16 سنة يتمحور حول: الدعم المدرسي/مكتب مرافقة وإصغاء الى التلاميذ/ تعليم تدارك ودعم. و ثمن وزير التربية جهود منظمة اليونيسيف والوكالة الايطالية للتنمية والتعاون والسفارة البريطانية بتونس وكافة الخبراء المتعاونين للمساعدات التي ما انفكوا يقدمونها لوزارة التربية قصد مساعدتها على تطوير إطار منهجي و تقني وعملي لإرساء آلية داخل المؤسسات التربويّة قصد مقاومة التسرّب والفشل المدرسيين و وضع آلية خاصّة بالحدّ من هاتين الظاهرتين. يتم من خلالهما العمل على معالجة أسبابهما والأخذ بيد هذه الشريحة من الأطفال عبر مقاربة نفسية واجتماعية وبيداغوجية ودراسة مدى نجاعة البرامج والأنشطة العلاجية التي تم تفعيلها ضمن النظام التربوي التونسي استنادا إلى التقييمات التي بينت أنه رغم تحسن مردود المدرسة التونسية بصفة ملحوظة وإرساء التعليم الأساسي ما زلنا نسجل نسب انقطاع مرتفعة بالنظر الى ما ترصده المجموعة الوطنية للمدرسة العمومية. وأكد السيد حاتم بن سالم أن المقاربة التي تعتمدها وزارته هي مقاربة شاملة تقوم على إحكام الربط بين مكونات المنظومة التربوية ومد الجسور بين مسالكها بما يمكن هيكليا ومؤسساتيا من الانتقال بينها وعبر هذه المقاربة الشاملة يتغير مفهوم الانقطاع بتوفير مؤهلات ومهارات تعد المنقطعين للانخراط في سوق الشغل عبر مدرسة الفرصة الثانية. وهو مشروع نموذجي تشتغل عليه وزارة التربية مع شركائها. وفي هذا الإطار تمت برمجة زيارات عمل عدد من الخبراء الراجعين بالنّظر إلى اليونيسيف والمركز الدولي للدّراسات البيداغوجية "CIEP " وممثلين عن وزارة التربية ووزارة الصحة العمومية ووزارة الشؤون الاجتماعية الى بعض الجهات التي سجّلت نسبة مرتفعة من الهدر المدرسي. وهي جندوبة وقفصة وقبلي وبنزرت وأريانة وسوسة والقيروان وقابس قصد القيام بدراسة ميدانية عبر إجراء مقابلات ولقاءات مع مسؤولين من المندوبيات الجهوية للتربية المعنية ومديري مؤسسات تربويّة ومدرسين وأخصّائيين نفسانيين ... وينقسم برنامج عمل هذا الفريق إلى خمس مراحل: -المرحلة الأولى: دراسة ميدانية متأنّية حول هذه الظاهرة والبحث في أسبابها. ويشمل هذا النشاط 21 مؤسسة تربوية تشكو من هذه الصعوبات قصد بلورة فكرة واقعية عن الوضع التربوي داخل المؤسسات التربويّة المعنية. -المرحلة الثانية: مساعدة النموذج ودعمه. -المرحلة الثالثة: مرافقة الفاعلين في بلورة تصوّر وسائل المعالجة الضرورية والعملية لهذا النموذج. -المرحلة الرابعة: تكوين الفاعلين في هذا البرنامج عبر مختلف الوسائل بغرض وضعه قيد النشاط في المدارس الرائدة. -المرحلة الأخيرة: مرافقة الخبراء على وضع البرنامج قيد النشاط بالمؤسسات التربوية المستهدفة. أهداف الزيارات الميدانية لخبراء اليونيسيف -العمل على بلورة فكرة واقعية عن الوضع التربوي داخل المؤسسات التربويّة المعنية. برنامج العمل الاجتماعي في الوسط المدرسي مثل هذا البرنامج نقطة أساسية في أنشطة الخبراء خلال الندوة. وهو برنامج يهدف الى مقاومة ظاهرتي الإخفاق المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة وكل مظاهر عدم التكيف المدرسي. مكاتب الإصغاء بين الموجود والمنشود تطرق السيد مجيد النقاش المستشار الأول للإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي خلال الندوة الى مفهوم الإصغاء. حيث أشار الى أن مفهوم الإصغاء وقع تطويره في ضوء أعمال عالم النفس الأمريكي Carl Rogers. ومداره مساعدة المصغى إليه على التعبير عن مشاعره وأحاسيسه تصريحا وتلميحا . مكاتب الإصغاء والإرشاد بالوسط المدرسي فضاء مرافقة للتلاميذ ومساعدتهم على معالجة جملة الصعوبات التي تعترضهم نفسيا ودراسيا واجتماعيا وصحيا. ومن أهداف مكاتب الإصغاء والإرشاد مقاومة الفشل المدرسي والتصدي للانقطاع عن الدراسة وحماية المراهقين من المخاطر الصحية والانحرافات السلوكية وتيسير بناء جسور التواصل بين المتعلم ومحيطه المدرسي والأسري والاجتماعي. وفي إشارة منه الى واقع مكاتب الإصغاء -رغم أهمية العمل الذي تقوم به- تم التطرق الى مسألة عدم توفر فضاء ملائم لائق لنشاط الإصغاء والمرافقة إضافة الى الحضور غير المنتظم لأعضاء مكاتب الإصغاء وضعف التنسيق بين الأطراف المتدخلة مع القراءة الانتقائية للمناشير والمذكرات مما انعكس سلبا على تصورات الفاعلين التربويين لعمل هذه المكاتب. لماذا الحديث عن التمايز البيداغوجي في ندوة حول اضطرابات التعلم؟ أشار الخبير التربوي السيد هشام الشابي خلال إشرافه على ورشة عمل حول التمايز البيداغوجي في اطار الندوة المشار اليها الى أن المدرسة هي الفضاء المناسب. حيث يحدد المعلم العقبات التي يواجهها التلاميذ ويشخص صعوباتهم. ويمكنه بالتالي أن يقدم مساعدة مبكرة جدًا لتجنب الفشل أو حتى التسرب من المدرسة. وهذا هو أحد الأهداف الاستراتيجية لوزارة التربية التونسية، في سياق اجتماعي متغير. ووفق وجهة نظر السيد هشام الشابي بعد ذلك سيسمح التمييز بين طرق التدريس بتقليل احتمال تعرض التلاميذ الى صعوبات مدرسية أو لمنع تطور صعوبات بعض هؤلاء التلاميذ (بمن في ذلك التلاميذ الذين يعانون من اضطرابات) والحد بالتالي من آثار صعوبات التعلم والتشخيص السريع للاضطرابات. وركزت المشاركات في ورشة العمل على أشكال التمييز التربوي، دعما لنتائج البحث. وأكد المشاركون على أهمية صياغة أنماط بيداغوجية خصوصية ومجموعة متنوعة من أساليب العمل من أجل تقليص الاختلافات بين التلاميذ. واقع الدمج المدرسي وآفاقه أبرزت السيدة الهام بربورة المتفقدة العامة بوزارة التربية أن التقييمات لبرنامج «الإدماج المدرسي لحاملي الإعاقة» انطلقت منذ 2009 و بينت وجود عديد الثغرات مست كل الجوانب المفهوميّة والاصطلاحية والقانونية والتشريعيّة والتنظيميّة والمؤسسية والتربوية والبيداغوجيّة والتعليميّة. وقد بدأ العمل على استشراف البدائل والحلول استئناسا بالتجارب العربيّة والعالمية الأكثر نجاحا. (اليونيسف، والاتحاد الأوروبي، والمنظمة الدولية إعاقة وإنسانية). وتطرقت المحاضرة الى الصعوبات التي واجهت هذا البرنامج ومن أهمها اختزال مفهوم ذوي الاحتياجات الخصوصية في فئة واحدة. وهي ذوو الإعاقة في حين يشمل المفهوم فئات أخرى على غرار ذوي اضطرابات التعلّم والموهوبين. أدوات لاستكشاف اضطرابات التعلم أشارت الخبيرة التربوية السيدة ميري الى أن قرب المعلمين من الأطفال يجعلهم الأقدر على تحديد هذه الاضطرابات. وعرجت على أهمية التواصل مع الفاعلين التربويين المشاركين في المدارس التجريبية للمشروع M3D ، وللتفكير في أدوات لتحديد اضطرابات تعلم محددة (اضطرابات Dys) ، تتماشى مع السياق التونسي. أهمية مشاركة خبراء وزارة التربية وفاعليها التربويين في تفعيل هذا البرنامج ميدانيا أشار السيد حاتم عمارة المدير العام للمرحلة الإعدادية والتعليم الثانوي في اختتام أشغال الندوة ونيابة عن السيد وزير التربية الى ضرورة اعتماد نتائج هذه الندوة كمرجعية في إعداد النموذج الخاصّ بالتصدّي للتسرّب والفشل المدرسيين M-3D و العمل على تعيين لجنة تقنيّة مصغرة لمتابعة أنشطة الخبراء الميدانية للمؤسسات التربويّة معنيّة بهذا البرنامج. ويتمّ على إثرها اتخاذ القرارات ووضع آليات عملية للتقدّم في إنجاز المطلوب لوضع نموذج مستحدث يأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل جهة وكل مؤسسة تربوية. - تركيز خلايا المرافقة في المؤسسات التربوية المستهدفة في أقرب الآجال. والعمل على تنظيم ورشة عمل تحسيسية حول أهميّة مشروع (M-3D) تستهدف المتفقدين والمستشارين في الإعلام والتوجيه والمدرسين والقيّمين وممثلي وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحّة وتكوينهم في هذا المجال بغرض إنجاح وضع نموذج للتصدي للانقطاع والفشل المدرسيين.