الكاف (الشروق) لكل منطقة تقاليدها وعاداتها في الاستعداد لشهر رمضان وكما يقال «كل بلاد وأرطالها».ومدينة الكاف من المدن التي لها تاريخ عريق وتقاليد في الاحتفال بهذا الشهر مازالت راسخة في الذاكرة الشعبية إلى اليوم. ففي مدينة الكاف كان يعيش عديد السكان من غير المسلمين (يهود ومسيحيون) إلا أن شهر رمضان كما يقال «فراز الأديان»إذ أن المسلم يبرز في هذا الشهر الكريم لتميزه عن بقية المتساكنين بعبادته وتقاليده.فقبل أسبوعين من دخول رمضان تنطلق الاستعدادات لهذا الشهر فتبدأ ربات البيوت في تنظيف الدار وتحضير «عولة رمضان» من توابل وفلفل وزيتون وكل ما يتعلق ب»فاح البرمة» كما يتم تشبيب الأواني النحاسية. صاحب الطاحونة بدوره يحضر الطاحونة التي كانت مبنية بالحجارة فينقشها وينظفها لرحي البسيسة والبرغل والفريك والقمح إلى غير ذلك من المواد التي يكثر استهلاكها في هذا الشهر.فقديما كان من العيب أن يشتري الرجل الخبز أو بعض الحاجيات التي يمكن تحضيرها في البيت ومن يفعل ذلك يكون عرضة للسخرية من جيرانه وإن صادف أن اشترى أحدهم خبزة «شهوة رمضان» فإنه يخفيها تحت ثيابه خوفا من ضحك الآخرين وحتى لا يقال «دارو فرغت حتى من السميد».بدوره صاحب المقهى يقوم بشراء أواني جديدة ويحضر مكان الفداوي ويعلن عن ذلك بواسطة»البراح» الذي ينادي في السوق أن في المقهى الفلاني ستقام الفداوي طيلة شهر رمضان .في الحمام يستعد أيضا صاحبه من خلال تحضير الحطب أكثر من العادة لأن الناس يقبلون على الاستحمام بكثرة قبل دخول رمضان فينظف «الزقاق» ويعرف في أماكن أخرى ب»الفحل» ويبقى الحمام يشتغل طيلة 24 ساعة في شهر رمضان للرجال مع تخصيص حصة واحدة صباحية للنساء .العطار بدوره يصفف بضاعته ويتزود بالمواد الغذائية على غير العادة لأن الاستهلاك يزداد أكثر.وهكذا يدخل الجميع في حركة دائمة إلى أن يحين «يوم القرش» وهو يوم 29 من شهر شعبان ويقال»اليوم القرش وغدوة طيان الكرش»فيجتمع الناس أمام دار الشرع مساءا في انتظار إعلان القاضي عن دخول أول أيام رمضان بعد سماع الخبر من قاضي الأهلة من نابل فيدوي صوت المدفع إيذانا بدخول شهر الصيام وهو مدفع تركي نادر مازال موجودا إلى اليوم ويقال عند سماعه «يجعلنا من صيامه على عدد أيامه»