المقروض القيرواني جزء لا يتجزأ من حياة القيروانيين بل هو أحد معالم الإرث القيرواني. هنا يقول الكاتب المرحوم حسين القهواجي، وهو أصيل الجهة وذلك في احد كتاباته «للمقروض القيرواني أكثر من حكاية». «الشروق» مكتب القيروان: «كان العسل يجلب مصفى في قرب الماعز من جبل وسلات المعطاء، أما زيت الزيتون فتدفع به معاصر دار السبوعي بالبادية الفيحاء المسماة العلا»، وتأتي التمور فوق ظهور القوافل قادمة من توزر، أرض «دقلة النور» التونسية المميزة، وتحط الرحال في «ذراع التمار» والرحبة الفسيحة في أرض عقبة، وترسل أرياف القيروان والولايات المجاورة قمح «فريقيا». وتزدهر محلات صنع وبيع المقروض أواخر أيام شهر رمضان الكريم ويقضي صاحب المحلّ ساعات طوال حتى صبيحة يوم العيد واضعا في الحسبان حريفا غريبا يجلبه الطريق من الشمال او الجنوب. إقبال كبير إقبال المواطن على «المقروض القيرواني الأصيل» لا يزال مستمرا ويعرف طلبا متزايدا حيث تشهد المحلات المختصة في صناعته حركية كبيرة حتى الساعات الأولى من يوم العيد ليظلّ بذلك أفضل الحلويات التقليدية التي يستقبل بها القيروانيون عيد الفطر. حسونة الأحمر أصيل معتمدية الشبيكة جاء خصيصا لشراء المقروض لاستقبال عيد الفطر يقول تلك هي العادة «الله لا يقطعلنا عادة» فمائدة العيد لا تحلو الا وقد زينتها اطباق المقروض الأصيل سيّد الحلويات. أما محمد قوبعة أحد زائري القيروان وجدناه يقتني المقروض من احد المحلات المعروفة يؤكد أنه محلّه المفضل منذ ما يزيد عن العشرين عاما مضيفا «ان المقروض القيرواني لا تضاهيه أية نكهة أخرى رغم توفره ببعض المحلات المتواجدة على الطريق. ويضيف ان زوجته أوصته أن يقتني المقروض القيرواني خصيصا وهو مارّ بالجهة. محمد البريني أحد الصنايعية في أشهر وأعرق محلات صنع وبيع المقروض قضّى 35 سنة بين تفاصيل صناعته واعداده يحدثك عن «حكاية عشق» بينه وبين هذه «الصنعة» دون كلل او ملل رغم ما تخلفه من تعب. يقول متحدثا ان صنع المقروض لا يزال يحافظ على نكهته لدى محلاته بالقيروانالمدينة والمعروفة بالاسم دون منازع وقد واكبت هذا النوع من الحلويات تطور الاذواق فأصبح الحديث اليوم عن أنواع وأصناف تفوق ال15 نوعا حيث لم تعد مكونات المقروض القيرواني تقتصر على السميد والدقيق وزيت الزيتون والتمر والقرفة والسكر والشحور والجلجلان وماء الزهر الفواح، فأصبحنا نشاهد أنواعا معروضة مدوّن عليها النوع فهذا مقروض اللوز ومقروض الشامية ومقروض النخالة ومقروض السمن ومقروض زيت الزيتون ومقروض الدرع وغير ذلك من المذاقات. ارتفاع أسعار المقروض أنواع وأصناف شهدت ارتفاعا في الأسعار كنتيجة منطقية لارتفاع أسعار المواد الأولية من زيت قطانية وزيت زيتون وتمر وفواكه جافة ويد عاملة .هكذا تحدث كمال الشريف أحد «الصنايعية» بمحل صنع وبيع المقروض»الزيتونة» مشيرا الى أن الأسعار تتراوح بين 3800 للمقروض العادي و20.000 بالنسبة لمقروض اللوز الأبيض. محمد الشابي وهو أحد الزبائن اكد أن أسعار المقروض ارتفعت بما لا يقل عن 1500 و2000مي للكيلو الواحد علما وان هنالك بعض المحلات تعمد الى استعمال الزيت المدعّم ,كما لم تقع الزيادة في السميد الا أن ارتفاع الأسعار كان في قارورة الغاز الطبيعي المستعمل بكثرة في عملية القلي. ويشير المتحدّث الى أن الرقابة الصحية شبه مفقودة خاصة بالنسبة لمن يصنعون المقروض داخل بعض المنازل لا تتوفر بها الشروط الصحية ومتواجدة أساسا بالأحياء الشعبية ليتولوا لاحقا بيعها بمحطات النقل وبالشارع وبالأسواق. المقروض الدياري صامد ولئن أصبحت المحلات المعدة لصنع المقروض قبلة العائلات والاسر القيروانية أيام العيد التي تنافس المقروض الدياري وذلك بسبب تعب ربات البيوت أيام شهر رمضان وضيق الوقت الا ان هناك من السيدات اللواتي لا يفوّتن فرصة صنعه بالبيت كما جرت العادة, حيث تقول منجية وهيبي: «اعتدت المحافظة على صنع المقروض بالبيت لان به نكهة خاصة وظروف اعداد صحية أفضل الى جانب تلك «اللمّة» العائلية بأجوائها الحميمية ليلة العيد مضيفة أنه ورغم انتشار محلات بيعه بالمدينة الا نها تفضّل أن تستقبل العيد بالمقروض الدياري من صنع يديها.