في احد الايام استيقظ هارون الرشيد فزعا من نومه وحكى لطبيبه انه رأى رؤيا افزعته وقص عليه انه رأى كفا فيها تربة حمراء خرجت من تحت سريره وقائلا يقول هذه تربة هارون غير ان طبيبه النصراني جبريل بن بختيشوع طمأنه وحدثه ان ذلك من اضغاث الاحلام . وفي عام 193 هجري كان الرشيد مسافرا الى خرسان وعندما حل بمدينة طوس بالقرب من نيسابور اعتل وشعر بوطأة المرض ونظر حوله فهاله ما يرى من طبيعة الارض ولون تربتها وتذكر رؤياه فاستدعى خادمه الامين مسرور وطلب منه بان يأتيه بشيء من تربة هذه الارض فعاد وبيده تربة حمراء ومدها لهارون فلما رآها قال هذه والله الكف التي رأيت والتربة التي كانت فيها . وعندما شعر بدنو اجله وكان في دار حميد بن ابي غانم الطائي امر بحفر قبر له في براح الدار وبعد الانتهاء من حفره نظر اليه وقال يا ابن ادم تصير الى هذا ، ثم امر ان يقرؤوا القران في قبره فقرؤوه حتى ختموه وهو على محفة على شفير القبر، وما لبث ان فاضت روحه فدفن هناك. وقد قال بعض المؤرخين انه مات بمرض الدم وقيل بالسل وقد كتم الطبيب جبريل ما به من علة ولم يطلع عليه الرشيد ورغم انه شك في الامر وأراد ان يعرف علته فان الطبيب لم يصارحه بذلك حتى اضطر الرشيد الى خداعه بان طلب من احد اعوانه ان يأخذ ماء بوله الى الطبيب جبريل ويدعي انه ماؤه هو ويسأله عن علته فقال جبريل للرجل في لحظة غفلة هذا مثل ماء ذلك الرجل وان هذه العلة لا يعيش صاحبها الا اياما . توفي الرشيد وهو في الخامسة والاربعين من عمره ولم يكن سقمه طويلا ولم تكن علته واضحة الامر الذي دفع الى اثارة الشكوك حول وفاته ان كانت طبيعية ام مات مقتولا ام كان هناك اهمال في علاجه . وقد تضاربت الاقوال ونسجت الروايات في تحديد سبب الوفاة فقال البعض ان عددا من انصار البرامكة تآمروا عليه بعد نكبتهم عبر طبيبه جبريل غير ان ذلك يصعب تصديقه خاصة ان جبريل النصراني ظل الطبيب الخاص لابنه الامين . وقال اخرون ان هارون اعتل فجأة وهو في الطريق الى خراسان وفي طوس زادت علته ومات. ولعل افضل من يلخص حياة الرشيد في كلمات ما اورده المسعودي في مروج الذهب « كان الرشيد مواظبا على الغزو والحج واتخاذ المصانع والابار والبرك والقصور في طريق مكة ومنها عرفات ومدينة النبي فعم الناس احسانه مع ما قلده به من حوله ثم بنى الثغور ومدن المدن وحصن الحصون مثل طرطوس واذنة وعمر المصيصة ومرعش واحكم بناء الحرمين وغير ذلك من دور السبيل والمواضع للمرابطين واتبعه عماله وسلكوا طريقته وقفته رعيته مقتدية بعمله مستنة بامامته فغمط الباطل واظهر الحق وانار الاسلام وبرز على سائر الامم ...» . ______________________ قائمة المصادر والمراجع : هارون الرشيد الخليفة المفترى عليه : حسن عبد الغفار . / لماذا قتل هارون الرشيد جعفرا : سعيد اسماعيل صيني ./ هارون الرشيد الخليفة الذي شوه تاريخه عمدا : منصور عبد الحكيم ./ هارون الرشيد الخليفة المفترى عليه : الامين محمد عوض الله ./ هارون الرشيد خليفة الجدل : هشام اصلان ./ هارون الرشيد امير الخلفاء واجل ملوك الدنيا : شوقي ابو خليل ./ موسوعة هارون الرشيد : سعدي ضناوي ./ هارون الرشيد الخليفة العالم والفارس المجاهد : محمد رجب البيومي ./ هارون الرشيد : احمد امين . انتهى