كنت ناقشت في الحلقة الأولى من هاته السلسلة من المقالات البحثية التلوث البحري وتأثيره على استمرار الحياة على الأرض، واتعرض في هذا لخطر المواد البلاستيكية على الكائنات الحية المتواجدة بكوكبنا كما سأقوم بنشر بقية المقالات والتي يبلغ عددها عشرة تباعا ايمانا مني بان الكتابة يمكن ان تؤثر وتساهم في اخذ قرارات شجاعة ننقذ بها كوكب الارض كما انها لها دور مهم في التنمية البيئية حيث نبين قضايا ومفاهيم لها أهميتها في علاقة الانسان بالبيئة وكيفية العمل على تنمية البيئة واستثمار مواردها بالشكل الصحيح، معتمدين منظورا تحسيسيا يأخذ بعين الاعتبار فكرة المحافظة على البيئة والعمل على استدامتها وننبه الى الوضع البيئي الكارثي الذي وصل اليه كوكب الأرض . تنقسم المواد البلاستيكية إلى قسمين رئيسيين هما: -1 البلاستيك المرن حراريا: والذي يتميز بتأثره بدرجات الحرارة العالية، حيث ينصهر وتعاد قولبته من جديد عند تبريده، ومن أهم أنواع البلاستيك المرن حرارياً "النايلون" الذي يستخدم في صناعة الخيوط والحبال والمنسوجات والمطاط الصناعي والزجاج المقاوم للكسر، و"البولي ايثلين «، الشائع استخدامه في إنتاج الملابس وأكياس التسوق والعلب ولعب الأطفال وأنابيب الري وفي تغليف الأسلاك الكهربائية. ومن أهم أنواع البلاستيك المرن حرارياً والمعروف اختصاراً PVC المستخدم في صناعة أنابيب الصرف الصحي، وكذلك المستخدم في صناعة المطاط الصناعي والدهانات ومواد التنجيد والعوازل الكهربائية والجلود الصناعية، كما شاع استخدام" كلوريد الفينول الأحادي" كمادة دافعة في علب رش المبيدات والعطور ومثبتات الشعر. 2 -البلاستيك غير المرن حرارياً: هذا النوع من البلاستيك يقاوم درجات الحرارة العالية ولا يمكن قولبته مرة أخرى، ومثال ذلك "الملام ينات "المستخدم بكثرة في المطابخ لصنع أواني الطعام والكراسي والطاولات، وكذلك" الطفلون "المقاوم للحرارة العالية والكيمياويات المختلفة والذي يستعمل في كسو أواني الطهي وفي بعض المعدات الصناعية وفي المحركات. أيضاً من أهم أنواع البلاستيك غير المرن حرارياً المستعمل في إنتاج الأدوات الكهربائية وكذلك الشائع استعماله في صناعة العوازل الحرارية والبلاستيك المقوى. مخاطر المواد البلاستيكية على الإنسان والبيئة: ان المكونات الأساسية والمواد المضافة للبلاستيك أثناء عملية التصنيع والتشكيل تتسبب في مشاكل صحية للكائنات الحية، كالمواد المضافة من ذلك المحسنات الكيميائية التي تكسبها القساوة المطلوبة أو المرونة أو اللون أو يجعلها مقاومة لتأثيرات الضوء والحرارة، كما ان التخلص من المواد البلاستيكية بالطرق التقليدية كالحرق والطمر ينجم عنه انبعاث عدد كبير من الغازات والمواد السامة، مما يؤثر بشكل مباشر على الكائنات الحية والأحياء المائية. ان مشكلة التلوث بالمواد البلاستيكية تعد من المشاكل البيئية المعقدة تدل الدراسات انه يتم إنتاج زهاء بليون كيس بلاستيكي في العالم سنوياً، وأن هذه الأكياس ينتهي بها المطاف في مكاب النفايات. ودلت التجارب المخبرية أن مادة" فورمالدهايد اليوريا «! تتحلل عندما تتعرض لأشعة الشمس أو الحرارة، وهذا التحلل يحدث في الغالب جراء ملامسة الأطعمة والأشربة الساخنة لتلك المواد، وهذا التلوث الكيميائي الخطير ينتج عنه تسمم للأطعمة والتسبب في حدوث مشاكل صحية معقدة، أهمها زيادة فرصة الإصابة بالعقم ومرض السرطان وخلل التوازن الهرموني في الجسم واضطرابات في الجهاز العصبي وخلل في القدرات العقلية وضعف المناعة اننا نحذر من استخدام أكياس البلاستيك، وكذلك أكواب البلاستيك لنقل أو حفظ أو تناول الأغذية أو الأشربة فيها، حيث تبين احتواء تلك المواد الغذائية الموجودة في البلاستيك على تراكيز مرتفعة من متبقيات البلاستيك، وبسبب سهولة ذوبان البلاستيك في المواد الدهنية في الجسم فإنها تستطيع التغلغل لداخل جسم الإنسان والتسبب بحدوث انعكاسات صحية خطيرة. تلك الدراسات الطبية خلصت إلى بعض الحقائق العلمية، من أهمها ضرورة تجنب ملامسة المواد الغذائية للبلاستيك، وكذلك منع استخدم الآنية البلاستيكية في أفران الميكروويف ومنع وضع الماء في قوارير بلاستيكية وتبريدها أو تجميدها في الثلاجة. ثلوث المحيطات بسبب البلاستيك: مشكلة التلوث في المحيطات والبحار ما زالت موجودة ويجب أن يتكاتف العالم لحلها، المشكلة تكمن في الكيماويات السامة التي تفرزها القطع البلاستيكية والتي تؤثر على البشر قبل الكائنات البحرية، العديد من المواد المسرطنة قد وجدت في بقايا تحلل البلاستيك في المحيطات بفعل الأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس ونتيجة تفاعلها مع الوسط المالح للمحيط. نحن البشر من أضر بالكوكب ضررًا بالغًا وستكون العاقبة أسوأ مما يمكن تخيله. ينتقل كيس البلاستيك من سلة المهملات إلى المكبات والأنهر والبحر فيطفو على وجه المياه وتبتلعه السلاحف والأسماك والطيور البحرية مما يؤدي إلى اختناقها. أكياس البلاستيك تقتل سنوياً نحو مليون طائر بحري ومئة ألف من الثدييات البحرية وأعداداً لا تحصى من الأسماك... وعلى الأرض تواجه بعض الحيوانات أيضاً، مثل الأبقار والماعز، مصيراً مشابهاً عندما تبتلع أكياس البلاستيك ظناً منها أنه طعام. هذا على مستوى الضرر الذي يصيب الحيوانات نتيجة أكياس البلاستيك، أما التلوث الذي يلحق بالتربة فشأن آخر. يتطلب كيس البلاستيك نحو 500 سنة ليتحلل فيتكسر إلى جزئيات سامة تتسرب إلى المياه الجوفية لتسمم التربة والنبات والإنسان والحيوان. ان وعي الانسان المتأخر بهذه المشكلة بدأ يتزايد ويتبلور في العالم، حتى أن حكومات الدول النامية اتخذت خطوات حاسمة في هذا المجال ومنعت استخدام أكياس البلاستيك. اضحت مشكلة النفايات البلاستيكية أحد التحديات الكبرى التي يواجهها كوكب الأرض. فكيف يمكن التغلب عليها؟ قدر حجم النفايات البلاستيكية، التي ينتهي بها المطاف في المحيطات، سنويا بنحو 12.7 مليون طن. وتلحق هذه النفايات أضرارا جسيمة بالحياة البحرية، بداية من اختناق السلاحف المائية، ووصولا إلى تسمم الحيتان والأسماك. وقد يكون الحل البديهيا هو القضاء على المشكلة من جذورها، بخفض استهلاكنا للأكياس والحاويات البلاستيكية. لكن البعض أيضا استعان بالتكنولوجيا والتفكير الإبداعي، وحتى بعض الأنواع من الحيوانات والنباتات، بحثا عن حلول لأزمة تراكم النفايات البلاستيكية على كوكب الأرض. نستعرض فيما يلي خمسة من أغرب الحلول التي طرحت للقضاء على هذه الأزمة: الفطر هناك فطريات من نوع خاص تعيش وتتكاثر في البيئات الدافئة، وتعرف علميا باسم "أسبر يلاس توبنجنسيس"، وهي حد أنواع الفطريات الداكنة من جنس الرشاشية. اكتشفت مجموعة من علماء الأحياء الدقيقة بجامعة القائد الأعظم بباكستان أن هذا النوع من الفطريات له القدرة على تحليل مادة البولي يوريثان. هذا الفطر يفرز إنزيمات تحلل البلاستيك، فضلا عن أنه يتغذى على البلاستيك من خلال إذابته. وقد يستخدم هذا الفطر لتحليل البلاستيك في مكبات النفايات. تنظيف المحيط تراكمت النفايات البلاستيكية والبحرية في المحيط الهادئ لتشكل أكبر بقع النفايات البلاستيكية في المحيطات، والتي تسمى "رقعة القمامة العظمى في المحيط الهادئ". وقد استقرت هذه الرقعة بين ولاية كاليفورنيا وهاواي. ويعادل حجم هذه الرقعة ثلاثة أمثال حجم فرنسا، ويبلغ وزنها الإجمالي 80.000 طن. وابتكر فريق من المهندسين في هولندا، نظاما لتنظيف المحيطات يطلق عليه "نظام 001". ويتكون نظام جمع النفايات العملاق من عوامة ضخمة طولها 600 متر تطفو فوق الماء وتتدلى منها حافة بعمق ثلاثة أمتار تعمل على جمع النفايات من المحيط لتنقلها سفينة إلى اليابسة كل بضعة أشهر. طرق معبدة بالبلاستيك طُرحت فكرة أخرى من هولندا وهي مشروع الطريق الممهد بالبلاستيك. وهذا الطريق هو مسار للدراجات مُعبد باستخدام نفايات البلاستيك المعاد تدويرها. وقد طُرحت هذه الفكرة بهدف إعادة استخدام نفايات البلاستيك، مثل القوارير والأكواب والعبوات، بدلا من حرقها أو إلقائها في مكبات النفايات. الطحالب البحرية بدلا من البلاستيك في إطار الجهود المبذولة للقضاء على تفاقم مشكلة البلاستيك، اتجه بعض المهندسين والمصممين إلى البحث عن مواد بديلة للبلاستيك قد تصلح لتعبئة المواد الغذائية. ويصنّع البلاستيك الحيوي من مصادر متجددة، مثل الدهون والزيوت النباتية عادة أو نشا الكسافا أو رقائق الخشب أو النفايات الغذائية. ولكن شركة إندونيسية ناشئة تسمى "إيف وير" ابتكرت حلا جديدا، وهو استخدام الطحالب البحرية في تصنيع عبوات وأغلفة للمواد الغذائية. وتعمل الشركة في الوقت الحالي مع مزارعي الطحالب البحرية بإندونيسيا لإنتاج أغلفة للشطائر، وأكياس مكسبات الطعم، وعبوات القهوة، وعبوات الصابون، وكلها مصنوعة من الأعشاب البحرية. وقد تذاب هذه العبوات في الماء الساخن، أو الأفضل من ذلك، يمكن تناولها مع المواد الغذائية، فهذه العبوات ليست مستدامة فحسب، بل مغذية أيضا. مصرف البلاستيك تسبب النفايات البلاستيكية عواقب وخيمة للحياة البحرية، إذ أشارت بعض التقديرات إلى أن كمية الأجزاء البلاستيكية قد تفوق كميات الأسماك في البحار بحلول عام 2050. ولهذا اقترح البعض فكرة أخرى لمنع وصول النفايات البلاستيكية إلى البحار في المقام الأول. فقد أقيمت مؤسسة اجتماعية لهذا الغرض يطلق عليها "مصرف البلاستيك"، والتي تشتري النفايات البلاستيكية من الناس، بسعر أعلى من السعر السائد في السوق. الجزيئات البلاستيكية متناهية الصغر: ان كان كما ذكرنا أكثر من 12 مليون طن هي كمية النفايات البلاستيكية التي تصل سنويًّا إلى البحار والمحيطات، ما يمثل مشكلةً بيئيةً كبيرة في ظل عدم القدرة على تحديد المواقع التي توجد فيها 99% من تلك النفايات. فالنفايات البلاستيكية من عبوات وأكياس وزجاجات، لا تمثل سوى نسبة لا تتجاوز 1% من الحجم الكلي للنفايات بالمحيطات، في حين تمثل "الجزيئات البلاستيكية متناهية الصغر"، التي تقل أحجامها عن 5 ملليمترات، النسبة الباقية، وفق موقع جامعة واريك. وبالرغم من أن الجزيئات البلاستيكية متناهية الصغر توجَد في أسطح مياه البحار وعلى الشواطئ بصورة أكبر من الجسيمات البلاستيكية الكبيرة، إلا أنها لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة أو تحديد أماكن وجودها؛ بسبب عدم وجود طرق كافية لتمييزها وقياسها. ولكن يبدو أن العلم قد بدأ أولى خطواته للتغلب على هذه المشكلة؛ إذ تمكن فريق من العلماء بجامعة واريك بالمملكة المتحدة من ابتكار طريقة جديدة لاكتشاف النفايات البلاستيكية الدقيقة بالبحار والمحيطات. تقوم الطريقة الجديدة على استخدام صبغ أحمر نيلي (Dey Nile Reed) للكشف عن النفايات البلاستيكية الدقيقة التي يتراوح طولها بين 1 ملليمتر و20 مايكرومتر (المايكرومتر يعادل جزءًا من مليون من المتر). جرى نشر تفاصيل تلك الطريقة مؤخرًا في دورية "إنفيرومنتال ساينس آند تكنولوجي". كان السؤال المُلِح الذي يواجه المدافعين على البيئة هو: أين تتراكم النفايات البلاستيكية الدقيقة؟ وذلك لأن اكتشافها وتحديد كمياتها صعب للغاية؛ إذ يتم بطريقة يدوية أو عبر استخدام تقنيات مكلفة جدًّا، الاأنه بالطريقة الجديدة ستجعل ذلك الأمر أسهل وأسرع وأرخص، وبالتالي سيتم معرفة أماكن تلك النفايات، وإيجاد سبل للتخلص منها. سر الصبغ "احمرنيلي": هذا الصبغ محب للدهون، ويمكنه صبغ المواد الكارهة للماء مثل البلاستيك". وعن استخدامه على عينات مأخوذة من مياه البحار والمحيطات، لاحظ الباحثون أنه ينجذب فقط إلى البلاستيكيات الدقيقة الموجودة بالعينة، ويصبغها لتصبح مضيئةً بلون أخضر سهل التمييز عند فحصها باستخدام المجهر الفسفوري، كما ينجذب الصبغ أيضًا إلى مواد أخرى غير البلاستيك، لذا تجري معالجة العينات المراد فحصها بحمض النيتريك، الذي يمكنه إزالة هذه المواد الخشبية والمواد العضوية الأخرى. يؤكد العلماء أن الطريقة الجديدة باتت جاهزةً للاستخدام على نطاق واسع لفحص كافة البحار والمحيطات، مما سيساهم في معرفة أماكن تجمُّع تلك النفايات الدقيقة. وبالتالي يمكن البحث عن حلول لتلك المشكلة وإصدار التشريعات وسن القوانين لإدارة النفايات البلاستيكية. وتقدر إحصائيات برنامج الأممالمتحدة للبيئة أن مشكلة النفايات البلاستيكية بالمحيطات تتسبب في خسائر تقدر بحوالي 13 مليار دولار سنويًّا. لذلك أصبح الحد من النفايات البلاستيكية بالمحيطات أحد أهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة. وقد أصدرت الأممالمتحدة نهاية العام الماضي تعهدًا بعلاج تلك المشكلة، إلا أنه غير ملزم قانونيًّا، ولا يضع جدولًا زمنيًّا واضحًا للتخلص من تلك المشكلة، الأمر الذي يعني ضياع كثير من الوقت قبل الاتفاق على استراتيجية دولية لمجابهة الأزمة والشروع في تنفيذها. وفي النهاية الأمل الأكبر يتمثل في قوة الأفراد وقدرتهم على تغيير سلوكياتهم، عبر تبنِّي نهج جديد للحد من استخدام البلاستيك في الحياة اليومية، وإحلال مواد أخرى أكثر استدامةً محله.