احتضن مسرح الهواء الطلق بنابل أول أمس الخميس غرّة أوت عرض 24 عطرا للفنان محمد علي كمون، وذلك في افتتاح الدورة 32 لمهرجان نابل الدولي. * نابل الشروق: : فاجأ الموسيقار محمد علي كمون، جمهور مهرجان نابل الدولي بإضافات على عرضه «24 عطرا» تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الوطن القبلي وجمهور «نيابوليس» (التسمية القديمة لنابل)، حيث أضاف قرابة 30 تلميذا من مائة تلميذ شاركوا في عرض أشرف عليه كمون مؤخرا بالحمامات، والذين تم انتقاؤهم بعناية من ضمن 300 تلميذ تقدموا للتربصات المنتظمة بدار سيباستيان. التلاميذ أو الأطفال المتحدث عنهم هم أبناء الوطن القبلي شاركوا في تربصات تحت إدارة محمد علي كمون وبإشراف فناني عرض «24 عطرا»، ومدربة الرقص أميمة المناعي ومدرب الرسم رؤوف كراي، وكانت النتيجة الأولى مجسما للمرأة «البيضاء» وتضع على رأسها سلة ملئت بالبرتقال، و»البيضاء» أغنية من تراث ولاية نابل الصوفي وإحدى أبرز أغاني اللوحة الأخيرة من عرض «24 عطرا». نابل ولادة للفنانين تشريك التلاميذ المواهب في الغناء والرقص وبأزياء تقليدية تونسيةونابلية، مثل المفاجأة السارة للجمهور، الحاضر بأعداد كثيفة والذي تفاعل مع مختلف فقرات العرض، المتكون أساسا من 06 لوحات تلخص تراث أغاني الغزل خاصة بكامل جهات البلاد التونسية، فكانت البداية مع «النوبة المعطّرة» أو الوصلة الأندلسية والمالوفالتونسي، والتي برز خلالها أحد مطربي العرض سيف الدين التبيني. ومن الوصلة الأندلسية، إلى الوصلة البدوية روح العطور الموسيقية التراثية للجنوب التونسي، ومع الصوت المعتق معتصم الأمير، بدأ تفاعل الجمهور مع أغنية «القلب يريد»، ومن العطور البدوية، إلى «الأطلس الشاوي» ازداد التفاعل، خاصة وأنه في هذه الوصلة لأول مرة يشارك صوتان من الأطفال (ياسمين وآلاء) في الغناء إلى جانب سارة بن شيخة وأيمن بن حسن، وما زاد عرض 24 عطرا في مهرجان نابل، خصوصية وجمالية، هي تلك اللوحات الراقصة للتلميذات صحبة الفنانة الكوريغرافية أميمة المناعي، في تناسق وانسجام، ناتج عن تدريبات مركزة قبل العرض. وصلة الجزر كانت اللوحة الموالية، والتي تفاعل معها الجمهور رقصا وتصفيقا، مع طبال قرقنة كما هو معروف لدى العامة وتحديدا مع الثنائي محمد علي واردة وفتحي غرس الله، تلتها لوحة الحضرة النسائية، وازداد هيجان الجمهور أكثر فأكثر، لما عزف أركستر محمد علي كمون على الوتر الحساس في وصلة نابلية صرفة سمتها الإيقاع وأبطالها المطرب حسن سعدة وعازف المزود أمين العيادي وعازف الزكرة أيوب الصامت، في ربط ذكي مع الوصلة الصوفية والأغنية اسطمبالي التي أداها كالعادة محمد علي كمون وكانت مسك ختام عرض 24 عطر. عرض «24 عطرا» بمهرجان نابل الدولي، كان معطرا بتراث الجهة، فبراعم الجهة شاركوا في العرض، فأصوات ك»نور الإسلام» التي فسح لها كمون المجال للارتجال كما كبار الفنانين، سيكون لها شأن في المستقبل، وكما اختار محمد علي كمون، بعد عرض اختتام الدورة الفارطة من مهرجان قرطاج الدولي، أضفى على كل عرض له بجهة من مختلف جهات البلاد، بصمة خاصة تميزه، مثلما هو الشأن في عرضه بمهرجان بنزرت الدولي وبمهرجان جربة، وقريبا بمهرجان صفاقس الدولي يوم 05 أوت الجاري. أغنية تراثية يهودية نابلية ومن مفاجآت عرض أول أمس بمهرجان نابل الدولي، أغنية تراثية يهودية تتغنى بنابل أداها الطفل علي عبّاس، كانت بمثابة العطر الجديد الذي أعد خصيصا لمهرجان نابل، وهذه الأغنية أطلق عليها صاحب العطور «قهوة بن مشلم» ويقول مطلعها «على نابل غنوا»، وقد حفظها الجمهور ورددها، في سهرة قال عنها فريق «24 عطر» إنها من أنجح السهرات في جولتهم الفنية لهذه الصائفة، وهي فعلا كذلك، لأنه يصعب تكرار ذلك الحضور المكثف لأشبال نابل، في عروض أخرى داخل البلاد أو خارجها. عموما مرة أخرى يثبت محمد علي كمون من خلال «عطوره» أو «عطور تونس»، أن مشروع بحثه في تراث مختلف ولايات البلاد التونسية، ليس الغاية منه البحث الموسيقي لمجرد البحث أو تقديم عرض، وإنما إعادة الاعتبار للتراث التونسي الأصيل والمهمل، لذلك قدم خلاصة مشروعه في حفل كبير في اختتام الدورة الفارطة من مهرجان قرطاج الدولي، ومازال يفاجئ كل جهة بتراثها، احتفاء بها وبجمهورها.