مارسيل خليفة اسم ارتبط بحلم عربي منذ بدأت قضايا العرب تتعدد وتتعقد وعلى موسيقاه وأغانيه مع محمود درويش رسم خطا يتوازى فيه النضالي والفني والملتزم، داعب الأوتار لينتصر على الغرائز ولتنتصر القصيدة الجميلة واستطاع أن يعبر عن هموم المضطهدين والمقهورين. في أغانيه غامر بالعود فقط ونجح في المسارح بالعود فقط وهو ما عجز عنه الآخرون بمجموعات موسيقية ضخمة... والسبب في ذلك بسيط جدا يتلخص في صدقه عندما التجأ إلى الموسيقى ليعبر عن الحرية والحب دون أن يستسلم أو يعترف بالمعجزات... اليوم يقدم أول عرض له بتونس في اطار مهرجان المدينة وقبل هذا الموعد طلبنا منه أن يتحدث لقراء «الشروق» فلبى الطلب... وهو الحوار الأول والأخير قبل ندوته الصحفية التي سيعقدها مارسيل بعد عروضه. - بعد «كنسرتو» و»جدل»... مارسيل يقدم في مهرجان المدينة «تقاسيم» وجميعها عناوين لعروض في الموسيقى الآلية... أليس كذلك؟ عرض «تقاسيم» هو عرض ثنائي للعود والكنترباص كتبته وأردت أن أفتح به أفقا جديدا للموسيقى الآلية العربية وهذا العمل هو بحث داخلي عن ذلك الحلم الذي ابتعد كثيرا وخاصة في هذه الظروف الصعبة... هو صرخة موسيقية تقول لا دائما لهذا المد الطافح بالقذارة والبؤس... وهذا العمل هو عزف مباشر على أوتار العود بيني وبين صديقي العازف النمساوي بيتر هاربارت (Peter Herbert) .... وقد حاولت استعمال كل ما يمكن استعماله في هذه الآلة بما في ذلك خشب العود... هي رحلة موسيقية تمتد من أقصى الصحراء إلى حد هنا... رحلة من المشرق إلى المغرب. - هل هو عرض يتناسب مع مناخ مهرجان المدينة فقط؟ عادة ما يستقبل مهرجان المدينة الظواهر الموسيقية... ونحن نعرض فيه بناء على هذه الخصوصية... وبعد عودتنا من مهرجان المدينة سنقوم بتسجيل هذا العمل وسيصدر قريبا في اسطوانات. - هل سيكون عرض مهرجان المدينة فقط عرضا للموسيقى الآلية، أي على خلاف ما أخبرنا به مديره بأن العرض سيتضمن جزءا ثانيا للأغنية؟ أنا لا أفصل بين الموسيقى والأغنية... واقبالي على النصوص دائما يكون من موقع المؤلف الموسيقي... وما سنقدمه بعد عرض «تقاسيم» لن يتعدى بعض الأغاني التي لم أحددها... وستستدعيها الحالة الشعورية ولحظات الارتجال... وسيكون معنا ابني رامي على البيانو في هذه الأغاني... بشار ورامي... والعائلة عموما هل أصبح وجودها يتدعم ويتطور في عروض وموسيقى مارسيل خليفة؟ ستصدر لنا في بيروت اسطوانة لمجموعة من القطع الموسيقية فيها سيكون معي بشار على الايقاع ورامي على البيانو... وهذا العمل يحمل تنوعا جديدا من الناحية الموسيقية استنادا الى الذاكرة الفنية العربية وإلى موسيقى العالم... - هل يعني هذا أن مارسيل يقدم خدمات لأبنائه؟ أنا أتعامل معهم في الفن كزميل ولن أقوم لا بدعاية ولا بإشهار لهما... وعندما يكون رامي وبشار معي على الركح لا تخطر ببالي العلاقة الدموية... فقط أتطلع اليهما باعتبارهما عازفين موهوبين. - رامي وبشار حدثاني سابقا عن تأثير سفرك الدائم على العلاقة بهما... وقالا لي بأن طباعكم مختلفة... هل يقرب مارسيل هذه المسافات الآن بعدما كبر الأبناء؟ علاقتنا الخاصة حميمة رغم السفر الدائم والانتقال من مكان إلى آخر ومن بلد إلى آخر والحرب كانت قاسية عندما كانوا صغارا وكنت ملزما لأن لا أكون في مكان واحد أحيانا لأسباب أمنية وأحيانا أخرى لأسباب فنية والتزامات انسانية. - النصوص الشعرية في اهتمامات مارسيل خليفة هل هي مؤجلة أم منعدمة؟ بين يدي الآن نصوصا كثيرة،، وخاصة نصوص محمود درويش التي أتواصل دائما معها... والنص القادم لي معه هو «تعاليم حورية» وهي قصيدة كتبها محمود درويش عن أمه. -گ هل ترى أن قول البعض بأن مارسيل خليفة ينجح بنصوص درويش مردود على أصحابه؟ أنا نجحت بنصوص شعراء كثيرين ونجحت بموسيقاي نجحت لأنني كنت فقط ذاك الصوت وليس صدى للتوليفة الموسيقية للموروث أحببت أن أقول نفسي لأكون حالي. - بعضهم قال ان «ريتا» التي تغنى بها مارسيل خليفة والتي ذهب في ظننا أنها كنية عن فلسطين... هي حبيبة محمود درويش اليهودية... هل لك علم بهذا الموضوع؟ كل واحد منا عنده «ريتا» اذا لماذا نصغر الأمور ونقيد المواضيع والقيم ريتا هي قصيدة حب جميلة... وأمي هي قصيدة حب جميلة أيضا... اذا لماذا نبحث عن مزايدات لا نفع منها. - تقوم الآن بجولة فنية في عدة عواصم غربية وأوروبية... هل هو نوع من كسر الحصار العربي؟ هذه الجولة امتدت إلى أوروبا وأمريكا وهي جولة عن الشرق الأوسط وحقيقة وجودنا في هذا الزمن الصعب الذي يزيد فيه الإعلام الغربي أن يرسم صورتنا كصورة خارجة عن المألوف الانساني... وأتصور أن هذه الجولة حققت الكثير على الصعيد العالمي وبرأيي هذا انتصار حقيقي للثقافة خارج اطار ما نشاهده ونراه على الشاشات العربية التي لا مكان لنا فيها... - هل أمر السفر بالنسبة إليك كان سهلا إلى أمريكا... في الوقت الذي عومل فيه بعض الفنانين من النجوم العرب بطريقة مهينة جدا؟ أنا أيضا تعرضت إلى نفس الصعوبات... فالكمبيوتر الأمريكي عندما يرانا ويسمع لكنتنا ولغتنا وآلاتنا ينزعج وتشتعل أضواءه الحمراء... ورغم ذلك فإن هذه الآلات وهذه اللغة تصدح على مسارح نيويورك... وشخصيا قدمت حفلين في أشهر قاعة أمريكية بشبابيك مغلقة... والمنظم الذي كان يتعامل معنا من فوق... أصبح يتفاوض معنا من أجل تقديم الحفل الثاني... لقد فرضنا النبل الثقافي العربي في تلك الليلة.. - هل قبلت على مسارح أمريكا عندما علموا بأن من يصاحبك يحمل جنسية غربية؟ لكن العمل هو لمارسيل خليفة... ومضمونه الذاكرة العربية والشرقية.... - أميمة خليل الصوت الرفيق لمارسيل في السابق وأحيانا الآن قالت ارحموني من مارسيل ومن الالتزام... هل كنت موافقا على تجربتها المغايرة عن خطك مع زوجها؟ أميمة قامت بتنويع تجربتها الغنائية وهذا من حقها... وما قدمته مع زوجها كان محترما.