منذ قرطاج 2002... وجمهور مارسيل خليفة في تونس يلاحظ تغييرا كبيرا في موسيقاه... ومع هذه الملاحظة طرحت عدة أسئلة أهمها هل تغيّر مارسيل السبعينات وتراجع عن خطّه الفني الذي يعرف ويتميز به؟ وهل كان هذا التغيّر في مستوى الموسيقى فحسب... أم في مستوى الرؤية ولقناعات؟ اثابت ان التغيير حاصل وربما قد بدأ مع اندثار فرقة «الميادين» وتفرّق رفاق درب مارسيل خليفة مثل أميمة خليل التي أصبحت مطربة إيقاعات وكليبات في تجربتها مع زوجها هاني رفيق درب مارسيل في «الميادين»... وعوضت عناصر «الميادين» أخرى في العزف مثل عازف الكنترباص النسماوي Peter Herbert وابنه رامي الذي يدرس الموسيقى بأمريكا... وما حصل في التجربة الموسيقية الجديدة لمارسيل هو فقدانها لهويتها السابقة ولبطاقة تعريفها العربية والنضالية... وما حصل أيضا هو أن مارسيل صدم أذن الرفاق... وكل الكادحين الذين يعتبرون فنه خيط الامل في الوجود العربي... هذا الجمهور الذي تعوّد على «ريتا» بالعود، و»عصفور طلّ من الشباك» بصوت أميمة... وغيرها أصبح يقدمها مارسيل بإيقاع موسيقى أمريكية وموسيقى الجاز... وحتى الموسيقى التأليفية الآلية لم تعد كما عهدناها في «جدل» ولا في «كنسرتو» حيث حوار العود مع العود وحوار مع الآلات الشرقية... بل أصبح فضاؤها السمعي في مرجعية غربية... وأصبح بين هذه المؤلفات الجديدة لمارسيل وبين «موسيقى اضراب» أو «عائد الى الوطن» أو «موسيقى طلع الضوء» و»موسيقى رحيل الخفرجية»... وهي جميعها مؤلفات موسيقية قديمة لها هويتها ورسالتها العربية الانسانية الواضحة... وبين هذه المؤلفات وما قدمه مارسيل من «تقاسيم» ليست فقط مسافة زمن... بل مسافة موسيقى ومراجع. لماذا وجود عازف كنترباص أجنبي مع مارسيل في حين أن المشروع الموسيقي هو مشروعه ومن تأليفه؟ ألا يوجد في الوطن العربي كله عازف كنترباص واحد جيد ينفذ بحرفية أعمال مارسيل؟ أم أن جنسية هذا العازف هي تأشيرة مارسيل لامريكا وأوروبا؟ هل الموسيقى الغربية في حاجة الى مؤلفات أخرى يضيفها مارسيل خليفة أو عربي مثل أنور ابراهم ومحمد زين العابدين وآخرين؟ أم أن موسيقانا العربية هي التي بحاجة الى كتابة ومؤلفات أخرى مثلها مثل الموسيقى الكلاسيكية؟ ولا يعني هذا أننا ضد الانفتاح عن الموسيقات الاخرى... بل الاولى أن نبدأ «بالدار»... هذا التغيير أكده الجميع، أميمة خليل، رامي ابنه وحتى مارسيل نفسه معتبرا إياه حتميا حتى تعيش موسيقاه... لكن لمارسيل نقول ما ماتت موسيقى الشيخ إمام وأغانيه؟! على كل نتمنى ألا يكون تغيير مارسيل «كبروسترويكا» غورباتشوف التي وصل بها الامر الى تغيير اسم البلد من الاتحاد السوفياتي الى روسيا...