لم يصدق المحققون ما وقعت عليه أعينهم في منزل العاملة بالمستشفى، أدوية بعضها مفقود من الأسواق، أدوات قيس ضغط الدم وتحاليل، شهائد طبية مختومة، وغيرها من الأدوات والأدوية التي تحول بها منزل المنظفة الى مصحة خاصة... والواقع أن المحققين التابعين للشرطة العدلية بباب بحر بصفاقس لم يتحولوا الى منزل المتهمة من أجل هذه الأدوات الطبية التي شكلت محور قضية ثانية علقت بالزوجة، بل كانوا قد حصلوا على إذن بتفتيش منزل زوج المتهمة من أجل سرقة مجوهرات من منزل جارهما... وللواقعة بداية. السر في «الشلاكة» البداية تنطلق، بشكوى تقدمت بها عائلة معروفة قاطنة بطريق قرمدةبصفاقس تتهم جارا لها بالسرقة وهو عامل يومي يمتهن البستنة وتنظيف الحدائق، في حين تشتغل زوجته عاملة بأحد مستشفيات صفاقس. وقد جاء في نص الدعوى، انه في حدود الساعة الرابعة صباحا من يوم الجريمة، أقدم جارهم المتهم على الولوج الى منزلهم وأفراد العائلة نيام، وتمكن من السطو على بعض المصوغ وجهاز بورتابل من غرفتين مختلفتين، لكنه لما هم بالولوج الى الغرفة الثالثة تفطنت له احدى بنات صاحب المحل المستهدف فتعرفت عليه، فما كان من الجار الا أطلق رجليه للريح ناسيا «شلاكته» في الحديقة. وبانطلاق الأبحاث وإيقافه على ذمة التحريات، أنكر المتهم رغم القرائن والحجج إنكارا تاما كل ما نسب اليه، لكن أمام إصرار الفتاة على معرفته كان القرار بتفتيش منزل المتهم وحصلت الشرطة العدلية بصفاقس على ترخيص للغرض من السيد وكيل الجمهورية. مصحة خاصة وبتحولهم الى المسكن الواقع بطريق قرمدةبصفاقس، فوجئ الباحثون بما يحتويه منزل المتهم وزوجته العاملة بالمستشفى: أدوية مختلفة، شهائد طبية وادارية مختومة، أدوات تمريض وتطبيب، وكذلك مسروقات مختلفة ربما سطا عليها الزوج من بعض المنازل الأخرى وهي محل تفتيش وتحريات. وعلى هذا الأساس انطلقت الابحاث في القضيتين في نفس الوقت، القضية الاولى التي تهم سرقة المجهورات والقضية الثانية والتي بدت للمحققين وللمصلحة العامة أكثر أهمية وخطورة من الاولى باعتبارها استهدفت ممتلكات تابعة لمستشفى عمومي بصفاقس وتورطت فيها الزوجة التي تروي بعض المصادر أنها كانت مصابة بمرض نفساني في السابق. وقد كشفت الابحاث ان الزوج الذي يمتهن البستنة في النهار هو لص محترف في الليل، وقد اختار هذه المهنة للتعرف بيسر على أصحاب الحدائق والعائلات الميسورة لسرقتها لاحقا، كما بينت ذات الابحاث ان المنظفة بالمستشفى تقدم نفسها على أنها ممرضة وهو ما سهل على زوجها الدخول مع زوجته الى بعض المنازل كلما دعت بعض الظروف الصحية لاستدعاء الممرضة المزعومة للتدخل. وعلى هذا الأساس تم إيقاف الزوجين بتهمة السرقة والمشاركة فيها، والتطبيب والتمريض دون رخصة بالنسبة للعاملة بالمستشفى، في انتظار استكمال الابحاث واحالتهما على العدالة لتنظر في شأنهما في انتظار الكشف عن سر المصوغ الذي كشف كل هذه الجرائم الخطيرة.