يزخر الجريد التونسي بتراث عظيم من عهود متعاقبة في التاريخ ونجد اليوم آثارا بعضها ظاهر كالآثار الرومانية بقبة والبعض الآخر اندثر وقبر تحت الرمال. وقد انتصبت في مكان غريب يوحي بالغموض ويدعو الى التساؤل والرغبة في التطلع لاستكشاف معاني التاريخ وتتمثل البقية الباقية في سور من الحجارة الرومانية الضخمة. وفي الجهة الغربية وعلى بعد 500م نجد آثار قلعة شيّد على انقاضها اول مسجد في الجريد وثاني مسجد بتونس بعد جامع عقبة بن نافع في القيروان ثم ذلك الممر السرّي الذي كان ينتقل عبره الملك دقيانوس من القصر الى القلعة، كل هذا وغيره لا يدعم مجالا للشك في ان قبة كانت مدينة كبرى ومركزا حضاريا هاما ومما يجب ذكره ذلك النهر الذي كان يمرّ محاذيا للمسجد ومنبعه سبع آبار الذي لم ينضب ماؤه الا في أواخر السبعينات. لقد تم فتح الجريد على يد عقبة بن نافع سنة 49ه / 668م بعد ان تم فتح قفصة ثم انصرف الى القيروان وظلت الكنائس الموجودة بالجريد حتى القرن 14 ه وان العرب الفاتحين لم يعمدوا الى تدميرها واقتصروا على بناء مساجد اسلامية بالقرب منها. وعلى هذا الاساس شيّد حسان بن النعمان جامع الزرقاء الذي مازال منارة داخل الواحة بعد قدومه للجريد سنة 79ه وبذلك يكون هذا المسجد اول مسجد بالجريد.