بين أسوار المعاهد الثانوية تولد يوميا مئات العلاقات العاطفية بين التلاميذ وتنشأ آلاف العلاقات من الصداقات وتكثر الخصومات والمشاحنات ليصبح المعهد خلية مصغرة من مجتمع يحمل كل المتناقضات. ومن الاشياء الملفتة للانتباه في الوسط التعليمي هو هذا التنامي المتزايد لظاهرة ربط العلاقات العاطفية بين الجنسين وصار ظهور التلاميذ بشكل ثنائي أمرا مألوفا وعاديا أمام المدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية لنكتشف في النهاية أن هناك تحولا سلوكيا كبيرا صار يعيشه تلاميذ اليوم مما جعلهم أكثر حرية وتفتحا من ذي قبل. «الشروق» رصدت ظاهرة تنامي بروز العلاقات العاطفية بين التلاميذ وحاولت معرفة انطباعاتهم وآرائهم وانتظاراتهم من هذه العلاقات وحاولت تحليل الموضوع من وجهة نظر علم النفس في النقل التالي، لقاءات خفية وأخرى علنية ورسائل على المحمول ومكالمات خاطفة للتذكير بموعد قريب وأخرى مطولة تحمل الكثير من الاشواق والحنين وتحمل عبر ذبذباتها معاني الحب والهيام هكذا تحولت حياة تلك الفتاة التي كانت بالامس فخورة بضفائرها ولعبها. وذاك الفتى الذي كان منذ زمن ليس بالبعيد يلازم والدته ويطلب منها السماح له بمشاهدة الصور المتحركة ومتابعة برامج الاطفال. وأصبح للفتاة فارس أحلام تهفو لملاقاته وصار لهذا الشاب الصغير أميرته التي بات يحلم بها وينتظرها عند باب المعهد. تقول عبير عند سؤالنا عن الاسباب التي تقف وراء تنامي ظاهرة انتشار العلاقات العاطفية في الاوساط المدرسية: «أنا لا أعتقد أن هذه الظاهرة جديدة لكن كل ما في الامر أن تلاميذ اليوم أصبحوا أكثر جرأة من تلاميذ الجيل السابق الذين كانوا يحرصون على إخفاء مثل هذه العلاقات وهو عكس ما يحصل اليوم حيث يسعى بعض الاشخاص للتفاخر بينهم بربطهم لعلاقات عاطفية». ** التقليد تقر مجموعة من التلميذات أن جل التلاميذ أصبحوا يحرصون على ربط علاقات حب مع الطرف الآخر والدافع الاساسي وراء هذا السلوك هو التقليد ولا شيء غير التقليد وتقول مهى (16 سنة) صحيح أن هناك من يعيش قصة حب وبالتالي يسعى الى ربط علاقة جدية مع الطرف الآخر إلا أن نسبة هامة من التلاميذ يعمدون الى تقليد بعضهم البعض ويقيمون علاقات من هذا النوع حتى لا يقعوا تحت طائلة السخرية. وتشير هديل الى ظاهرة تقليد المراهقين لنجوم السينما ومحاولة السير على خطاهم سواء في المظهر أو السلوك. كما أن إدمان الشباب التلمذي على مشاهدة المسلسلات التلفزية الاجنبية أثر على سلوكهم وجعلهم يتماهون مع شخصيات هذه المسلسلات خاصة اذا كانت من فئة التلاميذ. ** غياب الرقيب يقول التلميذ ياسر إن غياب رقابة الولي جعلت التلميذ يتصرف بأكثر حرية ويشعر أنه يستطيع التصرف كما لو كان كبيرا وبالتالي يربط علاقات عاطفية دون أن يفكر في متطلبات هذه العلاقة ولا حتى نهايتها فيؤثر ذلك على دراسته ويدخل في دائرة التيه والضياع. ويتدخل حمزة ليقول أظن أنه على الاولياء التحدث مع أبنائهم بخصوص هذه النوعية من العلاقات حتى لا ينزلق التلميذ في الانحراف ويخسر بالتالي مستقبله الدراسي ويضيف حمزة قائلا: أستطيع أن أتحدث عن تجربتي الشخصية في هذا المجال، فقد كدت أطرد من المعهد بسبب ربطي لعلاقة عاطفية دمرت كياني وجعلتني أنساق وراء وهم لذيذ اسمه الحب وكنتيجة لذلك أهملت دراستي ورسبت ثم أعدت السنة ولاحقني الفشل مرة ثانية واستطعت الافلات منه بالعودة الى الجادة واهتمامي بدروسي فقط. ** محاولة لاثبات الذات يرجع الاستاذ منذ جعفر مختص في علم النفس السلوكي تنامي ظاهرة العلاقات العاطفية بين المراهقين داخل المعاهد الثانوية الى التأثير القوي لوسائل الاعلام البصرية على الشباب المراهق وتعدد المضامين الاعلامية التي تتضمن مشاهد جنسية تدفع هذه الفئة من الشباب الى محاولة اكتشاف هذا العالم قبل الاوان فتعدد علاقاتهم العاطفية تتجاوز حدود اللقاءات العابرة الى ممارسات أخرى غير شرعية يقومون بها بدافع التقليد. كما أن غياب ثقافة التربية الجنسية ورقابة الولي والاختلاط المكثف بين الجنسين يساهم في تطور العلاقات العاطفية في أوساط المراهقين الى جانب اكتشاف الفتيات لانوثتهن وإثبات الفتيان لرجولتهم وهنا لابد من وجود حملات توعوية داخل الاوساط المدرسية حتى نستطيع الحد من هذه الظاهرة السلوكية التي من شأنها أن تنعكس سلبا على المجتمع.