محمد بلعيد قصّاص ارتبطت قصصه بأجواء المدينة ومن أصداء في المدينة وعندما تدق الطبول والقط جوهر وعصافير الجنة صنع محمود بلعيد عالما قصصيا بديعا فهو قصّاص يغوص في أعماق الذات الانسانية ويشرّحها مختزلا في عالمه الحياة بكل تشنجاتها ومباهجها. محمود بلعيد تحدث ل «الشروق» عن تجربته القصصية. * تحضر دائما المدينة في قصص محمود بلعيد... كيف ترى المدينة؟ المدينة هي عالمي منها أستمد روح الكتابة هذه المدينة المكتظة بكل التفاعلات والاحاسيس أي أنها مكتظة من الداخل ومن الخارج... آراء متضاربة وشباب طموح. عالم متحرك وحركة لا تتوقف. أنا انسان متجوّل أجوب أزقة المدينة العتيقة من حين لآخر وأستحضر طفولتي وذكريات الصبا والشباب مع عدد من أصدقائي مثل المرحوم الطاهر ية الذي جمعتني به صداقة وطيدة ومحبة عميقة... عشت طفولتي في باب الخضراء لذلك فإن هذا الحي من أحياء المدينة له موضع خاص في نفسي ولا أستطيع أن أفارقه إذ لابد أن أزوره من حين الى آخر. تعلمت من المدينة الانصات للآخرين. فأن تكتب القصة لابد أن تتعلم الانصات للآخرين. فأحيانا تبني قصة من موقف أو حكاية سمعتها أو كلمة أو مثل شعبي في شارع أو زقاق قاله مواطن في سياق آخر. المدينة أيضا تجمعني بشقيقي الذي ألهمني في كتابة عديد القصص ويذكّرني دائما بمواقف وأحداث نسيتها أو غابت عني في زحمة الحياة فهو في الحقيقة الكاتب الحقيقي للعديد من قصصي. * كيف كانت علاقتك بالمرحوم البشير خريف؟ البشير خريف رحمه الله كتبت عنه شهادة قدمتها في الايام القصصية البشير خريف بنفطة. كان إنسانا رائعا كانت لي جلسات مطوّلة معه تحت أشجار شارع فرنسا في مقهى المغرب قبل أن تتحوّل الى محل تجاري كانت جلساتنا شبه يومية وعرفت فيه خفّة الظل والطرافة. * ماذا تعني الكتابة القصصية عند محمود بلعيد؟ الكتابة هي حفر في الشخصية وأعماقها وليست مجرد وصف لحالة أو لموقف عرضي بسرعة كبيرة للوصول الى النهاية. النص يجب أن يكون قويا بما يمنح القارئ فرصة للغوص في عمق النص ويجد متعة فيه. * ما هي النصوص القصصية التي لفتت نظرك؟ أسعد عندما أكتشف نصوصا رائعة أريد أن أشبع من الكتابة و»أشيخ» هذا ما أبحث عنه في الادب التونسي. لفتت نظري روايات حسن بن عثمان وصالح الدمس وظافر ناجي هؤلاء أعتبرهم من كبار القصاصين وخاصة في الرواية... محمد آيت ميهوب أيضا مهم رغم قلة ما نشره وهناك آخرون لهم بدايات مشجعة أرجو لهم النجاح. * هل تقرأ الشعر التونسي؟ الشعر التونسي أقرأ بعضه. لكن هناك قصائد لا أفهمها فيها الكثير من الغموض والضبابية وهذا شيء مزعج وأحيانا أسأل نفسي هل يفهم هؤلاء ما يقرأونه للجمهور! أعتقد أن الشعر هو نشيد البساطة والمحبة وبالتالي لا داعي للغرق في الغموض والتهويم في الصبابية. * الكتابة للتلفزة هل يمكن أن تقتحمها؟ لا، الكتابة للتلفزة لا تعنيني لا من قريب ولا من بعيد. أنا عالمي القصة وبدرجة أولى، والرواية إذا وجدت لها وقتا كافيا فلكل ميدان أهله وأنا لن أدخل هذه التجربة لانها لا تضيف لي شيئا. * لكل كاتب معلمون، ممّن تعلمت؟ هذا من مشولات النقاد الذين عليهم العمل لابراز المراجع التي استفدت منها. أنا أجلّ عددا من الكتّاب يفوق عددهم أصابع اليدين استفدت من القرآن الكريم ومن الجاحظ وألف ليلة وليلة ومن طه حسين الذي قرّب الينا الادب الجاهلي ومن ميخائيل نعيمة وخاصة «الغربال» الذي افتتنت به مع صديقي عز الدين المدني في فترة ما. ولم أستفد من الادب العربي فقط بل استفدت أيضا من الادب الغربي مثل موبسان وتشيكوف وبلزاك وستندال وهيغو وجويس وأوسكار وايلد وشارل ديكنز وأدب أمريكا اللاتينية وخاصة ماركيز صاحب «مائة عام من العزلة». * مساهمة أساتذة الجامعة التونسية مازالت دائما محل جدل. كيف ترى مساهماتهم في نقد الادب التونسي؟ بعض الاساتذة يشكرون على سعيهم في خدمة الادب التونسي فعدد كبير من الاساتذة قدموا دراسات قيّمة وجادة في الادب التونسي سواء في القصة أو الرواية أو الشعر وهذا شيء لابد من تثمينه. * الجوائز تعددت خاصة في مجال الرواية. هل تفكر فيها؟ انني أريد أن أترك طريق الجوائز لغيري. إذ أنني تحصلت على الكثير من الجوائز في السابق عليّ أن أعمل وأن أنشر وأن أترك طريق الجوائز للشباب فقد شبعت من الجوائز. * ما هي العلاقة بين طب الاسنان وكتابة القصة والرواية؟ القصة القصيرة لها علاقة بطب الاسنان أكاد أقول لكل سن قصة قصيرة. إذ أن المجموعة القصصية قد تتكوّن من 32 قصة قصيرة يعني على عدد الاسنان. أجد راحتي في القصة القصيرة لانه عمل ينجز في أيام معدودة ثم أنطلق الى قصة قصيرة أخرى... لكن في الصيف أكتب الرواية وأنا الآن بصدد كتابة روايتين وهذه ثمار العطلة الصيفية.