شهادة صلوحية المحل... هل هي قانونية؟ وهل يجوز للبلديات اشتراطها لممارسة التجارة؟ منذ أن صدر القانون المنظم لتجارة التوزيع سنة 1991 أصبحت ممارسة المهنة التجارية حرة، ولم تعد خاضعة لأي نوع من أنواع التراخيص المسبقة. يكفي الالتزام بجملة من الشروط التي قد تكون ضمن كراس شروط في حالات معينة أو ضمن نطاق القانون العام المحدد للأمن الجماعي من حيث الانتصاب أو حماية المستهلك أو شفافية المنافسة أو غير ذلك مما لا يتناقض مع مبدإ الحرية في الممارسة. ومع ذلك فقد بقيت بعض المطالب الأولية التي عادة ما يكون صاحب المتجر مطالبا بها قبل فتح محله للممارسة. وكان وما يزال من أبرز وأكثر تلك الوثائق المطلوبة شيوعا هو ما يعرف بشهادة صلوحية المحل، وهي شهادات تسلمها البلديات وتحصل في المقابل على معاليم معينة. وتستند البلديات في مطالبتها التجار في مستوى التوزيع بالحصول على تلك الوثيقة قبل الشروع في الممارسة على ما تتمتع به من صلاحيات فرض التراتيب البلدية في منطقتها بشكل عام من جهة، وعلى القانون الأساسي للبلديات وقرار وزير الداخلية المنظم للتراخيص التي تمنحها الوزارة والجهات التي هي تحت نظرها في اطار العلاقات بين الإدارة والمواطن من جهة أخرى. لكن هل أن المطالبة بهذه الشهادة هو اجراء قانوني فعلا؟ وهل أنها فعلا شهادة لها أصل يسمح للبلديات باشتراط الحصول عليها قبل المباشرة بالممارسة في التجارة؟ وهل هي متماشية مع مبدإ حرية التجارة كما أقرها الفصل من القانون المنظم لتجارة التوزيع عدد 44 والصادر بتاريخ 1 جويلية 1991؟. الواقع أن ما يدعو لهذه التساؤلات وغيرها مما سيحتاج معه الأمر الى تحاليل وآراء من أهل القانون والتشريع. هو حكم من المحكمة الإدارية صدر ضد بلدية المرناقية منذ سنة 1999 وجاء فيه بالنص أنه «بالرجوع الى جملة النصوص التشريعية والترتيبية نافذة المفعول في تاريخ تقديم مطلب الحصول على الشهادة المذكورة، يتبين أنه لا أصل ولا سند لها في أي نص قانوني». وتولت المحكمة الادارية تحليل هذه الحيثية في سياق حيثياتها بالإشارة الى أنه «يتضح بالرجوع إلى الأمر عدد 342 المؤرخ في 30 ماي 1975 المتعلق بضبط مشمولات وزارة الداخلية أن السلطة الترتيبية الخاصة التي يمارسها وزير الداخلية في المجالات المحددة بالأمر المذكور لا تمتد إلى ميادين الصحة والتجارة والسلامة أي في ما يتعلق بالنظر في مدى صلوحية المحلات للأنشطة المعدة لها». وأضافت المحكمة في تعليلها أنه «حيث طالما أن وزير الداخلية لا يتمتع بسلطة ترتيبية في الميادين المذكورة فإنه يصبح غير مؤهل لإحداث وثائق ادارية بهدف تنظيمها فيصبح بالتبعية قراره المؤرخ في 28 ديسمبر 1995 غير شرعي في جانبه الذي يضمن التنصيص على وجود شهادة في صلوحية المحل والوقاية من الحرائق، وفي جانبه المتضمن أنه من صلاحيات رؤساء البلديات تسليم تلك الشهادات». ولكن الآن وبعد أن أقرت المحكمة الادارية بعدم وجود أساس قانوني لتسليم تلك الشهادات من طرف رؤساء البلديات، وبعد أن علمت البلدية الصادر ضدها الحكم بفحواه، تطرح التساؤلات عن مدى الزامية هذا النص في حيثيات المحكمة الادارية بداية للبلدية المعنية به مباشرة، وبعد ذلك إن كانت أدركت أهميته وتولت اعلام السلط التي هي عائدة لها بالنظر بنص قرار المحكمة الادارية. ذلك أن الموضوع يحتاج لأن يكون مطروحا للنقاش القانوني بخصوص هذه الفجوة التشريعية التي أثارتها المحكمة الإدارية في أهلية رؤساء البلديات بأن يطالبوا بهذه الشهادة قبل فتح المحلات لتجارة التوزيع وبمدى اتصال ذلك بموضوع حرية التجارة طبقا للقانون يضاف الى ذلك أن البلدية المعنية تحتاج إلى التشاور مع تلك السلطة في قضية تصرفها ازاء هذا الأمر، فهي بين نص صادر عن المحكمة الإدارية وأكسي الصبغة التنفيذية، وبين اجراءات ترتيبية سارية، فأيهما أعلى مرتبة من الناحية القانونية؟ سؤال يطرح...