«صوموا تصحّوا»، لم يجانب الأطباء بمختلف اختصاصاتهم هذا الحديث الندوي الشريف بل دعموه بالأدلة العلمية الدامغة مقرين فوائد الصوم الجمّة على مختلف أجهزة وأعضاء جسم الانسان وفي المقابل تبقى أضراره وخيمة على عدة وضعيات مرضية مزمنة. في صلب ثنائية الايجابي والسلبي في الصوم تمحورت ندوة علمية احتضنتها مؤخرا قاعة بلدية حمام سوسة بتنظيم من الهيئة المحلية للهلال الأحمر التونسي بحمام سوسة برئاسة السيد وسيم جمعة وبمشاركة ثلة من الأطباء في مختلف الاختصاصات حضرها جمع من المسنين والشباب. تكامل الروح والجسد «فوائد الصوم الروحية لا تحصى ولا تعدّ ولا تنفصل عن الفوائد الجسدية».. هكذا أكد السيد خالد التلمودي في مداخلته التي حللّت أبعاد الصوم الدينية وموقف الشرع من المفطر المضطرّ مركزا على الحالات المرضية والتي تبقى في صراع داخلي بين الاستجابة الى الرغبة اللذاتية في الصوم وبين تطبيق تعليمات الطبيب وأكد الشيخ التلمودي على «ضرورة استجابة المريض لتعليمات الطبيب متى كانت صادرة من الثقاة المسلمين ومنها القاضية بعدم الصوم لأنها استجابة لأمر اللّه سبحانه وتعالى الداعي الى عدم إلحاق الضرر بالنفس وتكسب المريض المفطر أجرا مضاعفا شريطة إخلاص النية». كل الجسم في حاجة الى الصوم واصلت الدكتورة سلمى بن رمضان جمعة وهي مختصة في الطب العام تحليل فوائد الصوم ولكن من زاوية طبية حيث أكدت أن الصوم عمل فيزيولوجي مهم للجسم يكسب الانسان طاقة ضرورية على تحمل الجوع وتمكنه من تغييرات هورمونية وفيزيولوجية مهمة، فيكسب الصوم الجسم مناعة ضد السكتات الدماغية ويحسن من أداء القلب ومن حيويته ويخفف من التهابات المعدة والأمعاء ويمكن الكلى من العمل في راحة كما يساعد الصوم على تخلص الجسم من الوزن الزائد وهو فرصة هامة لمساعدة المدخنين على الاقلاع. مضار بالجملة للمرضى حذّر الدكتور عادل مليكة المختص في أمراض القلب والشرايين مرضى ضغط الدم المرتفع خاصة الذين يتناولون أربعة أو خمسة أدوية في اليوم من الصوم الذي قد يسبب لهم لا قدر اللّه جلطة دماغية كذلك الذين يشكون من القصور الكلوي واجب عليهم الافطار مخافة أن يجفّوا من الماء، فيما اعتبرت الدكتورة هندة التليلي اختصاصية في أمراض السكر أن كل مريض بهذا الداء يعتبرحالة منفصلة بذاتها تباشر بصفة خاصة وعموما يبقى الصوم أمرا محفوفا بالمخاطر لمرضى السكري يتطلب مراقبة دقيقة من طرف الطبيب الذي تبقى مسؤوليته كبيرة في أخذ القرار بل من أصعب القرارات التي يتخذها على حد تعبيرها مضيفة بعض النصائح لمرضى السكري الصائمين بأن ينقصوا من العجين والحلويات ويتجنبوا كل ما هو مقلي وأن يقسموا وجبة الافطار على فترتين قبل السحور مع الاكثار من شرب الماء والمشي بعد الأكل والمحافظة على ساعات النوم التي يحتاجها الجسم بانتظام وضرورة الانقطاع عن التدخين إضافة الى اعتماد الآلة الخاصة للمراقبة المستمرة لحالة السكر. المعدة بيت الداء بيّن الدكتور يُسر زين العابدين المختص في أمراض الجهاز الهضمي حالات التعامل مع الصوم خاصة في الأيام الأولى بحكم تأثير المادة الحامضة التي تعودت المعدة إفرازها قبل كل وجبة وفي حالة تواصل التأثيرات السلبية لعدة أيام من الصوم وجب مقابلة الطبيب مؤكدا على ضرورة حسن التعامل مع الأكل في رمضان وبالنسبة الى الحالات المرضية كقرح المعدة مثلا أكد الدكتور على ضرورة الافطار لأن الحموضة تضر بذلك القرح واعتبر من جهة أخرى أن الأدوية الحديثة مكنت قرابة 95 بالمائة من المرضى بالقرح من أن يصوموا دون خوف بحكم الأدوية الجديدة التي تمنع المعدة من إفراز المادة الحامضة على امتداد قرابة 17 ساعة مما ييسّر عملية الصوم للمريض والذي يتوجب عليه في كل الحالات المراقبة الطبية.