تحولت شوارع وأنهج مدينة مدنين التي تعرف بهدوئها مساء الخميس الماضي الى ما يشبه ساحة الحرب استعملت فيها القنابل المسيّلة للدموع والحجارة وإحراق العجلات المطاطية ونقطة شرطة بطريق قابس. فما الذي حصل بهذه المدينة ومن يقف وراء هذا التوتر الذي لم تعهده الجهة؟ تعود أسباب التوتر بين رجال الأمن وبعض أهالي مدينة مدنين الى ليلة الاربعاء إذ لم يستسغ بعض أهالي طريق بني خداش ما أسموه بطريقة التعامل العنيفة وحملة الاعتقالات العشوائية وما صدر من أعوان الأمن من كلام بذيء ومعاملة قاسية ذكرتهم بأسلوب النظام السابق هذا ما أكده الاهالي ل «الشروق». وفي ليلة الخميس تواصلت الاحتجاجات بأكثر حدّة فالسيد محمد المحضي صاحب مقهى بطريق بني خداش حيث انطلقت شرارة الاحتجاجات تحدث بمرارة: «للأسف رجال الأمن داهموا المقهى ملثمين حاملين الأسلحة والهراوات وقاموا بعملية إعتقال عشوائي دون تمييز أو تثبت وتفوّهوا بعبارات تخدش الحياء لم نتعود عليها». واعتبر أن من حق الأعوان القيام بحملات ولكن ليس بهذه الدرجة من الفوضى والعنف الذي أحالنا الى أساليب التعامل القاسية اضافة الى ما سببته عملية الاقتحام من تأثير سلبي على مدخول المحلات التجارية. وأكّد السيد زهير الجامعي أن بعض أقاربه تعرضوا لكسور في اليد وبعض المنازل بطريق بني خداش تعرضت للاقتحام دون أي سند قانوني وبلا مبرّر إذ أقدم رجال الأمن على تعنيف المواطنين مستعملين الهراوات وأضاف «البيوت لها حرمتها ولكن أعوان الأمن بردّة فعلهم العنيفة والمبالغ فيها تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وأدخلوا الرعب والخوف في صفوف المواطنين». وبنفس الشعور بالاستياء قال السيد محمد الحرازي: «إنها فوضى سببها أعوان الأمن الذين مازالوا يحنّون لأساليب النظام السابق ولم يحرصوا على تطوير منظومة الأمن... وأكّد: «نحن مع حفظ النظام ومعاقبة المجرمين ولكن ليس بنفس تلك الطريقة الوحشية التي تعاملت بها الاجهزة بمدينة مدنين. واستنكر ما تروّج له بعض الاذاعات الجهوية من أن سبب الاحتجاجات يعود الى محاولة رجال الأمن مداهمة وكر للفساد مؤكدين أن الاحياء والبيوت لها حرمتها وبشعور بالاستياء ذكر السيد عمر اللملومي: «اعتقدنا أن منظومة أجهزة الأمن تطوّرت لكن الطريقة التي تعامل بها الأمن مع أهالي مدينة مدنين والتي لم يتم فيها إحترام الأهالي الكبار في السن الذين حاولوا تهدئة الأوضاع تثبت أنه علينا أن نعمل على مزيد تغيير ومراجعة مثل هذه الأساليب القديمة. ولكن يوجد بعض المواطنين إستنكروا ردة فعل بعض الشبان وإحراقهم للعجلات المطاطية وإغلاق الطرقات وإعتبروها مبالغ فيها وتقف وراءها جهات مشبوهة ولذلك طالب السيد الناصر عثمانة بضرورة التعقل وتهدئة الخواطر وتدخل الأولياء والكبار في السن لتجاوز هذه المحنة. في حين حمل البعض الآخر مسؤولية التوتر والإحتجاجات التي عرفتها المدينة الهادئة إلى الطرفين أي الأهالي ورجال الأمن فما رأي الأجهزة الأمنية؟ ليسا ملائكة لمعرفة رأي أجهزة الأمن حول ما حدث من توتر للرد على الاتهامات إتصلت «الشروق» بمصدر أمني وقد أفاد : «كنا بصدد القيام بدورية وحملة مشتركة (شرطة حرس جيش) وتتبع بعض المتهمين أصحاب سوابق في تهشيم سيارة تابعة للأمن. وذكر بأن رجال الأمن تعرضوا للإستفزاز من بعض الشبان وأنهم ليسوا ملائكة بل بشر قد يصيبون وقد يخطئون وأنه لا توجد أي حملة يمكن أن تخلو من بعض التجاوزات والأخطاء ولكن نفى في المقابل أن يكونوا إقتحموا المنازل أو تعدوا على حرمات البيوت. وأضاف : «ضحايا الحملة المشتركة كانت من الطرفين أي الأهالي ورجال الأمن الذين تعرضوا بدورهم للتعنيف وتم إحراق نقطة الشرطة 115 بطريق قابس. وتم الإحتفاظ بخمسة شبان للتحقيق معهم وبعدها تم إخلاء سبيل 4 منهم وتم الإحتفاظ بشاب متهم في تهشيم بلور سيارة أمنية. وأكدت مصادر أمنية أخرى أنه بعد أن تم حرق نقطة الشرطة إستغل البعض هذا الفراغ الأمني لإتلاف بعض المؤسسات العمومية والقيام بعملية سرقة و«براكاج» ولم يتمكن بعض المرضى بسبب إغلاق الطرقات والقنابل المسيلة للدموع والإحتجاجات من الوصول إلى المستشفى للتداوي. ووصلت صدى الإحتجاجات لشوارع وأحياء أخرى مثل «الحارة» وطريق تطاوين وأنهج فرعية لتتحول هذه المدينة الهادئة إلى ما يشبه الضفة الغربية.