إعلان نتيجة تصويت أندية "البريمير ليغ" على إلغاء تقنية الفيديو "VAR"    غزة.. إصابة 24 جنديا صهيونيا خلال 24 ساعة    بعثة المنتخب الوطني تصل إلى جوهانزبورغ    وزارة الداخلية تُطيح بالمُشرف على صفحة level bac في إطار مقاومة الغش في الباكلوريا    كيف سيكون طقس الجمعة؟    بن عروس: إيقاف 5 أشخاص بينهم شخص محل 19 منشور تفتيش    رئيس الدولة يلتقي وزير الداخلية وكاتب الدولة المكلف بالأمن الوطني..وهذا فحوى اللقاء..    بين هاتين الولايتين: الديوانة تحجز بضائع مهربة بقيمة تفوق المليار..#خبر_عاجل    المهدية...أصرّ على تحقيق حُلمه بعد 20 سنة من الانقطاع عن الدّراسة ...شاكر الشّايب.. خمسينيّ يحصل على الإجازة في الفنون التشكيليّة    الفنان شريف علوي .. خلاصة مسيرتي ستكون على ركح قرطاج    رجال أحبهم الرسول ..أسامة بن زيد .. الحِبّ بن الحِبِّ    الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق    ملف الأسبوع...دين التسامح والرحمة والعفو ...الإسلامُ نقيض العنف    جبهات مشتعلة ولا نصر يذكر .. الاحتلال يقترب من هزيمة تاريخية    بن ڨردان: الاحتفاظ بمجموعة من الأنفار من أجل الإتجار في الأسلحة والذخيرة    اعادة تهيئة الملعب الاولمبي بسوسة : نحو استكمال اشغال تركيز الانارة والسبورة اللامعة ومحطة الارسال التلفزي في موفى شهر جويلية القادم    نشطاء كوريون جنوبيون يرسلون بالونات محملة بمنشورات دعائية إلى الشمال    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    الدورة 48 لمهرجان دقة الدولي من 29 جوان إلى 10 جويلية و11 سهرة في البرنامج    الأمم المتحدة تعتزم إدراج إسرائيل ضمن "قائمة العار"    بلاغ هام للجامعة التونسية لكرة القدم..#خبر_عاجل    كأس العالم للسيدات (أقل من 20 سنة): "الفيفا" يقرر استخدام تقنية الفيديو    قبلي: تنظيم ورشة تكوينية بمدرسة علوم التمريض حول استعمال المنظومة الاعلامية في تلاقيح الاطفال    هيئة الدفاع: عبير موسي تواجه 5 قضايا شابتها عدة خروقات إجرائية..    الأونروا: "يوم مروع آخر" في غزة بعد قصف الجيش الصهيوني مدرسة للوكالة..    تسجيل أكثر من 40 حالة غش في امتحان الباكالوريا بسليانة وسيدي بوزيد ومدنين    الموسيقي التونسي ظافر يوسف يقدم عرضا في مهرجان الجاز بشرق سيبيريا    عاجل/ جندوبة: العثور على جثة راعي بمنطقة جبلية على الحدود مع الجزائر    إيلون ماسك: بعض الدول قد تختفي بسبب نقص الولادات    عاجل/ تونس تطرح مناقصة دولية لشراء القمح والشعير    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    ذاكر لهيذب: شروط الترشّح متوفّرة وبرنامجي الإنتخابي جاهز    العائدات السياحية تزيد ب7،8 بالمائة في موفى ماي 2024    ديوان الطيران المدني والمطارات :ارتفاع حركة عبور المجال الجوّي    تونس تعكف على إعداد استراتيجية وطنية للتصدير تركز على أسواق آسيا وأمريكا اللاتينية    عاجل-أثارت ضجة كبيرة/ فاتورة ماء بإسم "الجمعية التعاونية الإسرائيلية": الصوناد تكشف وتوضح..    هيئة الانتخابات تتدارس ضبط انموذج التزكيات    وزيرة الصناعة تؤكد على مزيد استقطاب الإستثمارات الفرنسية إلى بلادنا    السيطرة بالكامل على البؤرة الثانية للحشرة القرمزية بالقصرين    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    وفاة برهان الكامل سفير تونس لدى باكستان    عاجل: هيئة كبار علماء السعودية تكشف موعد عيد الأضحى    بعد إنسحابه من رولان غاروس: نوفاك ديوكوفيتش يخضع لجراحة ناجحة في الركبة    خطّ أخضر جديد ''192'' خاص بالإشعارات الموجّهة إلى مندوبي حماية الطفولة    تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة: وزارة الصحة تصدر بلاغ هام وتحذر..#خبر_عاجل    انطلاق أولى السفرات التجريبية لقطار المسافرين بين تونس والجزائر    النادي الافريقي يصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    عاجل/ مستجدات في جلسة محاكمة شيماء عيسى..    وزارة التربية تنفي تسريب اختبارات اليوم الثاني لإمتحان الباكالوريا    الدورة 65 لمهرجان سوسة الدولي: يسرى محنوش في الافتتاح ومرتضى في الاختتام    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الخامسة والعشرين    700 مليون دولار استثمارات تركية في تونس.. مساع لتعزيز المعاملات البينية    إسبانيا تنضمّ إلى الدعوى التي قدّمتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني    اجة: مبادرة بقبلاط لتخفيض سعر الخرفان    السعال الديكي يتفشّى في أوروبا والسلطات تحذّر    الصحة العالمية تعلن تسجيل أول وفاة بشرية بمتحور من إنفلونزا الطيور..#خبر_عاجل    رئيس الحكومة يلتقي عددا من أفراد الجالية التونسية بسيول    طبيب فرنسي يُهاجم نادين نسيب نجيّم...كيف ردّت عليه؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسرى فلسطينيون محرّرون ل «الشروق»: «الأوساخ أكلة رئيسية... والإذلال وجبة يومية»
نشر في الشروق يوم 19 - 10 - 2011

ودّع أمس 1027 أسيرا فلسطينيا «زنازين الموت».. واستأنفوا رحلتهم مع الحياة.. بعد تجربة مريرة من المآسي والمعاناة.. لكن القصة لم تنته هنا.. خرج هؤلاء الأسرى من «سجنهم الصغير».. لكنهم سيدخلون منه الى سجن آخر كبير.. نعم، هكذا هي حياة الفلسطيني.. وهذا هو «قدره الحتمي».. فكل فلسطين هي اليوم في الأسر.. كلها تنتظر من أبنائها أن يفكّوا عنها قيودها وأن يرفعوا الحصار عن أرضها ومائها وسمائها.. وحدوها.. فلسطين، هذه «الدرّة الأسيرة» ستشارك اليوم أبناءها المحرّرين فرحتهم.. تماما كما شاركتهم كلّ لحظات محنتهم.. ستحتفل بهم.. ستقبّلهم.. وتشاركهم لحظة النصر و«البطولة».. لكنها ستبكي عجزها عن احتضانهم والتصفيق لخبر الإفراج عنهم.. فأياديها لا تزال مغلولة.
تحية للمقاومة
أكدت الأسيرة الفلسطينية المحرّرة إيرينة صراحنة ل«الشروق» بعيد الافراج عنها أنها تشعر بفرحة غامرة لإطلاق سراحها بعد سنوات طويلة قضتها في السجن لكنها كانت تتمنّى أن تكتمل فرحتها هذه بتحرير باقي الأسرى الذين احتفظ بهم الاحتلال في زنازينه».
وقالت في هذا الصدد إنها تحيي المقاومة الفلسطينية التي يعود لها، بعد اللّه، الفضل في تحرير هذا العدد المهم من الأسرى الفلسطينيين» مؤكدة أن هذا الأمر يؤكد أن المقاومة هي الخيار الوحيد للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
وأضافت «إنها تتمنّى أن يفرج قريبا عن باقي الأسرى.. وعددهم بالآلاف» ولكنها تعتقد أن ذلك غير ممكن إلا بفضل المقاومة وليس بالمفاوضات التي لم تؤدّ الى تحرير ولو أسير فلسطيني واحد.
وذكرت أيرينة صراحنة وهي أوكرانية الأصل وحكم عليها بالسجن 18 عاما قضت منهم 9 سنوات بسب اتهامها بالمشاركة في عملية فدائية أنها تمنّت لو أن زوجها كان من بين الأسري المحرّرين.
وقالت انها ستستمرّ في النضال حتى إطلاق سراح زوجها وإخوته.. وأضافت في حديثها ل«الشروق» أنها تعتبر نفسها فلسطينية وهي ترفض الابعاد عن وطنها فلسطين مشيرة الى أنهم عرضوا عليها أكثر من صفقة لمغادرة فلسطين، لكنها فضّلت البقاء في السجن على مغادرة البلاد.
كما تحدثت الأسيرة المحرّرة عن وضع الأسيرات مشيرة الى أنها كانت تتمنّى لو شملت الصفقة كافة الأسيرات لكنها تعتبر أن الافراج عن بعضهن يشكل خطوة وطنية مهمة.
وأكدت أنها واثقة من أن هؤلاء الأسيرات سيفرج عنهن ومن أنهن سيرين نور الحرية قريبا جدا بإذن اللّه.
من جانبه أكد الأسير الفلسطيني المحرّر علاء خالد ابراهيم بدوي (بيت لحم) ل«الشروق» أنه يحيي المقاومة الفلسطينية الباسلة والثورة الشعبية المصرية اللتين لولاهما لما خرج 1027 أسيرا فلسطينيا ولولاهما لما عادت قضية الأسرى الى واجهة الأحداث كمسألة مركزية ورئيسية في عناوين القضية الفلسطينية.
وتابع ان المقاومة الفلسطينية والثورة المصرية ردّا الاعتبار الى قضية الأسرى ونفضا عليها الغبار بعد أن كانت عبارة عن قضية منسية..
وأضاف أنه وهو يودّع سجون الاحتلال يشعر بفرحة ممزوجة بالألم لبقاء أكثر من 6 آلاف أسير فلسطيني في زنازين الاحتلال الصهيوني وأيضا يشعر بالألم وهو يجد الشعب الفلسطيني مازال منقسما بين الضفة وغزّة.
وأبدى الأسير المحرّر حزنه على بقاء هؤلاء الأسرى في سجون الاحتلال مشيرا الى أن البعض منهم مضى على اعتقاله أكثر من ربع قرن.
وتحدث علاء خالد ابراهيم بدوي أيضا عن الاضراب الذي يخوضه الأسرى منذ أسابيع قليلة مؤكدا أن هؤلاء الأسرى يعانون من سياسة العزل في الزنازين الانفرادية ويتعرضون الى مجموعة من الاجراءات العقابية مثل منع زيارة الأهل.
وأكد أنه يتمنّى من القيادة الفلسطينية الوحدة بما في ذلك من فائدة للقضية الفلسطينية.
وفي ردّه عن سؤال حول الأسرى المبعدين قال ان هذا الابعاد لم يؤثر على معنويات الأسرى وأنه خطوة في طريق عودتهم الى الوطن.
وأضاف أنه يعيش مشاعر مختلطة من الفرح بالتحرّر والحزن على فراق من تركناهم في السجون مشيرا الى أن الوضع في السجن مثل العائلة حيث يواجه الأسرى ظروف الاعتقال مجتمعين مؤكدا أن وحدتنا كانت أفضل سلاح نواجه به سياسة القمع الصهيونية.
وأكد أن لحظة الفرحة بتحرّره هو ورفاقه من الأسر لن تنسيه المعاناة التي يكابدها الشعب الفلسطيني في كل المناطق بسبب الاحتلال وسياسة الحصار والحواجز والتشريد التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بشكل يومي..
وحول تجربة الاعتقال التي عاشها في زنازين الاحتلال يقول انها كانت مأساة حقيقية لا يمكن وصفها على الاطلاق.
وأشار الى أنه عرف خلال فترة اعتقاله كل صنوف التعذيب والاذلال مؤكدا أنه ذاق الأمرّين مثل غيره من الأسرى وأنه تعرّض الى شتّى أنواع الحرمان والضرب المبرّح والاستفزاز والابتزاز القاسيين اللذين كانا حالة يومية لجميع الأسرى بلا استثناء.
تجربة قاسية
في هذا الاطار بالذات يؤكد الأسير المحرّر خالد الزواوي في اتصال مع «الشروق» ما جاء على لسان عادل البدوي مشيرا الى أن تجربة الأسر هي من أقسى التجارب في حياته.
وأضاف «إنها خليط من كل الحالات المأساوية والمريرة.. إنها توقف عن الحياة بكل المستويات.. فالسجن يضعك خارج الحياة.. في غرفة بثلاثة أمتار لا تخرج منها سوى ساعتين في النهار».
وتابع «السجن تسبب للكثير من الأسرى في أزمات نفسية وإنسانية.. هي بكل بساطة تجربة مريرة.. وهي ضريبة من ضرائب العمل الوطني الفلسطيني».
وأشار في هذا الاطار الى جانب من الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى منذ لحظة الاعتقال حتى لحظة الافراج عنه مؤكدا أنه عملية إذلال بشعة وقاسية يمنع فيها الأسير من أبسط متطلبات الحياة.
وأضاف « إنهم منعونا من النوم ومن الطعام أحيانا وحتى من قضاء الحاجة.. ويحدّدون حتى نوعية الكتب التي يجب أن يقرأها الأسير.. ويحدّدون أيضا ماذا تشاهد وفي أغلب الأحيان يبقى الأسير معزولا في زنزانة منفردا».
وأوضح «في الكثير من الأحيان كنا نجد في الفول الدود.. وكمية الطعام هي غير كافية وأيضا غير ناضجة ومتّسخة.. إنها حالة من الذلّ التي لا توصف».
.. هكذا بدا خالد يستعيد تلك اللحظات غير البعيدة من حياته.. ولكنها لحظات جعلته أقرب الى وطنه فلسطين.. سنوات من الأسر هي بالنسبة إليه والى غيره من رفاقه الأسرى رحلة لا تنسى من المآسي والمعاناة.. ولكنها لا تساوي شيئا أمام مأساة وطن كامل يجمع كل الأسرى على أن فرحتهم بالتحرّر لن تكتمل إلا بتحريره.
أخلي سبيلها في صفقة «شاليط »: آمنة جواد علي منى ...قصّة شهيدة مع «تأجيل» التنفيذ
اليوم وبعد أحد عشر عاما و9 أشهر ...ترى آمنة منى الحريّة لأول مرّة منذ أن تم اعتقالها في جانفي 2001 لكن بابعادها الى قطاع غزّة بعد أن كانت رفضت الابعاد عن الاراضي المحتلة والى أي دولة أخرى.
تونس (الشروق) سميرة الخياري كشو
آمنة منى قصة فتاة عسيرة على الخضوع ..شربت حبّ الوطن في شرايينها ..وتعلمت فنّ المقاومة وأن الوطنيين أبقى من جلاديهم...وأن الخونة الى مزبلة التاريخ ذاهبون ...طيلة سنوات الأسر لم تخضع ولم تستسلم ...فكانت صامدة ..وقويّة وأضحت الشوكة الدائمة في خاصرة سجانيها بسجن «عوفر» داخل «تل الربيع» «تل أبيب» والمدافعة الأولى عن حقوق الأسيرات الفلسطينيات والناطقة باسمهنّ وبدموعهنّ وآلامهنّ، وصل بها الأمر قبل 3 أعوام الى الاضراب لأسابيع عن الطعام احتجاجا على سوء معاملتها ووضعها داخل غرفة انفرادية أو أخرى مليئة بالعاهرات الاسرائيليات... أنثى حفت بها جرائم الاحتلال فتلحّفت بقصص المعذبين في فلسطين.. وتلحفوا هم بها.
لم تكن آمنة الجواد علي منى انسانة عادية.. فقد كنت المفاجأة كبيرة حين اختزلت الحياة والموت والكرامة الوطنية في جملة: «لماذا أنتظر الموت.. أموت وأنا أفعل شيئا..» كانت فتاة الربيع الثالث والعشرين تعي ما ذهبت إليه بمحض إرادتها..
استدرجت آمنة ابن الجنرال أحوم اسمه عوفر لعلاقة افتراضية.. ومن ثم كان الموعد للقائه بمحطة الحافلات بالقدس المحتلة..
كانت آمنة تنوي وفق الخطة.. أن تأخذه أسيرا لدى حركة فتح التي تنتمي إليها.. لكن «عوفر» ولما رفض النزول من السيارة ليأخذه الشباب.. قتلوه..وكان أن واجهت آمنة حكما بالسجن مدى الحياة.. وكان لنا معها حوار مطوّل نشرته «الشروق» في جانفي 2010 نقتطف منه ما يلي ...
تقول :اسمي آمنة جواد علي منى ولدت يوم 26 نوفمبر من سنة 1977 بمنطقة «بير نبالا» شمال مدينة القدس لم أعش طفولة عادية مثل باقي أطفال العالم.. لم ألعب بعروس أو لعبة مازلت أذكر تلك السنوات الاولى لي في الحياة.. كنت طفلة في الخامسة من العمر ذكية وأتطلع كثيرا الى كل ما يدور حولي وجنود الاحتلال يطوقون بيتي.. أشياء كثيرة بقيت عالقة برأسي الى اليوم من مذبحة «صبرا وشاتيلا» سنة 82. تلك المناظر التي رأيتها وسمعتها كانت لها علاقة مباشرة بتكوين شخصيتي.. كيف يُقتل أهلي في لبنان؟ لماذا؟ وأتساءل كل يوم متى يأتي دورنا لنذبح بدورنا.. كانوا يقتحمون المنازل ومايزال مشهد تلك المرأة وهي تصرخ «آش بدكّم» في أذني أدخلوها الفناء مصابة بطلق ناري وملطّخة بالدماء وقد ماتت.. ومنذ تلك اللحظة وأنا أتساءل طيلة الوقت متى سيأتون.. لقتلي؟.. لكنهم لم يأتوا ربما بعد عام أو عامين فلماذا أنتظر الموت.. «أموت وأنا أفعل شيئا».. وقررت يومها أن لا أكون إنسانة عادية.. أن أكون فاعلة وأن لا أنتظر الموت حتى يطرق بابي مثل تلك المرأة...
لقد أمسكت بالبارودة في عمر الطفولة الاولى.. لقد لمستها كان طولي أقل منها.. سحبتها مني أمي وصرخت بوجهي «لا تفعلي ذلك».. لكن أحسست حينها أنني أستطيع وأنه بإمكاني حمل بندقية...
يوم قلت للجندي أنت حمار...قررت أن أتمرد على العادات.. كانوا يقولون لي أنت طفلة.. والفتاة مكانها البيت ليس الشارع.. لكني لم أحتمل هذا القرار وقررت أن أتطلّع الى المستقبل بطريقتي يجب ان أقدم شيئا لوطني.. لن انتظر الموت حتى يطرق بابي.فصرت مطلوبة منذ الطفولة .
وحين اعتقلوني وعمري 8 سنوات عذبوني ولم يعاملوني كطفلة كانوا يلقون رباطا ملوثا حول يدي المحروقة ويشدّونها بعنف لفترة طويلة.. حتى أصبحت لا أحس بالوجع.. في لحظة لم أعد أتألم لم أعد أحسّ بأي شيء.. لم يعد هناك فرق.. حاولوا افتكاك اعتراف مني بالقوة.. فضربوني على رجلي وفي كل انحاء جسمي.. لكن ضربهم لم يزدني الا عنادا.. وحين يئسوا مني تركوني.. نعم تركوني دون اسعاف.. وأصبت بتعفن في يدي قضيت اثرها شهرا كاملا في العلاج.. حتى القلم لم أعد احتمل مسكه.. وأغلقوا ا لمدرسة مدة أسبوع انتقاما مني.
تسترجع آمنة ذكريات الطفولة من أول اعتقال الى الاعتقالات التي جاءت متتالية فيما بعد خلال الانتفاضة بالقول: «7 مرات.. نعم اعتقلت هذا العدد خلال 3 أعوام من سن 12 عاما الى سنة 15 فقد كنت عنيدة.. ولم أحسّ بأي ألم بعد ألم تلك الحروق.. لم أعد أخاف بل كانوا يخافون مني. لأنه كان باستطاعتي تحريك المدرسة كلّها.. ومنذ ذلك التاريخ انطلقت حياتي التي أحس كل يوم انها صعبة.. لم أعد أشعر بالأمان الى اليوم.. في اي لحظة يمكن ان أموت أو أُعتقل لذلك صرت أنام بملابسي.. فإذا ما اعتقلوني أكون جاهزة...
لقد حلمت بأشياء كثيرة حين كنت طفلة.. حلمت ان أدرس العلوم العسكرية.. لكن ليس لنا جيش ولا سلاح ولا حتى مدفع تمنيت ان أدرس الحقوق لكننا كلنا شعب مظلوم بحاجة لمن يدافع عنّا ولا أحد يدافع عنا. لا وجود لنا على خارطة الأجندا التابعة لهم.. حلمت ان تكون لنا دولتنا الخاصة.. وكل يوم أعود من المدرسة يتبخر الحلم فقد كانوا دائما موجودين.. الصهاينة المدججين بالسلاح في كل الشوارع والازقة.. صعبة هي الحياة تحت رحمة الاستعمار...لقد أثرت في شخصيتي وحياتي..
.. كبرت وكبر معي الشعور بالقهر.. لكني كنت أنشط كل يوم ضد الاستعمار.. قبل 4 أعوام أحسست أن هناك تركيزا على شخصي على آمنة بالذات لكن أي خطر يمكن ان أشكّله.. لم أكن غنيّة ولم تكن لنا الفرصة.. بل كنا فقط مقموعين بكل أشكال القمع التي خلقت في العالم.. حتى صرت أرى نفسي شهيدة مع وقف التنفيذ..
إنه شيء أفخر به أن أموت في سبيل الوطن فهي أمنيتنا البسيطة كمواطنين عاديين.. فأنا لم ألعب بالحبل ولا أعرف لمدينة الملاهي طريقا وكل الاشياء الجميلة لا أعرف كيف تكون؟ كيف تعيش سعيدا وتنهض صباحا ضاحكا على وطن حرّ؟.. فالوضع هنا تعيس جدا.. لا يوصف.
نعم واجهت صعوبات فالإصابة برصاصة مقصودة أمر عادي والاعتقال موجود، كل شيء مباح لدى الصهاينة بعد اغتصاب أرضنا.. فأنا أسكن منطقة تتوسط بين القدس المحتلة ورام اللّه بين منطقة تحكمها يد الطاغية أسكنها وأعود إليها مساء وبين منطقة فيها السلطة الفلسطينية حيث أعمل كل يوم أرى نفس المشهد الجنود الصهاينة المدجّجون بالسلاح.. سوء المعاملة.. والتقاط صور للناس وهم يموتون أو يتألمون.. يقولون إنني أرمي بنفسي إلى الموت.. كيف؟
أريد أن أعيش.. لكن ليس هناك أشياء تستحق العيش دون وطن لذا إذا تطلب الأمر الموت من أجل الوطن فأنا أرحّب به.
«من يراني أنثى لا تصلح إلا للزواج فهو لا يلزمني.. لأنني لن أتخلى عن طريق النضال هذا الطريق الذي عرفته منذ كنت طفلة.. فالوطن في نهاية الأمر أغلى من كل رجل.
هذه باختصار قصة المرأة التي لقبها الاعلام باللّغز.. قصة فتاة قررت أن تكون حرّة في بلد محتل، وقررت أن تكبر قبل الأوان.. قصة صديقة عرفتها ذات شهر من عمر الانتفاضة. وترافقنا تحت صوت القنابل وأزيز الرصاص ...
حلمت بأن تحقق شيئا وألاّ تنتظر الموت حتى يطرق بابها.. وأن تنظم معرضا للصور التي التقطتها..
.. اعتقلت آمنة.. لكنها لم تكن باعتقالها أسيرة عادية وقد احتلت قائمة المطلوبين لاطلاق سراحهم، مقابل الجندي الصهيوني «شاليط» وهاهي تعود الى ساحة المعركة من جديد , فدمتي حرّة صديقتي ودمت صامدة في رتبة وطن .
قدامى الأسرى...: «العنوان» و«الذكرى»!
تونس (الشروق):
انطلقت قوافل الحرية يوم أمس لتحتضن أبناءها الأسرى منذ سنوات طويلة، في عملية «وفاء الأحرار»، التي تضم أحرارا أمضوا حياتهم فداء للوطن.
لائحة الأسرى المحررين تضم أسماء كبيرة بعضها قضى في المعتقل عقدين أو ثلاثة، وتتراوح بين قياديين في حركات المقاومة أو مسؤولين مباشرة عن قتل أعداد كبيرة من الصهاينة.
هذا ويبرز في لائحة قدامى الأسرى الذين تم الافراج عنهم اسم «العميد» نائل البرغوثي الذي يمضي عامه الثالث والثلاثين في المعتقل وهو كان في حركة فتح حين اعتقل ثم انضم الى حركة حماس خلال وجوده في الاعتقال.
ومن الأسرى الذين تجاوزوا ثلاثة عقود في المعتقل: أكرم منصور المعتقل منذ عام 1978 بتهمة قتل سائق حافلة اسرائيلي، فيما يبرز اسم فؤاد الرازم، عميد الاسرى المقدسيين الذي اعتقل عام 1981 وحكم بالمؤبد، وهو من الأسرى المقدسيين الستة الذين شملتهم الصفقة.
ومن الأسرى الذين أمضوا أكثر من عقدين في المعتقل، يبرز اسم القيادي في حركة «حماس» المحكوم بالمؤبد روحي مشتهى والذي يمضي حاليا عامه الرابع والعشرين في المعتقل.
وضمن المجموعة نفسها، أحمد أبو حصيرة، الذي اعتقل عام 1986 وكان أول أسير لحركة الجهاد الإسلامي داخل المعتقلات الصهيونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.