أدى هجوم للمتمردين الأكراد الأتراك امس الى مقتل 26 جنديا تركيا إلى إثارة غضب أنقرة التي أعلنت بدء عملية انتقامية واسعة النطاق ضد الأكراد في تركيا وفي العراق ترمي خصوصا لمنع استفادة أكراد الشرق الأوسط «على طريقتهم» من الربيع العربي.. أعلنت السلطات التركية وفاة جنديين آخرين من الجرحى ال 18 ليرتفع بذلك عدد القتلى في صفوف الجنود الأتراك الى 26 قتيلا في أعنف هجمة مسلحة نفذها حزب العمال الكردستاني في «تشكورجا ويوكساك أوفا» على الحدود مع شمال العراق منتصف الليلة قبل الماضية واستمرت حتى الخامسة من فجر أمس.. الانتقام العظيم واستهدفت عمليات حزب العمال الكردستاني المتزامنة ثمانية أهداف عسكرية تركية وهو ما أثار غضبا شديدا في أنقرة ودفع القادة السياسيين الأتراك الى إلغاء تنقلاتهم.. ووصل الأمر بالرئيس التركي عبد الله غول الى حد الوعيد «بالانتقام العظيم» وهو ما لم تتلفظ به القيادة التركية منذ اندلاع النزاع المسلح بين تركيا و«أكرادها» عام 1984. وأمرت حكومة أنقرة المجتمعة امس برئاسة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان القوات المسلّحة بالردّ المباشر والسريع برّا وجوّا. وتحركت على الفور القوات الخاصة التركية في المنطقة الحدودية مع شمال العراق في سلسلة عمليات تضمنت توغلا داخل الاراضي العراقية على مسافة اربعة كيلومترات كما قصفت المدفعية التركية مواقع مفترضة للمتمردين الأكراد يقع بعضها على عمق حتى أربعين كيلومترا داخل الاراضي العراقية. وجاء في حصيلة أولية ان أكثر من 15 متمردا كرديا لقوا مصرعهم. طوارئ تركية كان المتمردون الأكراد شنّوا في السابق هجمات أعنف خلّفت عددا أكبر من القتلى بين مدنيين وعسكريين أتراك ولكن القيادة التركية رأت في الهجمات الجديدة للمتمردين الأكراد أمرا استثنائيا يتطلب ردّا استثنائيا.. وفي إطار «الطوارئ» المعلنة ضمنيا في صفوف القيادة التركية الغى رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان زيارة مقررة لكازاخستان وألغى وزير الخارجية أحمد داود أوغلو زيارة لصربيا. أما نائب رئيس الوزراء ولنت ريتش فقطع زيارة الى مقدونيا وشارك في الاجتماع الحكومي الطارئ. ودعا رئيس الوزراء التركي أردوغان مواطنيه الى الصمود وعدم الاستسلام والى عدم التراجع ومواصلة مكافحة الارهاب وكل من يؤيده في السر والعلن. وكانت الحكومة التركية مددت بداية أكتوبر الجاري المهمة التي تسمح للجيش بالتدخل خارج الحدود وارسال قوات الى شمال العراق وحتى بالتوغل لمسافة هامة في الاراضي العراقية. ولاحظ مراقبون ان اهتمام أنقرة بالربيع العربي ودعمها المكثف للثورات العربية أثارا حفيظة الأكراد الذين طال كفاحهم السياسي والعسكري منذ اربعين عاما حتى منذ ان قسمتهم الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط على دول المنطقة. وفي تركيا لم يحصل الأكراد على أكثر من الوعود من حكومة أردوغان بالاعتراف بالهوية الكردية في دستور البلاد.