اختتم المؤتمر العالمي الثاني للاعلام الاسلامي الذي عقدته رابطة العالم الاسلامي بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية الأندونيسية مؤخرا أعماله بإصدار «بلاغ جاكرتا» الذي دعا الدول الاسلامية الى التعاون للنهوض بالاعلام ودعم آلياته. المؤتمر الذي احتضنته جاكرتا على مدى ثلاثة ايام بعد حوالي 33 عاما من المؤتمر العالمي الاول للاعلام الاسلامي والذي حمل عنوان «تأثير الاعلام الجديد وتقنية الاتصالات على العالم الاسلامي: الفرص والتحديات» كان عبارة عن مساحة فكرية هامة تطارح فيها المشاركون ما يمكن ان تقوم به وسائل الاعلام من مهمات على مختلف المستويات تحقيقا لمتطلبات الارتقاء بالاعلام الاسلامي ورفع مستوى الاعلام لدى المسلمين والارتقاء بانتاجية العمل فيها ودعما للجهود المبذولة في الدفاع عن الاسلام ومواجهة الحملات الظالمة التي تستهدفه. وبعد نقاشات مستفيضة تخللها تقديم عديد المداخلات وورقات عمل خرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات التي تشدد على مزيد النهوض بالاعلام الاسلامي ودعمه بما يحقق اهدافه ويحافظ على شرف مواثيقه وينجز اهدافه الاسلامية والانسانية. وفي هذا الاطار دعا المؤتمر وسائل الاعلام في الامة الاسلامية الى مساندة جهود الحوار مع مختلف الثقافات واتباع الديانات والحضارات ومدّ جسور التواصل معها وايجاد البرامج التي تؤدي تلك المهمات واستلهام المنهاج الاسلامي في التواصل والحوار مع غير المسلمين. كما دعا المؤتمرون وسائل الاعلام في البلدان الاسلامية خاصة وفي دول العالم كافة الى استثمار الطاقات الاعلامية السلمية المعروفة حديثا بتعبير «القوة الناعمة» في التواصل مع الثقافات الاخرى وتوظيفها وتنميتها للتفاهم في مجال السياسة الدولية وحل النزاعات بين الأمم والشعوب بالطرق السلمية. وناشد المؤتمر دول العالم كافة التصدي لكل ما من شأنه المساس بالرسالات الإلهية والرسل (عليهم الصلاة والسلام) وضبط حرية التعبير المؤدية الى الانزلاق والتفسّخ وافساد أخلاق النشء ودعا الى إيجاد وسائل تحقق التنسيق بين المؤسسات الاعلامية في العالم الاسلامي والاستفادة البينية بين دوله في تبادل الخبرات واستثمار ما تملكه بعض الدول الاسلامية من تكنولوجيا متقدمة في مجال الاتصال والمعلومات. وذكر المؤتمر في هذا الإطار بأهمية الاعلام في ترسيخ قيم الأمن والتكامل في المجتمعات الاسلامية بين الجهات الرسمية والشعبية ودوره في مواجهة التطرف والغلو والفتن والارهاب. كما حث على العمل على تطوير مناهج كليات الاعلام في العالم الاسلامي لمتابعة التطورات المتلاحقة في مجال الإعلام بما في ذلك توفير المعامل والمعدات التي يحتاج إليها الطالب لتطبيق ما يتلقى من نظريات وبما ييسّر للمتخرجين التعامل مع ما ينتجه العالم اليوم من مخرجات تقنية اعلامية. كما دعا المؤتمر الهيئات والمؤسسات في دول العالم الاسلامي إلى الاستفادة الصحيحة من وسائل الإعلام الجديدة بالوجود الفعلي فيها والتفاعل النشط مع مستخدميها والاسهام في تصحيح الأفكار الخاطئة والمعلومات غير الدقيقة التي يتداولها البعض عبر هذه الوسائل وطالب المؤتمرون في «بلاغ جاكرتا» بالتركيز على توعية الشباب بما يحقق أفضل استفادة من هذه الوسائل بحسن استخدامها وتحصينهم من سلبياتها. كما أكد البلاغ على التعاون بين رابطة العالم الاسلامي ووزارات الاعلام والثقافة ومؤسسات الاعلام في الدول الاسلامية وتوجه المشاركون في المؤتمر بالشكر إلى جمهورية أندونيسيا كما أعربوا عن تقديرهم لرابطة العالم الاسلامي على عنايتها بالاعلام والثقافة الاسلامية ودعوا إلى استمرار التواصل والتعاون بين الرابطة ووزارة الشؤون الدينية في أندونيسيا في إنجاز البرامج الاسلامية المشتركة. وطلب المشاركون من معالي الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي رفع برقية شكر وتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ولولي عهده الأمير نايف بن عبد العزيز عرفانا بما تقدمه المملكة من خدمة للإسلام والمسلمين، كما أصدر المؤتمر ميثاق الشرف الاعلامي للمؤسسات الاعلامية ووسائل الاتصال وذلك حفاظا على الواجب الاعلامي وسمو أهدافه وشرف المهنة وتقاليدها حيث أقر الاعلاميون المشاركون المبادئ العامة وأخلاقيات العمل الاعلامي في هذه الوثيقة وأعلنوا الالتزام بها وفق مبادئ وأهداف عامة للاعلام الاسلامي لترسيخ الايمان بقيم الاسلام ومبادئه الخلقية ورسالته العالمية وصون الهوية الاسلامية من التأثيرات السلبية للعولمة والتغريب والحفاظ على عقيدة الأمة وعلى سلامة المجتمع المسلم. وشدّدت الوثيقة على حق التعبير في حدود الضوابط الشرعية والمعايير النظامية ومصالح الأمة. كما دعت الوثيقة الى القيام بالواجبات والمسؤوليات للتعريف بالاسلام وبقضايا الأمة الاسلامية وتشجيع الشعوب الاسلامية على التعارف في ما بينها وعلى التعارف مع الآخرين والاهتمام بتراث الاسلام وتاريخه وحضارته والعناية باللغة العربية. التعاون والتكامل وفي تصريحات خاصة ل«الشروق» على هامش المؤتمر أكد الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي الدكتور عبد اللّه التركي على ضرورة العمل من أجل تحقيق التعاون والتكامل وتفعيل الجهود الرامية الى مواجهة التحدّيات القائمة. وأوضح أن الرابطة نجحت في ابراز حقائق الاسلام في العالم وفي تصحيح صورة الاسلام لدى الكثير من الناس من خلال مثل هذه المؤتمرات مشدّدا على أهمية الاعلام في بيان حقيقة الاسلام ودعم المؤسسات الاسلامية وايصال الرسالة الصحيحة. وفي ردّه على سؤال حول دور الرابطة أكد أنها تمثل الشعوب والأقليات المسلمة في أي مكان مشيرا الى أن لديها تواصلا مع مختلف المهتمين بالقضايا الاسلامية على المستويين الرسمي والشعبي.