قبل أيام من بداية أعمال اللجان التأسيسية المكلّفة بصياغة الدستور صرّح الوزير الأول السيد حمادي الجبالي بأنّ إعداد الدستور سيستغرق مدّة لا تتعدّى 18 شهرا... كيف تقرأ مختلف مكونات المشهد السياسي هذه الإشارة وهل في ذلك تراجع عن الالتزام بمدّة العام؟ وتتّفق مختلف الأطراف داخل المجلس التأسيسي وخارجه على ضرورة أن يتمّ إعداد الدستور في أقرب الآجال، وعلى أهمّية الالتزام السياسي والأخلاقي الذي تمّ التعهّد به بألّا تتجاوز هذه المرحلة الانتقالية السّنة، لكن لا شيء يضمن الفراغ من المهمّة الأساسية للمجلس التأسيسي (صياغة الدستور) في آجال معقولة، فالبعض يتحدّث اليوم عن 9 أشهر والبعض يتحدّث عن سنة أو ما يزيد عنها بقليل أو كثير، ولكنّ الإجماع قائم على ضرورة التعجيل بإنهاء المهمّة في آجال معقولة ومقبولة تُجنّب البلاد الوقوع في فراغ أو في حالة توتّر جديدة... عضو المجلس التأسيسي عن حركة النهضة عامر العريض أشار «إلى أنّ المجلس بصدد وضع اللمسات الأخيرة لتكوين اللجان ومن ضمنها اللجان التأسيسية، وبالتالي سينطلق العمل التأسيسي عمليا الأسبوع القادم وكلّ لجنة ستحدّد لنفسها المنهجية التي تراها.» وأضاف العريض «شخصيا أتوقع ألّا تطول عملية صياغة الدستور كثيرا لأنّ الفصول والقضايا محلّ الخلاف ليست كثيرة» مشيرا إلى أنّ «الآجال الزمنية ستكون مرتبطة بنسق عمل اللجان وبمدى التوصّل إلى توافقات حول القضايا الخلافية». وتابع العريض «نحن حريصون على إنجاز العمل في أقرب الآجال ورئيس الوزراء تحدّث عن أنه يمكن إنجاز المهمة في أقل من 18 شهرا، قد تكون المدّة سنة وقد تكون أقل من ذلك وقد تكون أكثر من السنة بقليل... هذه كلها احتمالات ونحن لا نُصادر على اللجان عملها ولكن ما أؤكده أنّ الجميع على وعي بضرورة تسريع العمل وإنهائه في أقرب الآجال». من جانبه اعتبر عضو المجلس التأسيسي عن القطب الديمقراطي الحداثي سمير الطيب أنّ في تصريحات الجبالي رسالة طمأنة إلى الأوروبيين مفادها أنّ تونس لن تبقى في المؤقت بل ستجري انتخابات ديمقراطية وشفافة بعد عام أو عام ونصف تحت مراقبة هيئة دائمة مستقلة للانتخابات وستدخل البلاد بعدها مرحلة المؤسسات الدّائمة. وأشار الطيب إلى أنّ مسألة ال 18 شهرا هي «مقترحنا الذي عرضناه خلال مناقشة قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية حين اقترحنا ضرورة التنصيص على أن يدوم عمل المجلس سنة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة لمدّة 6 أشهر». وأضاف الطيب «نأمل أن يتمسّك الجبالي بهذه الكلمة ونحن الآن ندعمه ونريد لتونس أن تحصل على المساعدات الأوروبية ولكن ننتظر أفعالا، وأمام الجبالي اليوم فرصة». وطالب عضو المجلس التأسيسي بأن يبادر المجلس بفتح ملف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وسنّ قانون ينظم عملها بصفة دائمة، مشيرا إلى أنّ هناك 50% من التونسيين غير مسجّلين في القائمات الانتخابية وهناك آلاف الشباب الذين تمّ تكوينهم وعملوا على إنجاح انتخابات 23 أكتوبر 2011 وهناك 13 مليون دينار متبقية من ميزانية هيئة كمال الجندوبي فلماذا لا يبدأ العمل من الآن للتحضير للانتخابات القادمة؟».