البعض اعتبر أنّ المرزوقي تصرّف كحقوقي أكثر منه كرئيس دولة ولم يستسغ ما رآه من جرائم مرتكبة ضدّ الشعب السوري فكان سبّاقا إلى اتخاذ قرار طرد السفير وقطع العلاقات مع النظام القائم في دمشق، والبعض اعتبر القرار متسرّعا والبعض اعتبره مفاجئا، «لأنّ العرف الديبلوماسي يفرض شيئا من الرصانة والرئاسة التونسية لم تفكّر في عواقب هذا القرار من ردة فعل النظام السوري أو حلفائه قد تهدّد مصالحنا العليا» كما أكّد الشيخ عبد الفتاح مورو. وحسب الفصل 11 من قانون التنظيم المؤقت للسلطات العمومية يتولى رئيس الجمهورية تمثيل الدولة التونسية ويتولّى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة رسم السياسة الخارجية للدولة بالتشاور والتوافق بينهما. واعتبر المحلّل السياسي والديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي أنّ القرار عادي واتّخذ من طرف السلطة التنفيذية وليس هناك أي تضارب بين مكونات هذه السلطة في ما يتعلّق باتخاذ القرار بل إنّ هناك انسجاما إلى حدّ الآن حول القرار، وبالتالي التساؤل يُطرح عندما يكون هناك تضارب وعندما يقول طرف في السلطة التنفيذية إنّه ما كان ينبغي اتخاذ مثل هذا القرار. وأكّد العبيدي أن الموضوع أكثر عمقا من أن نحصره في مسألة إجرائية لأنّ هذا القرار يؤثّر على موقعنا الجيواستراتيجي ويعرّض مصداقية تونس للشكّ، لأنه كان من المفروض أن يتم التنسيق مع دول الجوار المغاربية. ورأى العبيدي أنّ القرار يقطع مع سلاسة الديبلوماسية التونسية وتقاليدها في فترة من المفروض أن نسعى إلى منظومة جديدة من العلاقات والتحالفات والمصالح، مضيفا أنّ «من اتخذ القرار اليوم لم يطّلع على الملفّات ولا أعتقد أنه تمّت استشارة معمّقة لكفاءاتنا في الخارجية وفي البلاد التي تعرف علاقاتنا ومصالحنا. ورغم تحفّظه على القرار أكّد العبيدي أنّ «دورنا اليوم أن نحاول التقليص من وطأة هذا القرار وألّا نعمل على إضعاف الحكومة فيي الداخل بل يجب أن نفرّق بشيء من الجرأة بين الداخل والخارج وأن نكون على وعي بأنّ «معركة» الداخل والسعي إلى إضعاف الترويكا يجب ألّا يقع في إضعاف الدولة كما أنه من واجبنا أن نساعد الحكومة القائمةفي الإصلاح والتعديل إذا كان إصلاح هذا القرار ممكنا». أمّا أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد فاعتبر أنّ هذا القرار وإن قال المرزوقي إنه اتخذه بالتشاور وإن كان من صلاحياته أن يتّخذه فإنه كان عليه أن يوسّع دائرة مشاوراته، فطرد السفير أمر عظيم ستبقى آثاره على العلاقات بين البلدين ولو بعد سنوات أو عقود. وقال بلعيد إنّ القرار فيه تسرّع مجحف وقد كان من الممكن أن تُعبّر الحكومة عن غضبها بصفة تدريجية كأن تقوم بمسيرات تستنكر ما يجري في سوريا وكان من الممكن أيضا أن يتم استدعاء سفيرنا في دمشق لاستجلاء حقيقة الوضع ثم على أساس ذلك يمكن أن تبادر الحكومة إلى إصدار بيان إدانة ولكن لا يُمكن بأي حال أن نلقي بأنفسنا في البئر من البداية». وأضاف بلعيد أنّ طرد السفير كأنه خطوة تحضيرية لعمل كبير وخطير مثل إعلان الحرب، وبالنظر إلى خطورة المسألة كان ينبغي على الرئيس والحكومة لا استشارة المجلس التأسيسي فحسب بل الأطراف السياسية الأخرى لأنّ القرار له تأثير على مصالح البلاد العليا، متسائلا «ماذا ينتظر المجلس التأسيسي ليطلب مساءلة الحكومة على هذه الخطوة؟» وأشار الأستاذ بلعيد إلى أنّ الوزير الأول يقول إنّ هذه مسألة أخلاقية وإنه اتخذ القرار على هذا الأساس وبمعونة من الله، وفي ذلك تحدّ للرأي العام وللمؤسسات وبذلك خرجنا عن أي نطاق سياسي وقانوني ودستوري لأن المسؤول في الدستور لا يتعامل مع الله بل مع الذين كلفوه بهذه المهمّة أي المجلس التأسيسي ومن ثمة صاحب السيادة وهو الشعب. وحذّر بلعيد من أن اتخاذ هذا القرار لا يضرّ بالعلاقات بين تونس وسوريا فحسب بل إنّ البلدان المجاورة لم تعد تثق بنا بعد اليوم وهذا السبب وحده يكفي لإدانة هذا القرار، متسائلا «ما مصير آلاف التونسيين في سوريا؟» مشيرا إلى أنّ الوزير الأول قال إنّ الله معهم وهذا لا يليق برجل دولة حسب بلعيد.