الأطفال وعوا جيدا التآزر والتعاون في أسمى معانيه، والناشئة لامست مفاهيم تقارب الأجيال..والتلاميذ استوعبوا الدرس بحرقة في القلب ودمعة في العين.. يأتي ذلك في إطار الزيارة التي نظمتها مدرسة السلطنية إلى مركز للمسنين. الدرس يأتي في إطار مشروع تربوي يهدف أساسا إلى تعريف التلميذ بمجهودات مركزالمسنين بصفاقس في مساعدة المسنين بما من شأنه أن يغرس روح التضامن والتآزر في الناشئة، وعلى هذا الأساس تحولت مدرسة السلطنية البستان في بداية هذا الأسبوع إلى المركز الواقع بطريق منزل شاكر بصفاقس. مدير مدرسة السلطنية البستان السيد رشيد قاسم مرفوقا بمجموعة من المعلمين والمعلمات، اصطحبوا تلاميذ السنة السادسة أساسي، وتحولوا بحافلة إلى الفضاء بعد استعدادات انطلقت من خلال الدروس بالقسم لإبراز معاني التآزر وتوقير كبار السن والعناية بهم في شتاء العمر. ببراءة الأطفال، كان التطوع لجمع بعض الهدايا : أغطية، قوارير عطر، وحتى السكر والشاي، المربون تجندوا لجمع بعض التبرعات من الأولياء، بل وساهموا بروح المربين الفاضلين مما تملك أيديهم من زيف الحياة وتحصلوا على بعض المساعدات من الإتحاد الجهوي للمرأة بصفاقس ونسقوا لرحلة ميدانية على حافلة تابعة لولاية صفاقس. تلاميذ سنوات السادسة أساسي، كانوا على استعداد لفهم عالم غريب عنهم، عالم لا يمكن اكتشافه ومعايشته إلا بهجمة السنين والعقود...، لكن مدرسة السلطنية البستان استبقت الزمان، وكانت في المكان في فضاء يؤمه شيوخ وعجائز، بعضهم شاءت أقداره أن يكون هناك، وبعضهم أرادت الظروف الإجتماعية أن يكون بالمركز... فضاء فسيح، أبوابه محكمة الغلق، عناية تبدومن النظرة الأولى كبيرة، حديقة، غرف، فضاء للأكل، مقر عيادة طبية واستشفائية، والمهم إطار بشري يؤمن أن العطاء لا ينتهي داخل هذا الفضاء مع من خذلتهم الحياة... هناك يستوي الكل في العناية والخدمات : مقعد، سقيم، صحيح... مسنة ضاقت بها الحياة رغم اتساعها، عجوز هاجمها المرض ولفظها دفء الأسرة... المشاعر هنا واحدة : الحاجة إلى العناية والرغبة في ابتسامة مفقودة... الإطار البشري المشرف على المركز كله حيوية ونشاط ورحابة صدر، تنظيم محكم وعناية فائقة بالمسنين رغم ما يبديه بعضهم من قلق العجائز وشعور بالضيم وظلم الأقدار... اليافعون من التلاميذ استوعبوا الدرس وفهموا معنى الحياة وتحولاتها وغدر الزمن... والعجائز والشيوخ رأوا في الأطفال الزائرين طفولتهم المفقودة... بعضهم عاد بذاكرته إلى سنوات خلت فتحدث إلى التلاميذ وكأنهم أنداد وأتراب... الساعات مرت بسرعة في نفوس العجائز والصغار، ولحظة الفراق كانت بالدموع... ألم أقل منذ البداية : استوعب التلاميذ الدرس...