يتواصل مسلسل الصراع بين طرفي الصراع الأكثر ثقلا في الموقع الاجتماعي: ثلاثي الحكم من جهة واتحاد الشغل والمعارضة من جهة أخرى، ويتحدث الطرفان عن بداية ساخنة لشهر مارس بسبب العديد من الإضرابات المبرمجة. علامات المواجهة بين أنصار اتحاد الشغل والنهضة تملأ أغلب الصفحات، ومحتواها يتجاوز حدود الحوار في أغلب الأحيان إلى تبادل الشتائم والتهم الخطيرة. يكتب ناشط حقوقي شاب: «قبل سقوط بن علي، كان التونسيون متضامنين في «فايس بوك» ضد النظام، وبعد أن تحرّرنا انقسمنا إلى مسلمين وكفار، حولنا «فايس بوك» إلى ساحة معركة وحرب أهلية». وبالنظر إلى بعض الشعارات التي ينشرها العديد من الناشطين فإننا إزاء حرب إعلامية حقيقية تباح فيها كل الأسلحة ونرجو أن لا تزيد عن حدود الحرب اللفظية. في صفحات أنصار الاتحاد نقرأ تعاليق كثيرة تكشف عن خوفهم من خطة تنفذها الحكومة للسيطرة على اتحاد الشغل، ومن تحريض أنصار النهضة ضد النقابيين وإفراغ المنظمة من دورها الاحتجاجي التاريخي. ثمة تعاليق تتكرر في أغلب صفحات النقابيين جاء فيها: «الاتحاد أكبر من كل المؤامرات، كل من حاول التعدي على الاتحاد ندم على ذلك، الاتحاد قلعة النضال الوطني»، إلا أن بعض المنفلتين من أنصار الاتحاد لا يترددون في تجاوز تلك الشعارات نحو الدعوة إلى إسقاط الحكومة وحتى النظام والتحريض على العصيان المدني. في المقابل، ينشر أنصار النهضة في صفحاتهم مقالات حادة ضد اتحاد الشغل يتهمون فيها بعض قياداته بالانخراط في برنامج المعارضة وتسخير مناضليه في إضرابات متتالية تهدف إلى تعجيز الحكومة وإسقاطها. وإذا كان أعضاء الحكومة يترفعون هذه الأيام عن اتهام اتحاد الشغل مباشرة، فإن أنصار الحكومة وخصوصا النهضويين، لا يترددون في نشر مقالات ووثائق تتهم قيادات معروفة في اتحاد الشغل، كما ظهرت مؤخرا في بعض صفحات النهضويين دعوات إلى «ضرب اتحاد الشغل بتأسيس اتحاد إسلامي للشغل». ثمة أيضا حرب وثائق حول تورط زعماء طرفي النزاع في مساندة نظام بن علي، وهي كما أغلب ما ينشر في الموقع الاجتماعي وثائق لا يمكن التأكد من صدقها، خصوصا في ظل انتشار تقنيات معالجة الصور وسهولة تزييف أية صورة أو وثيقة، وهو ما يحدث كثيرا. على أن من ينشرون وثائق أو صورا مزيفة، لا يفعلون شيئا للاعتذار للناس بعد أن يتبين زيف ما نشروه أو شاركوا في ترويجه، لأنه لا أحد يخشى شيئا في الموقع الاجتماعي. نبحث طويلا عن مقالات أو تعاليق تدعو إلى رأب الصدع بين طرفي النزاع دون جدوى خصوصا في ظل الدعوة إلى إضرابات جديدة في بداية شهر مارس، يعتبرها أنصار اتحاد الشغل عادية وطبيعية لقطاعات تدافع عن حقوقها، ويعتبرها أنصار الحكومة خطة لبث الفوضى وإسقاط النظام. يزداد الموقف توترا بعد تداول تصريحات السيد محمد عبو التي جاء فيها ان هيكلا نقابيا تابعا لاتحاد الشغل يهدد بالتصعيد إذا ما تم خصم أيام إضراب عمال البلدية. يشن أنصار الاتحاد عليه حملة ضارية بحجة عدم المساس بالحق في الإضراب، «حتى بن علي لم يجرؤ على خصم أجور العمال عندما يضربون»، كما قرأنا في صفحة ناشط نقابي. بحثنا طويلا عن مقالات أو مواقف تحظى برضا الطرفين دون جدوى، عثرنا على تصريح للسيد عدنان المنصر المعروف بحياده وجودة ما ينشره، لكن موقفه مما يحدث بين الاتحاد والحكومة لم يعجب أحدا، خصوصا حين قال: «اتحاد الشغل منظمة نقابية عريقة، ومن مصلحتها حماية لمستقبلها أن تنأى عن الصراعات السياسية»، كتبت ناشطة حقوقية وجامعية تعليقا على ذلك: «لا شيء يعجبهم في «فايس بوك»، يبحثون عن الحرب بكل الطرق، ولا أحد يفكر في مصلحة هذا الشعب المسكين»، هذه هي حال الموقع الاجتماعي اليوم.