حوالي نصف التونسيات تعرضن الى أحدأشكال العنف حسب المسح الوطني حول العنف ضد المرأة الذي تم عرض نتائجه أمس. وقد انجز المسح في اطار التعاون التونسي الاسباني لتنمية التكافؤ بين الجنسين والوقاية من العنف المبني على النوع الاجتماعي.
نظم ديوان الأسرة والعمران البشري أمس ندوة علمية لعرض نتائج المسح الوطني حول العنف ضد المرأة في تونس... وقد تناول هذا المسح أشكال العنف الموجه ضد المرأة، وحاول التطرق الىطرق تعامل المرأة معه.
المسكوت عنه
بين السيد عبد اللطيف المكي وزير الصحة العمومية خلال كلمة قدمها عند افتتاح المنتدى أهمية موضوع الندوة العلمية واعتبر أن مسألة العنف ضد المرأة هي من المسائل الشائكة والمعقدة وهي من القضايا المسكوت عنها في مختلف الأوساط الأسرية والاجتماعية والصحية والاعلامية والسياسية ويصعب التطرق اليها دون مواجهة الأفكار الخاطئة والمسبقة والمواقف الذاتية. ووصف المسح بأنه الأول من نوعه الذي يتطرق لمسألة العنف على المرأة من خلال استجواب قرابة 4 آلاف امرأة من كافة الأوساط والجهات.
وقال ان هذه المسألة تمثل عائقا أمام تحقيق ما تصبو اليه الانسانية من مساواة وعدالة اجتماعية ونماء مستديم وأمن شامل. وأكد السيد الوزير على أهمية كسر جدار الصمت حول العنف الموجه ضد المرأة خاصة منه ذلك الذي يحدث داخل المحيط الأسري قائلا ان نتائج هذا المسح تحمل المسؤولين مسؤولية اكساب مختلف التدخلات الجمعياتية والحكومية المزيد من النجاعة والفاعلية على مختلف المستويات التشريعية والصحية والاجتماعية.
دراسة ونتائج
شملت دراسة المسح الوطني حول العنف ضد المرأة في تونس 3879 امرأة بين 18 و64 سنة يتوزعن على كامل تراب الجمهورية وبينت الدراسة ان قرابة 47.6% من النساء قد تعرضن خلال حياتهن الى أحد أشكال العنف. وتتعرض النساء بدرجة أولى الى العنف الجسدي والنفسي بنسبة تقدر ب31.7%... ويمثل العنف النفسي أو البسيكولوجي ثاني أشكال العنف المسلط على المرأة بنسبة 29.9%. كما تتعرض المرأة الى العنف الجنسي من خلال اكراهها على بعض الممارسات ويمثل هذا النوع من العنف 15,7% من أشكال العنف. أما فيما يتعلق بالعنف الاقتصادي المسلط على موارد المرأة فيمثل 7.1% وهو الأقل حدة وتداولا. وترتفع حدة العنف المسلط مع ارتفاع العمر وتدني مستوى التعليم، وترتبط أشكال العنف أساسا بمستوى تعليم الشريك، فكلما تدنت درجة التعليم يرتفع مؤشر العنف وقد تمت ممارسة العنف على سيدات شركاؤهن من الأميين (30% من الحالات)، فيما كان مستوى الشريك جامعيا عند 6.4% من المعنفات.
بطالة وجهات
تعتبر البطالة من أبرز أسباب العنف الجسدي والنفسي، حيث تصل نسبة ممارسة العنف عند الشركاء الباحثين عن عمل 33.9% بالنسبة الى العنف الجسدي ويمارس 46.8% من الشركاء الباحثين عن عمل عنفا نفسيا. أما فيما يتعلق بتقسيم التعرض الى العنف حسب الجهات والخصائص الديمغرافية والاجتماعية فتتعرض النساء الأقل تعليما للعنف، وتقوم النساء «المتعلمات بالحرص في اختيار شريك الحياة ليكون مستقلا وصاحب مستوى تعليمي محترم ومورد رزق مما يسا هم في تجنب العنف. وتتعرض النساء في الجهات بصفة خاصة للعنف، وفيما سجلت منطقة الجنوب الغربي أعلى مستويات التعرض للعنف بنسبة 32.8%، فإن منطقة الجنوب الشرقي هي المنطقة التي تتعرض فيها نساؤها الى أقل معدلات العنف بنسبة 12.9% كما تم تسجيل معدلات مرتفعة من العنف في منطقة تونس الكبرى (28%) والوسط 26.7%. وللاشارة ترتفع معدلات ممارسة العنف ضد المرأة في المناطق الريفية مقارنة بالوسط الحضري وتتمثل أشكال العنف هذه في العنف الجنسي والجسدي والمادي.
الشريك العنيف
المتسبب الأول في العنف المادي المسلط على المرأة هو الشريك (الزوج أو الخطيب أو الصديق)، لدى 47.2% من الحالات. وتتعرض المرأة في هذه الحلقة الحميمة الى العنف النفسي 68.5% والعنف الجنسي 78.2% والعنف الاقتصادي 77.9% وتتسبب العائلة (الأب أو الأخ أو أحد أفراد العائلة) في العنف المادي لدى 43% من الحالات، وللعنف النفسي عند 16.7% من الحالات والاقتصادي عند 22.1% من الحالات. وصرحت 6% من النساء أنهن تعرضن الى العنف في محيطهن العملي. وقد تعرضت 20.3% من السيدات الى العنف المادي والمتمثل في أشكال متعددة من صفع وإلقاء بأحد الأواني على المرأة أو ضرب وشد من الذراع والشعر، أو ضرب بالحزام والعصا أو حرق أو تهديد بسلاح!! وقد تعرضت 17.4% من النساء الى الصفع طيلة حياتهن!! ولا تعتبر طرق التعنيف نادرة حيث تعترف السيدات أنهن تعرضن للركل بالقدم في 5.9% من الحالات والضرب بالحزام والعصا 5.8% وضرب الرأس على الحائط 3.1% والتهديد بسلاح 1.9%!!! كما تتعرض 24.8% من النساء للعنف النفسي من خلال شتم وكلمات جارحة 11.3% ومنع المرأة من التعبير عن رأيها 10.8% والتهديد بالعنف 9.3% والمنع من الخروج 8.8% اضافة الى أشكال الهجر والتقليل من القيمة ومحاولة اخراجها والسخرية من الشكل والخيانة والحرمان من أطفالها أو من زيارة الأهل... وتتعرض 5.2% من النساء الى العنف الاقتصادي مع الشريك من خلال الحرمان من مصروف اللباس والحاجيات الخاصة أو عدم الانفاق على الأسرة من الزوج أو مصادرة أموالها...
ردود فعل
المرأة ضحية العنف هي امرأة منكسرة اجتماعيا... حيث يؤثر العنف لدى 54.4% من الحالات في الحياة اليومية ومنهن من تركن العمل بسبب العنف 2% من الحالات. وقد فقدت 16.2% من النساء المعنفات الوعي وتعرضت 4.6% منهن الى كسور، وتفقد 27% منهن التركيز. وتغادر 40.9% من السيدات منزل الزوجية نحو منزل الأهل في 87.7% من الحالات. وغالبا ما تبقى المرأة المعنفة صامتة في 42.1% من الحالات وحتى اذا ما تحدثت عن الموضوع فللعائلة! وتختلف أسباب عدم التصريح وتتلخص في غياب الثقة والشعور بالعار والخجل، فيما تعتبر 55% من النساء ان العنف مسألة عادية!! وقد تناول المسح الوطني حول العنف ضد المرأة في تونس مواضيع وأسبابا أخرى جديرة بالمتابعة في وقت تبحث فيه المرأة عن تغيير العقليات وتأكيد التشريعات التي تدعمها وتتخوف من تراجع مكاسبها التي نصت عليها مجلة الأحوال الشخصية.