تبقى إيمان بحرون واحدة من الوجوه التي لها بصمتها الواضحة في المشهد الاعلامي التونسي.. ولئن لقي تعيينها على رأس القناة الوطنية الثانية... معارضة.. فإنها سرعان ما نجحت في تجاوز هذا الامر بكل حكمة..
وبذلك كسبت أولى النقاط على حساب خصومها الذين سرعان ما احتضنوها بكل حبّ واحترام... إيمان بحرون تحدثت ل «الشروق» بكل صراحة وأكدت انها سعيدة بهذه التجربة الجديدة في مسيرتها المهنية... رهان جديد تؤكد كل المؤشرات أن إيمان بحرون ستكسبه، سلاحها في ذلك هذا الانسجام التام لكل أفراد الوطنية الثانية والذي نجحت في تحقيقه.
إيمان بحرون... مديرة جديدة للقناة الوطنية الثانية... رهان جديد في مسيرتك المهنية؟
أعتبر تكليفي بإدارة القناة الوطنية الثانية مسؤولية تاريخية على اعتبار أنني أول امرأة يتم تعيينها على رأس قناة تلفزيونية عمومية... وأرى في ذلك شرفا لي بما انه جاء بقرار من قبل حكومة منتخبة من الشعب بكل نزاهة وديمقراطية ولا أخفي والحال تلك ان هذه المسؤولية لم أكن مستعدة لها ولم أنتظرها ولم أكن أرغب فيها... غير انه تم اقناعي لأجل تحمل هذه المسؤولية.
لكنك لست غريبة عن المجال الاعلامي؟
قبلتها من منطلق أنها مرحلة انتقالية وقد أكون من خلال تركيبتي وتجربتي الاعلامية انه بإمكاني المساهمة في ان يكون للاعلام التونسي دوره الريادي على درب الديمقراطية والحرية... وأن يوضع الاعلام ايضا على الطريق الصحيح وهو يسير حاليا بخطى ثابتة في هذا الاتجاه.
... هناك إشكالية: هل هي الوطنية الثانية أم هي قناة الجهات؟
الكل يعرف انه بعد ثورة 14 جانفي تغيرت أسماء القناتين التلفزيتين... فكان ان أصبحت قناة 21 تحمل اسم القناة الوطنية 2 وهذا الاسم اعتبارا لترتيبها من حيث العدد وجاء اسم (قناة الجهات) لتأكيد تخصصها وهو الاهتمام بالجهات.
... ماهي أولويات القناة الوطنية الثانية من منظور مديرتها؟
أودّ ان أرفع عن طريق «الشروق» أحرّ عبارات التقدير للمديرين السابقين الذي أشرفوا على تسيير مقاليد هذه القناة ومنهم الصديق العزيز الصادق بوعبان الذي أعدّ بالاتفاق مع عدد من الأصدقاء الخطوط العريضة للبرمجة التي نسير عليها حاليا.
وبالنسبة الى الأولويات الحالية التي لا تحتمل التأجيل منذ تسلمي مقاليد تسيير هذه القناة فهي:
ضرورة توفير المستلزمات التقنية، لا أخفي سرّا إذا قلت إنني وجدت ان أبناء القناة الثانية يعيشون ضيما كبيرا على المستوى التقني والموارد البشرية وكان علي العمل لرفع هذا الاحساس والسعي الجاد للمعاملة بالمثل والتأكيد على أن القناتين تتساويان على المستوى التقني... ومثل هذا الأمر رفع الحاجز النفسي وأعاد المعنويات لكل أبناء القناة.
ثاني الأولويات كان المضمون... حيث الى جانب المحافظة على ما أعده الصديق الصادق بوعبان كان السعي لإدخال بعض التغييرات الطفيفة. حيث اتجهنا الى تطوير المضمون وكانت هناك عزيمة قوية من كل أبناء القناة لكسب الرهان على اعتبار ان مستلزمات البث تتطلّب موارد بشرية أكثر مما هو متوفّر لذا كان الحرص على مضاعفة الجهد لتجاوز هذا النقص كما أولينا التكوين أهمية كبرى لما لمسناه من كل أبناء القناة من رغبة جامحة لكسب المزيد من المعارف... وأود التأكيد هنا أنني سعدت بالتجاوب والتفاعل والتفاهم بين إدارة القناة وكل صحفييها ومنشطيها وتقنييها.
في القناة الثانية منتهى الانسجام، حيث تمّ فسح المجال للجميع وقطعت نهائيا مع مبدإ الاقصاء حيث كان التعامل مع الجميع بمساواة.. وما ساعدني لكسب هذا الرهان الرغبة الجامحة التي كانت تحدو كل أبناء القناة لكسب الرهان.. وأعتقد أننا حققنا معا وفي فترة قصيرة نتائج نعتزّ بها جميعا.
أخيرا.. أصبحت للقناة الوطنية الثانية نشرة إخبارية خاصة بها.. وهو أمر سبق أن طالبنا به على صفحات «الشروق»؟
هي مجلة إخبارية اخترنا «تونس هذا اليوم» إسما لها.. نحاول من خلالها متابعة الأحداث في العاصمة وفي الجهات بما توفر لدينا من امكانيات بشرية وتقنية.. هناك تجربتان سابقتان فشلتا لنقص التقنيات.. سعيت الى المراهنة على هذا الاختيار مرة ثالثة.. أعترف بوجود أخطاء.. ولا مجال لفشل التجربة مرّة ثالثة.
تتوفر «تونس هذا اليوم» على فريق صحفي لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.. صحفيون يهتمون بالأخبار وفي ذات الوقت ملتزمون بإعداد وتقديم برامج أخرى، وفي المقابل فإن قسم الأخبار في الوطنية الأولى يتوفر على 80 صحفيا.. ولا مجال من هذا المنطلق للمقارنة بين القناتين ورغم ذلك فإننا نعمل ونجتهد لأجل تقديم أفضل صورة.
في «تونس هذا اليوم» نعتمد على يسر الزنايدي وطارق القدري في اطار التواصل بين الاجيال والاعداد يشرف عليه شرف الدين بن سالم وعدد من الصحفيين الطموحين. اختيارك ليسر الزنايدي... فيه إعادة الاعتبار لهذا الصوت الهادئ؟
بالفعل... يسر الزنايدي من الكفاءات التلفزيونية التي عانت التهميش وكانت ضحية مظالم عديدة... وجدتها في حالة إحباط... وهي تتوفر على حرفية عالية من شأنها أن تضمن الاضافة ل «تونس هذا اليوم».
أين تبدأ صلاحيات مديرة الوطنية الثانية وأين تقف؟
في انتظار تحديد مصير المرسومين 115 و116 الذي ينص أحدهما على فصل الادارة عن التحرير، فأنا مضطرة حاليا الى أن أدير القناة شكلا ومضمونا بمعنى أن صلاحياتي تشمل كل المسائل الادارية كما أساهم بشكل يتناقص يوما بعد يوم في مضمون البرامج المتعددة على القناة دون فرض رأيي على أصحاب البرامج ويقتصر تدخلي على المساعدة والتوجيه بما أمتلك من بعض الخبرة.
أي حظ للدراما على الوطنية الثانية في رمضان القادم؟
الكل يعرف أن التلفزة التونسية من خلال الوطنية الاولى ستقوم بانتاج عمل وحيد هو «أبناء الكاباس»... والى حد الآن لم يعرض أي مشروع على الوطنية الثانية، لكن بعزيمتنا سنعمل على انتاج برامج وانتاجات درامية خفيفة وستكون الوطنية الثانية رغم الصعوبات متميزة في شهر رمضان.
بعد حوالي الشهرين على تسلمك مقاليد الوطنية الثانية هل تعتقدين أنك تسيرين على الطريق الصحيح؟
أؤكّد على أنني تجاوزت الحاجز النفسي... ولا أخفي سرّا بأنني أعيش سعادة لا توصف مع كامل أفراد القناة من صحفيين ومنتجين وإداريين وتقنيين... نحن منسجمون... فبهذه القناة التي تتوفر على 70 عنصرا ورغم ضعف الامكانيات فإن هناك انسجاما وتكاملا بين الجميع لأجل كسب الرهان، لمست رغبة صادقة من الجميع لمساعدتي... ولا أخفي سرا إذا قلت أيضا إنه بفضل هذا الحماس وهذا التكامل أصبحت الوطنية الثانية تزاحم بشكل جدي الوطنية الاولى... مزاحمة كانت غائبة في المراحل السابقة.