مهرجان المسرح المغاربي بالمنستير كان من بين المكتسبات المسرحية التي ضاعت بعد سنوات من التألق كان خلالها المهرجان قبلة المسرحيين المغاربة قبل تأسيس أيام قرطاج المسرحية. يعتبر مهرجان خليفة السطنبولي للمسرح الذي اختتم مساء السبت 14 أفريل من أهم التظاهرات المسرحية التونسية المختصة حيث مثّل على امتداد دوراته السابقة إطارا لاحتضان أبرز العروض المسرحية على الصعيد الوطني وفضاء للقاء والحوار بين المسرحيين والكتاب والمخرجين والممثلين والنقاد والاعلاميين. ولنا ان نتساءل في البداية عمّا يجعل المنظمين يجازفون منذ السنة الفارطة في تحويله من مهرجان وطني إلى آخر مغاربي، كان في دورته الأولى من 13 الى 18 أفريل 2010 وحضرت الجزائر وليبيا ،وها هو اليوم في دورته الجديدة التي انتظمت من 6 الى 14 أفريل 2012 بالاشتراك مع اتحاد الممثلين المحترفين وتتضمن البرمجة 10 عروض مسرحية من بلدان المغرب العربي منها 05 عروض تونسية وعرضان من المغرب وعرض من الجزائر وعرض من ليبيا وعرض من موريتانيا إضافة إلى حفل افتتاح بساحة المركب الثقافي يتضمن مجموعة من الفقرات التنشيطية التي أمنها شباب نوادي المسرح بالولاية في تاطير للاستاذ فوزي اللبان ومجموعة طلبة المعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة برعاية الاستاذ محمد المحمدي ومجموعة سيرك الشارع . أما يوما 8 و9 أفريل 2012 فالبرمجة كانت مع تربّص تحسيسيّ حول بناء الشخصية المسرحية «الممثل من الشخص الى الشخصية» بإشراف الأستاذ فتحي العكاري أما يوم السبت 14 أفريل 2012 وهو يوم الاختتام فقد كان على فقرتين أولاها ندوة فكرية حول: «المبدعة المسرحية والمتغيرات العربية» ثم في الساعة السابعة العرض الاختتامي مع المسرح المغربي ولطيفة أحرار.
من الوطنيّ إلى المغاربيّ
تمكّن المهرجان إذن من تمثيل كل أقطار المغرب العربي حيث وفدت من موريتانيا مجموعة شبابيّة بقيادة تقي ولد عبد الحي وقدّمت «ترانيم» للمخرجة مريم بنت الشيباني، وقدمت من المغرب الممثلة الشهيرة لطيفة احرار وقدّمت «العازفة» لمسرح أصدقاء المغرب وحضر من المغرب كذلك عبد الحق الزروالي وقدّم مسرحيّة «كرسي الاعتراف» ومن الجزائر كان اللقاء مع « السواد في الأمل» للتعاونية الثقافية الرماح، تشخيص للفنانة المتألقة ريم تاكشت ومن تونس كان الموعد مع حفل الافتتاح مع التجربة المسرحية الجديدة لفاضل الجزيري «صاحب الحمار» ومسرحية «سيّبني نحلم» لبسام الحمراوي وحضرت مسرحية «خيرة» إخراج «ناجية الورغي» ومسرحية «موزاييك» لفرقة مدينة تونس ، ومسرحية «ترى ما رأيت» نصّ الشاعر كمال بوعجيلة وتنفيذ لمركز الفنون الدرامية بمدنين، ومن ليبيا حضرت فرقة المسرح الوطني ببن غازي مع «صور في الذّاكرة».
تاريخيا تفتّح هذا المهرجان على الفضاء المغاربي هو في الواقع إحياء لمهرجان مسرح المغرب العربي الذي احتضنه قصر الرباطبالمنستير من سنة 1964 الى سنة 1974 والذي أسس لعلاقات مسرحية وثقافية مغاربية قبل أن يتحول الى مهرجان المسرح العربي ثم الى مهرجان المنستير الدولي حيث ابتعد تدريجيا عن صبغته المسرحية. أمّا خليفة السطنبولي الذي سميت هذه التظاهرة باسمه فهو أحد أعلام المسرح التونسي ومن رواد التأليف المسرحي وقد عاش في الفترة ما بين 1919 و1948 وشارك في نشاط العديد من الجمعيات والفرق المسرحية وألّف للمسرح مجموعة هامة من النصوص ذات المنحى التاريخي والاجتماعي مثل «زيادة الله الأغلبي» و«المعز لدين الله الصنهاجي» و«قلعة تحترق» و«أنا الجاني» و«الانتقام الرهيب» وغيرها .