بعد تعاقب ثلاث حكومات متتالية على سدة الحكم لم تنجح أيّ منها في احتواء أزمة الحوض المنجمي بداية بحكومة محمد الغنوشي التي انطلقت معها أول شرارة الاعتصامات ومعها برزت مشاغل واهتمامات الحوض المنجمي على سطح الأحداث مرورا بحكومة الباجي قائد السبسي التي كسرت جدار الصمت وفتحت الملف.
حكومة حمادي الجبالي تزامنت مرحلتها مع ملف الانتدابات بشركة فسفاط قفصة.. وبين تباين الآراء والمواقف كل حسب رؤيته يبقى الرأي العام بمعتمديات الحوض المنجمي يتطلع إلى انجاز استحقاقات الجهة التي طال انتظارها باعتبارهم رقما صعبا في المعادلة الاقتصادية.. وللبحث في ثنايا الموضوع والوقوف عند حقائق الأمور قمنا بالتحقيق التالي ورصدنا الآراء فكان الحديث.. السيد بشير العبيدي ناشط سياسي وسجين انتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008 سألناه عن موضوع الحوض المنجمي وتداعياته الاجتماعية على الجهة ككل فقال بأن هذا موضوع هام ولا يمكن اختزاله في بعض النقاط لكن في قراءة واقعية لا يمكن إنكار الطابع الخصوصي والخليط الاجتماعي المتنوّع لهذه الجهة التي ساهمت في بناء الدولة الحديثة ومساهمتها ب30٪ في اقتصاد البلاد إلا أن التعاطي السياسي مع الجهة وعلى امتداد عقود إضافة إلى الخيارات الاقتصادية وإعادة هيكلة المؤسسات والصفقات المشبوهة أثقل كاهل الشركة.. وعليه لا يمكن أن نتوقع حلاّ على المدى القريب باعتبار التراكمات زد على ذلك الوضع العقاري للأراضي الفلاحية وغيرها الذي فاقم الأزمة وتوجهت كل اهتمامات المواطن إلى شركة الفسفاط في حين تعتبر تسوية المشكل العقاري خطوة في الاتجاه الصحيح على قاعدة الاتفاق الذي أبرم بين الأهالي وفرنسا.. إضافة إلى كل هذا ينتقد السيد بشير العبيدي طريقة الحكومات المتعاقبة في التفاوض مع أشخاص غير مؤهلين لتحمل مسؤولية الجهة واعتماد تحييد كل معتمدية على حدة.. علما أن عدم فتح ملفات الفساد بشركة فسفاط قفصة قد يطرح أكثر من تساؤل.. وللحديث عن الاتحاد العام التونسي للشغل حدّث ولا حرج باعتبار مساهمته في هذا الوضع من خلال اتفاقات لا يمكن إلا أن تنتج واقعا كالذي نعيشه.. على كل هذه ليست نظرة تشاؤمية يرى السيد بشير العبيدي لكن حقيقة واقع مؤلم يجب الاسراع في تنمية جهوية حقيقية والاعتناء بالبنية التحتية والتهيئة العمرانية لتفادي الأسوأ.
وفي سياق متصل يوضح السيد لطفي السحيمي عمره 48 سنة ومتحصل على إجازة في الفلسفة معطل عن العمل أن الأزمة في الحوض المنجمي هي أزمة في هيكلة شركة فسفاط قفصة التي أصبح لزاما عليها تفعيل مراكز البحوث والورشات الصناعية والسعي إلى فتح معامل على غرار الآجر والاسمنت وغيرها لتخفيف العبء.. وعليه لا بدّ من خطة عاجلة تستجيب لمتطلبات المرحلة الحالية وكذلك إلى خطة آجلة لاحتواء الأزمة ككل..
في نفس السياق التقينا السيد محمد بن علي صاحب شهادة عليا ومعطل عن العمل الذي يرى أن الأزمة في الحوض المنجمي سببها غياب التنمية الجهوية العادلة وكذلك غياب رؤية استشرافية للجهة ككل إذ لا يمكننا تحميل الحكومات حسب رأيه لأزمة دامت لعقود فإنه يطالبها الحكومة باتخاذ قرارات جريئة ومصيرية مثل تخصيص نسبة مئوية معينة من عائدات الفسفاط لتنمية الجهة ليبقى الأمل قائما في تجاوز مرحلة الانتداب بشركة فسفاط قفصة والاهتمام بمستقبل لا يمكن إلا أن يكون مشرقا.