الحملة الانتخابية الجزائرية لانتخاب نواب البرلمان يوم 10 ماي القادم شهدت انفلاتا دعائيا بفتوى خيرت الجزائريين بين الخروج بقوة للتصويت وبين تدخل قوات حلف «الناتو» كما حدث في ليبيا. اعتبر الشيخ الجزائري المثير للجدل شمس الدين بوروبي أن الانتخابات البرلمانية المرتقبة هامة جدا بالنسبة الى مستقبل الجزائر وهو استنتاج تؤيده السلطات الجزائرية ومختلف الأحزاب السياسية ولم تعارضه تقريبا الا «القاعدة» التي دعت قبل ثلاثة أيام الى مقاطعة هذه الانتخابات.
الانتخاب أو «الناتو»
لكن الشيخ بوروبي ذهب أمس في فتوى بشأن الانتخابات الى حد تحذير الجزائريين من سيناريو ليبي محتمل في الجزائر كإحتمال مقابل الانتخاب. وقال بوروبي في فتواه: ان الانتخاب واجب لعدة اعتبارات منها أن الانتخابات استشارة وشهادة والله يقول «ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه»، ومنها قاعدة «ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب» وهذه الأمور لا تأتي الا بمشاركة الناس في الانتخابات ومنها قاعدة سد ذرائع الفساد خاصة عند علماء المالكية».
وتحدث الشيخ في فتواه عن الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي الذي توعد الجزائر وهدد بأن «الربيع الجزائري قادم» وقال في الفتوى ان «الدوائر الاستعمارية لا تنتظر الا عزوف الناس عن التصويت لتخرج بفكرة تحرير الشعب الجزائري من الديكتاتورية وبالتالي يتدخل حلف «الناتو» كما حصل في ليبيا».
وحول خلفيات الفتوى أوضح الشيخ بوروبي أن «هذه الفتوى لم يطلبها مني أحد ولم أضعها في خدمة أحد...» وعن سبب ربط العزوف عن الانتخابات بتدخل قوات «الناتو» قال الشيخ «ألم يدمر حلف الناتو ليبيا... وهل المطلوب أن يعيش المفتي في المريخ... أنا أعيش في الجزائر وأرى ما يحدث والاستعمار الحديث يزعم الدعوة الى دمقرطة العالم الاسلامي بالقوة».
وعما اذا كان يتحمل مسؤولية حدوث تزوير للانتخابات اذا توجه الجزائريون للتصويت بقوة رد الشيخ بوروبي قائلا: اذا حدث تزوير فالشعب سيثور ويعيد الأمور الى نصابها بدون تدخل خارجي أما مسار المقاطعة فهو مسار مجهول كما أنه في حال حدوث تزوير يكون الشعب قد أدى واجبه والسلطة هي التي خانته.
البطاطا... والغول
ويرى بعض المراقبين بشأن موقف الناخب الجزائري ان ارتفاع الأسعار وخصوصا سعر البطاطا وكذلك البطالة تضغطان بقوة على الجزائريين الذين قد يكونون غير مبالين كثيرا بالعملية الانتخابية. ولكن مراقبين آخرين يؤكدون ان العكس هو الصحيح لأن الناخب الجزائري قد يرى في الانتخابات فرصة معقولة لتحسين الوضع المعيشي.
وفي كل الحالات تنقسم الطبقة السياسية الجزائرية حول تبويب الأولويات ومن ذلك أن دعاة مقاطعة الانتخابات يعتبرون أن فتوى الشيخ بوروبي رددت نفس خطاب «التخويف من الغول» الذي تنتهجه السلطات في دعوتها للانتخابات.
واعتبر محسن بلعباس رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ان المواطنين الجزائريين واعون وسوف يقاطعون الانتخابات من دون تقديم أي توضيحات اضافية. وأضاف بلعباس قوله ان مشكلات الجزائر مازالت مطروحة ولم تجد حلولا لها وهي ليست بالطبع حلف «الناتو» وانما هي أزمة البطالة والسكن.