تداولت عديد الأوساط مؤخرا تخصيص 750 مليارا لتعويض سجناء الرأي ولم يتم الى حدّ الآن تبويبها في ميزانية 2012 لكن من المتوقع أن تدرج في ميزانية 2013. «الشروق» سألت عددا من المواطنين عن موقفهم من صرف هذه التعويضات وهل أنها من أولويات المرحلة الحالية التي تعيشها البلاد فكانت هذه الشهادات.
في البداية ذكر مصطفى السهلاوي أن تفكير المسؤولين ونقاشاتهم لا بدّ أن تتركّز في الفترة الحالية على الاستثمار وخلق مواطن شغل وتحسين مستوى عيش التونسي. ولاحظ أن صرف ما اعتبره «غنيمة» للمناضلين لن يجدي نفعا مع اقتصاد في مرحلة حرجة وشعب «جائع» وأكد أنه لا بدّ من التفكير في توظيف هذه الأموال حتى تعود بفائدة على المجموعة الوطنية والابتعاد عن المحاباة والمجاملة بصرفها للمناضلين في مثل هذا الوضع الاقتصادي الصعب. كما ذكر محدثنا أن الاهتمام باقتصاد البلاد سيحسن كل القطاعات وحياة المواطن ثم يأتي الحديث عن السياسة والتعويضات التي بوّبها في خانة الترف الفكري. كما ذكر أن أولوية المرحلة هي الاهتمام بالتشغيل والقدرة الشرائية للمواطن ومراقبة الأسعار التي تشهد ارتفاعا صاروخيا لم يسبق له مثيل ثم يمكن الحديث بعد ذلك عن المشاغل الأخرى.
أولوية التشغيل
ويتفق الصادق براهم (مستشار سابق في وزارة الصناعة) مع هذا الرأي إذ يرى أن التشغيل هو أولوية البلاد حاليا وكذلك التنمية الجهوية، ودعا المسؤولين الى إقرار مشاريع سكنية في الجهات تضمّ كل المرافق الضرورية وتشجيع التنقيب على المياه الذي يحفّز المواطنين على الفلاحة (ولو العائلية) لسدّ حاجياتهم، كما ثمّن تجربة صندوق الكرامة للتشجيع على العمل وتحقيق الازدهار.. أما صرف أموال دون تحقيق ربح أو تشغيل فإن البلاد لا تتحمّل مثل هذه التعويضات حاليا «موش وقتها».
وأضاف محدثنا أن التونسي احترق بغلاء المعيشة ولم يعد قادرا على كسب لقمة عيشه فحتى الطبقات المتوسطة لحقها الفقر والعديد منهم وصلوا الى مرحلة بيع بعض من ممتلكاتهم مثل السيارات وغيرها.. لذلك فالمشغل الرئيسي للتونسي في المرحلة الحالية بعيد عن تعويض المناضلين الذين اعتبر أنهم لم يناضلوا لينالوا أموالا مقابل مبادئهم.
ما أشبه اليوم بالأمس
هذا ما ذكره ماهر حمدي يعمل عن طريق المناولة في احدى الشركات. وأضاف عندما اندلعت الثورة جاءت للحدّ من البطالة والفقر الذين لا كرامة دونهما وخلق مواطن شغل وللحدّ من غلاء المعيشة وليس لإقرار تعويضات لفئة محدّدة من التونسيين الشعب كله في حالة انتظار لحلول لمشاكله اليومية وتعديل الأسعار لكن شيئا من هذا لم يحدث فما أشبه اليوم بالأمس.. صحيح أننا ربحنا الحرية لكن ما يضمن كرامة المواطن قبل كل شيء هو العمل ورغيفه اليومي.. أما قضايا السياسيين فهي رفاهية لا تهمّ المواطن الجائع.
فكرة طيبة
أما سالم العيادي فيرى أن تعويض المناضلين هي فكرة طيبة خاصة وأن عائلاتهم تشرّدت وعذّبت طيلة سنوات خلال فترة الجمر وعندما سكت الجميع، وأضاف أن صرف هذه الأموال لن يتمّ اليوم أو غدا فالاجراءات تتطلب وقتا طويلا.. واستنكر موجة الادانة التي يتعرّض إليها المناضلون من فئة واسعة من التونسيين (في الادارات..) فمنهم من يقول لهم «هل طلبنا منكم النضال حتى تطالبوا بتعويضات؟..». ولاحظ المتحدث أن صرف هذه التعويضات المادية لمناضلينا لا يكفي وحده إذ لا بدّ من ردّ الاعتبار المعنوي لهم، وعدم التقليل من قيمة التضحيات التي قاموا بها في سنوات الجمر.