الخامس عشر من ماي 1948: النكبة ...الصهاينة اغتصبوا أكثر من نصف فلسطين ..وأقاموا لهم «دولة» هي اسرائيل ..مخطط اعدوا له ما استطاعوا من قوة في ذاتهم، ونفوذ في دول خدمتهم طائعة او كارهة .. وعلى راسها بريطانيا التي كانت فلسطين تحت يدها بموجب صك انتداب حصلت عليه من «عصبة الأمم» بعد الحرب العالمية الاولى...نقول مؤامرة؟ صحيح ...فالانقليز ساعدوا على تهجير عشرات الآلاف من يهود العالم الى فلسطين وسمحوا لهم بإقامة المستوطنات ووفروا لهم الحماية ومنحهم وزير الخارجية الانقليزي بلفور الوعد المعروف المشؤوم بإقامة «وطن قومي لهم» في فلسطين ...ولكن ...اما كان العرب سببا ايضا في النكبة ثم في كل ماتلاها من نكبات الى اليوم؟ لنتتبع الاحداث التاريخية.
عرب فلسطين ظلوا على مر التاريخ يعتبرون اليهود أهل كتاب مرحبا بهم في ارض الرسالات ولهم فيها مقدسات ...لكن عندما انكشفت المؤامرة لم يبخلوا بدم وقامت ثورات من اهمها ثورة يافا في ماي 1919 حيث كانت المدينة مركزا لاستقبال اليهود المهاجرين ...وثورة البراق في صيف 1929 عندما حاول الصهاينة الاستيلاء على حائط البراق أو المبكى كما يسمونه ..وثورة عزالدين القسام في منتصف الثلاثينات والثورة الفلسطينية الكبرى التي بدأت عام 36 واستمرت حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية ...
وعندما انتهت الحرب واعلن الانقليز انهم سينهون الانتداب في الليلة الفاصلة بين 14 و 15 ماي 1948 لافساح المجال لتنفيذ قرار التقسيم الذي جرى تمريره عبر منظمة الاممالمتحدة الوليدة (القرار 181) سارع الفلسطينيون الى التحرك بهدف اعلان قيام الدولة الفلسطينية حتى يدحضوا المقولة الصهيونية (ارض بلا شعب لشعب بلا ارض) ...وكان مشروع ماسمي «حكومة عموم فلسطين» الذي اقترحه الحاج امين الحسيني وقدمه الى الجامعة العربية وذلك لمنع حصول فراغ سياسي فلسطيني يكون ذريعة لتبرير نقل السلطة إلى العصابات الصهيونية عند انتهاء الانتداب ...لكن عارض ملوك العراق ومصر والاردن مشروع الحسيني بل عمد عبد الله امير شرق الاردن الى عقد مؤتمر في حيفا ضم فيه فلسطينيين لمعارضة حكومة عموم فلسطين وكان هدفه ضم الضفة الغربية الى حكمه.
وقامت دولة الصهاينة (اسرائيل) ودخل الملوك العرب «الحرب» لكن «جيش الانقاذ» كان بقيادة الجنرال الانجليزي (غلوب باشا) وكانت اسلحة الجيش المصري فاسدة ....وكانت النكبة ..بيد الاعداء صحيح لكن ايضا بيد العرب.. وتوزعت الارض الفلسطينية بين احتلال صهيوني وتبعية للاردن (الضفة) ولمصر (قطاع غزة) .. وقامت في بعض الدول العربية «ثورات» واستبدل ملوك ورؤساء بزعامات جديدة في القاهرة ودمشق وبغداد ..كل ذلك باسم فلسطين وتحرير فلسطين ..وقامت منظمة التحرير ومعها جيش التحرير وبدأ اعداد العدة(؟)..وفي 1967 كان القادة والاذاعات يبشروننا بقرب القاء الصهاينة في البحر.. لكننا افقنا فجر الخامس من جوان من تلك السنة على جيوشنا هي التي تكاد تلقى في البحر وضاع ما بقي من فلسطين..
وانطلقت الثورة الفلسطينية الحديثة عام 65 على يد حركة فتح.. فلم يهدأ بال الحكام العرب الا بعد ان ذبحوها في الاردن (سبتمبر /ايلول 70 )وخنقوها في مصر وسوريا ولاحقوها في لبنان حتى اخرجت منه عام 82.
وقامت حرب رمضان /أكتوبر 73 وسجل الجيش المصري والجيش السوري ملاحم..لكن الرئيس المصري السادات كان له راي آخر..اوقف الحرب اولا ثم سعى بالتدريج الى توقيع معاهدة «سلام» مع الصهاينة: اتفاقية كمب دافيد (سبتمبر 1978) التي اخرجت مصر اكبر قوة عربية من حلبة الصراع مع عدو الامة...
واطلقت ايادي الصهاينة : احتلال جنوب لبنان عام 1978..ضم القدس بالكامل واعتبارها عاصمة موحدة للكيان العبري في جويلية 1980..ضم الجولان السورية في 14 ديسمبر 1981 ..اجتياح العاصمة اللبنانية بيروت 1982..وبين هذه وتلك قصف المفاعل النووي العراقي، العدوان على حمام الشط، جملة اغتيالات الخ ..باختصار اصبح للصهاينة اليد الطولى بل اصبحوا يسرحون ويمرحون في أراضينا والزعماء العرب قابعون على العروش قامعون للشعوب ناهبون للخيرات يتقهقرون بل ويتبرعون بتقديم التنازلات باسم الفلسطينيين..
بعد هذا نسأل: اذا كان الاغتصاب الصهيوني نكبة أليس حكام العرب نكبات؟ ...وجاءت «الثورات» ولم يطل الانتظار فالجالسون على الكراسي يرفضون حتى مجرد تجريم التطبيع ناهيك عن تفكيرهم في التحرير...ويبقى السؤال الاهم :متى تستيقظ الجماهير نهائيا حتى تعود القضية الى الجذور؟ متى يدرك الشباب الذي كنس الطغاة ان فلسطين امانة في اعناقهم وان بيدهم وحدهم تحريرها من دنس الصهاينة وتآمر العملاء وجبن المتخاذلين؟