لافتات كثيرة يرفعها هذه الأيام المعتصمون بمقر ولاية قبلي تعلن عن مطالب أبناء الجهة بحقهم في التنمية وفي العدالة الجهوية ولعل المطلب الاكثر بروزا كان خلال زيارة وزير الفلاحة مؤخرا تمثّل في إحداث ديوان وطني للتمور .
بدأت المطالبة بديوان وطني للتمور سنة1962حين عمدت الحكومة الى هيكلة القطاعات الاقتصادية المهمة في البلاد لتطويرها وتأهيلها فأحدثت ديوان الزيت وديوان الحبوب وديوان الصيد البحري..... ولكنها أهملت قطاع التمور وتجاهلته كما لم تشرك أهالي الجهة والجهات الداخلية عموما في التسيير الاداري لاجهزة الدولة وقد كان رد الحكومة على هذا المطلب بالتجاهل إذ أسندت مهمة استغلال الاتجار الدولي في التمور لشركة انتاج الحليب الستيل التي عمق تصرفها في القطاع إحساس أبناء الجهة بالغبن والتهميش وخاصة بعد أن عمدت هذه الشركة الى انتزاع أراضي الأهالي في جمنة وفي زعفران للقيام بإنتاج التمور لحسابها قصد التخلي عن إنتاج الفلاحين وهو سلوك تعاني الجهة الى اليوم تبعاته ميدانيا وأمام القضاء رغم حل شركة ستيل منذ2005 ليرثها في القطاع بعض ذوي الحظوة والمزكين من الدوائر الأولى للحكومة بمساندتهم وإسنادهم ومشاركتهم أحيانا.
ثم تجددت المطالبة بهذا الديوان سنة 1974حين تم ادراج قطاع التمور ضمن المنتوجات غير الاستراتيجية التي اسندت مهمة تاطيرها والمساعدة على تاهيلها لما سمي بالمجامع المهنية فتم احداث المجمع المهني المشترك للتمور تماما مثل المجمع المهني للطماطم وليتم تقنين تمويل هذا المجمع عن طريق اقتطاع نسبة من عائدات تصدير التمور تمثل الان 1%تخصص للتسيير الاداري للمجمع ولتمويل نشاطاته المفترضة للمساعدة على تطوير القطاع انتاجا وترويجا ولكن هذا المجمع لم يعط اضافة للقطاع وانما كان في راي الاهالي عبئا مما اعاد اليهم فكرة المطالبة بديوان كاختزال للتعبير عن مطالبتهم بتدخل الدولة في تسيير القطاع وفي تعديل سوقه خاصة بعد حدوث اختلال كبير في موازين القوى بين الهيكلة المهنية الممثلة للتجار الكبار من المصدرين والغياب المطلق لفاعلية التمثيلية المهنية لفلاحي التمور ولكن رد الحكومة كان بالامعان في مزيد تغييب الفلاحين وحجب كل قنوات تمثيلهم المهيكل اذ عمدت سنة2005 الى الغاء تسمية التمور من المجمع المهني اذ تم ادماجه مع المجمع المهني للقوارص والغلال والمجمع المهني للكروم تحت تسمية المجمع المهني المشترك للغلال الموجود اليوم مما اثار حفيظة الاهالي خاصة وان هذا المجمع الجديد الذي تتاتى ميزانية تمويله في اغلبها من المقتطعات عن عائدات تصدير التمور يسيره150 اطارا واحد فقط منهم اصيل ولاية قبلي ولكنه لا يقطنها ولا يزورها كما ان برامج هذا المجمع تمول من خلال هذه الميزانية جزئيا اوكليا عديد الغراسات من القوارص والكروم ولكنها لا تفعل ذلك ابدا للنخيل بل يقدم هذا المجمع منحة قدرها مائة مليم على كل قارورة خمر مصدرة في حين يكتفي هذه السنة بمنح12دينارا منحة تنظيف كل هكتار من النخيل فمثل هذه الحقائق وغيرها تجعل الاهالي يتمسكون بالمطالبة بديوان للتمور
ولكن لقائل ان يقول هل بوسع الحكومة الجديدة ان تستجيب لمثل هذا المطلب اذا علمنا ان سياسة انشاء الدواوين تندرج ضمن خيار يرجح غلبة القطاع العام المخطط في تسيير الشان الاقتصادي في حين تجد هذه الحكومة بتركيبتها الثلاثية الحالية منحازة اختيارا واضطرارا لاقتصاد السوق فزيادة على التوجه الليبرالي الغالب على خيارات الترويكا اليوم نجدها مقيدة بجملة من الاتفاقات والمعاهدات والتمويلات الدولية مع شركائها تحتم التقيد بخيار السوق الحر والمضي في نهج التفويت لا احداث مؤسسات عمومية مثل الدواوين ومع ذلك نقول ويقول الخبراء ان ضمن خيار الاقتصاد الحر بعض الاليات التي تسمح بنمط تسيير وحتى انتاج اجتماعي تضامني يكون غير ربحي ويلعب فيه المجتمع المدني المنخرط تشاركيا في الدورة الاقتصادية دورا تعديليا يضمن التشغيلية وتطوير القدرة على المنافسة ولا يقل أهمية عن الدور التعديلي الذي تقوم به الدولة وقد عبر بعض أبناء قبلي على ان في جعبتهم تصورا دقيقا مفصلا لهذا المشروع مع فرص تمويل مهمة فهل تفتح الحكومة باب التفاوض الجدي في هذا الأمر دون نزاع ليبرالي أرتودكسي فيتم إنشاء جهاز مؤسسة او جهاز يؤدي دورا تعديليا يضمن مصالح منتجي التمور وتجارة دون حيف مثل الديوان دون ان يكون بشرطه ديوانا.