تضاربت الأرقام في الصفحات التونسية يوم أمس حول نسبة المشاركة في إضراب المعلمين، ودارت معارك كلامية ضارية بين ناشطي النهضة وأنصار الحكومة من جهة والنقابيون وناشطي اليسار والمعارضة من جهة أخرى حول شرعية الإضراب. ولئن شكّك نشطاء النهضة في نجاح الإضراب في بعض الجهات، فإن صفحات مناضلي اتحاد الشغل اعتبرت أن الإضراب كان ناجحا جدا وبنسبة تجاوزت 80 بالمائة في كل الجهات، ونشرت عدة صفحات من المعارضة عبارات المساندة وحتى صور باقات الورد، دون أن يخفي العديد من الناشطين من اليسار والمعارضة شماتتهم في الحكومة وخصوصا في حركة النهضة وبدا أن الإضراب قد تجاوز حجمه النقابي والمطلبي ليتم توظيفه في الصراع السياسي الدائر بين النهضة وخصومها.
ويمكن أن نلاحظ بسهولة في خطاب طرفي النزاع يوم أمس الإفراط في تسييس الخلاف بين المعلمين والحكومة، فقد قرأنا في صفحات بعض ناشطي الاتحاد مقاطع أشعار مثل مقطع من قصيد الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد «نحب البلاد»: «ولو شردونا كما شردونا، لعدنا غزاة لهذا البلد»، وهو ما جعل ناشطا سياسيا من حزب المؤتمر يكتب تعليقا ساخرا: «على حد علمي لم يشردكم أحد، بل أنتم تفرضون شروط العازب على الهجالة منذ الثورة»، وسبب هذا التعليق غضب العديد من الناشطين النقابيين الذين يذكرون أن اتحاد الشغل ونقاباته كانت ولا تزال تمثل روح النضال لدى الشعب التونسي وأن مناضلي المنظمة ساهموا بشكل فعال في حماية الثورة التونسية.
كتب نقابي من قطاع التعليم في صفحته أن مسؤولا يابانيا شهيرا سألوه عن سر تفوق اليابان في العلم والاختراعات فقال: لقد أعطينا المعلم راتب وزير وحصانة ديبلوماسي»، لكي يدلل على أهمية دور المعلم وعلى ضرورة الترفيع في أجره ومنحه المالية.
أما اغلب صفحات النهضة فقد شنت هجوما لا يرحم على نقابة التعليم، وكثير من ناشطي الحركة وأنصار الحكومة يتعمدون الفصل بين المعلمين بصفتهم جزءا من الشعب التونسي ونقابتهم التي يتهمونها بممارسة السياسة وينشرون صورا لبعض زعماء اتحاد الشغل وهم يساندون بعض قائمات المعارضة اليسارية إبان الانتخابات لكي يتهموا نقابة التعليم بعدم الحياد. كما نقرأ في عدة صفحات محسوبة على النهضة هجومات عنيفة على المعلمين بسبب الإضراب، والبعض ينشر صورا كاريكاتورية ساخرة تتهم المعلمين بالإضراب عن التعليم العادي الذي تدفع الدولة كلفته والاستمرار في إعطاء الدروس الخصوصية التي يدفع المواطن ثمنها المشط، وهو باب ينفذ منه خصوم نقابة التعليم دائما لاتهام رجال التعليم بتعجيز المواطن والحكومة.
وفي الأثناء، تناقل العديد من النقابيين معلومات عن تعرض بعض زملائهم للعنف مثل ما تم نشره عن هجوم عنيف على مدرسة العالية بولاية بنزرت وتعرض بعض المعلمين للضرب وكذلك تعرض النقابي عبد الكريم الخالقي إلى الاعتداء بالعنف أمام مقر الاتحاد الجهوي ببنزرت صبيحة الأمس.
نسبة كبيرة مما ينشر في الصفحات التونسية لا يمكن نشرها لما فيها من عبارات تخوين وتهم خطيرة وعبارات بذيئة فيها دعوة مباشرة للعنف بالإضافة إلى عمليات التشويه التي تطال سمعة وصورة العديد من الشخصيات المعروفة من طرفي النزاع، حتى أن ناشطة حقوقية تشرف على جمعية للعناية بالأطفال تطالب في صفحتها الناشطين التونسيين بوضع عبارة «ممنوع على الأطفال دون سن 16 عاما» احتراما للذوق العام والأخلاق الحميدة.