واصل امس عدد من القضاة الذين صدر ضدهم قرار إعفاء من وزارة العدل تقديم اعتراضاتهم حول ما نسب اليهم فيما سعى البعض الاخر الى الاطلاع على الملف الذي تضمن قرائن ووثائق الإدانة. وعلمت «الشروق» ان عددا تجاوز العشرين طعنا تم تقديمه امس الى وزارة العدل التي أعطت للمعفيين مهلة ثلاثة ايام قبل إحالة القائمة التي ضمت 82 قاضيا على رئاسة الحكومة لامضائها.
وقد اختار بعض القضاة من المعنيين بالقرار تقديم استقالاتهم وتخييرها على الإعفاء، إذ تعتبر الاستقالة اكثر حفظا للكرامة وترك المجال مفتوحا لإمكانية الالتحاق بالمحاماة او اي مهنة اخرى، عكس الإعفاء الذي يظل يطارد صاحبه أبدا.
فان يقال قاض مستقيل افضل من ان يقال لقد تم إعفاؤه من القضاء رغم ان الإعفاء لا يمكن اعتباره اجراء تأديبيا او عقابا بل هو قرار ضد من لم تعد تتوفر فيه مواصفات القاضي.
وحسب مصادر مطلعة فان وزارة العدل تعرضت للعديد من الضغوط الداخلية خاصة من الهياكل المهنية للقضاة وشخصيات قانوية ووطنية والخارجية مثل الآتحاد الاوروبي ومنظمات قضائية دولية تتفق كلها على اعتبار وزارة العدل قد تفردت بالقرار ولم تستشر الهياكل التي تمثل القضاة ولم يتم تشريك الأطراف المعنية.
مقابل ذلك أصرت وزارة العدل على موقفها واعتبرت ان إعفاء عددا من القضاة من مهامهم يأتي في اطار اعادة الاعتبار للسلطة القضائية بإبعاد الفاسدين والمتورطين في الفساد، وقد أخذت الوزارة قرار الإعفاء ضد عدد ممن ثبت تورطهم في اصدار أحكام منحازة لفائدة افراد من عائلتي الطرابلسية وبن علي وبعض رموز الفساد، وقد اعتبرت وزارة العدل ان هذا الإجراء لا يمكن تأجيله لان السلطة القضائية في حاجة الى اعادة سلطتها، ولان للمصلحة العامة أفضلية وأسبقية على المصالح الخاصة.
وفي كل الحالات تنتهي اليوم مهلة الايام الثلاثة التي قدمتها وزارة العدل للقضاة المعفيين لتقديم اعتراضاتهم، وقد تقدم بالفعل عدد لاعتراضات فيما اختار البعض الاخر الاستقالة الا ان عددا اخر من القضاة المعنيين اختاروا الصمت، والصمت في مثل هذه الحالات علامة للرضاء، وحسب تصنيف الملفات فإن عددا من القضاة الذين شملتهم قائمة 82 قد لا يتمكنون من الإقناع بإعادة النظر في وضعيتهم خاصة المتورطين في اصدار أحكام غير قضائية وغير قانونية وصنف اخر من الذين شملهم القرار لأسباب سلوكية وأخلاقية فان مصادر بوزارة العدل لم تنف رغبة الوزارة في مراجعة هذه الملفات والالتزام بمبدإ التسامح في صورة الاعتذار والالتزام بعدم العودة، وهذه الحالات لا تتجاوز الستة قضاة، مما يعني ان العدد النهائي في صورة قبول اعتذار وبعض الطعون قد يكون في حدود السبعين، وسيتم تمكين عدد اخر منهم من الانسحاب بهدوء تحت عنوان الاستقالة لأسباب شخصية.