احتضنت قاعة سينما الكوليزي بالعاصمة مساء أول أمس العرض الأول للشريط الوثائقي «... 5.6.7 ... 1.2.3» للمخرج الشاب بلال بالي وتجدر الإشارة الى أن المخرج السينمائي هشام بن عمار قدّم الفيلم قبل انطلاق عرضه. فكرة الفيلم كما قدمها المخرج هشام بن عمار كانت أثناء الثورة، وتحديدا في الفترة التي عاش أثناءها التونسيون حظر التجول.. في تلك الفترة كان مخرج الفيلم بلال بالي يعود من تدريباته على رقصة «الصلصا» قبل حظر التجول بدقائق الى منزله فاقترح عليه المخرج هشام بن عمار ان يجسّم ذلك في عمل سينمائي فكان الفيلم الوثائقي «... 5.6.7 ... 1.2.3».
واستحضارنا لهذا التقديم لم يكن لمجرد الاستحضار، فبمجرد سماع التقديم يخيّل إليك انك ستجد ايحاءات ومشاهد لها علاقة بصعوبات التنقل وضيق الوقت الذي فرضه حظر التجوّل وتنتظر تناولا فنيا نادرا لهذا الموضوع. الا انك لا تجد من ذلك شيئا في فيلم بلال بالي.
«الصلصا»
موضوع الفيلم هو رقصة «الصلصا» وإيجابياتها على شخصية الانسان الذي يتدرب عليها وانعكاساتها الايجابية على سلوكاته مع محيطه الاجتماعي. لكن الابرز في الرسالة الفنية التي أراد المخرج ايصالها للجمهور في فيلمه من منظورنا الخاص ان رقصة «الصلصا» ليست حراما بل هي حلال وتستشف ذلك من خلال شهادات بعض الشبان في بداية الفيلم، والتي استخدمت بذكاء كبير، حين ابتدأ بها المخرج فيلمه... شهادات مختلفة ومتنوّعة حول رؤية المجتمع التونسي لهذه الرقصة، ولراقصيها تدرّج بها لاحقا بأسلوب حجاجي على لسان مدربي هذه الرقصة وبعض من يمارسون هواية رقص «الصلصا».
كل ذلك كان إيماء وتلميحا رغم ان شهادات الشخصيات التي تمارس هذه «الرياضة» (تكررت هذه العبارة اكثر من مرة) تتناول ايجابيات «الصلصا» باعتبارها متنفسا، لممارسيها تخرج على طريقة علم النفس وتحديدا نظرية «فرويد» او تُصعّد المكبوتات والرغبات اللاشعورية السلبية الى أشياء ايجابية في رقصة اسمها «الصلصا» ومع موسيقى «اللاتينو».
اختيارات ذكية
ونحن نتحدث عن الشخصيات التي تحدثت عن «الصلصا» في هذا الفيلم سواء من المدربين أو من الهاوين الممارسين لهذه «الرقصة» او لهذه «الرياضة» لا يمكن ان نتصوّر ان اختيار بعض الشخصيات كان اعتباطيا بل يمكن الإقرار انها جوهر الموضوع، فأن تجد عون أمن يمارس رياضة «الصلصا» خارج أوقات فراغه أو أن تجد امرأتين (ربّتا بيت) «متديّنتين» (اي تلبسان الحجاب) فهذا دلالة رمزية على الرسالة الأصلية التي أشرنا اليها سلفا، وهي ان «الصلصا» حلال... هي حلال ما دامت تستبدل العنف الساكن في الأغوار البعيدة للانسان بجمالية فنية كما يعرض ذلك وثائقي «... 5.6.7 ... 1.2.3».
«الصلصا» على المباشر
ويذكر ان مسك ختام العرض الأول لفيلم المخرج الشاب بلال بالي، كان برقصة مباشرة على الركح انطلقت ثنائية واختتمت جماعية، «مفاجأة» صفق لها الجمهور الحاضر بأعداد محترمة طويلا لكن رغم جمالية الفيلم وموضوعه، ما ضرّ لو تمّت إعادة النظر في عملية المونتاج..