نظرت مؤخرا الدائرة الجنائية 27 بمحكمة الاستئناف بتونس في قضية إرشاء وارتشاء موظف عمومي والتوسّط في ذلك واستغلال نفوذ وروابط لدى موظف لقبول عطايا بدعوى الحصول على حق أو امتياز لفائدة الغير والمشاركة في ذلك. وقد تورّط فيها مسؤول سام بوزارة التربية والتكوين وأستاذان بالتعليم الثانوي ووكيل شركة ومحلل بمخبر طبّي وموظف بالديوانة ورئيس مكتب مراقبة أداءات وعامل يومي وقد حضروا جميعا بحالة سراح وتخلّف اثنان منهم نظرا لإصابة أحدهم بنوبة قلبية والثاني لعدم بلوغ الاستدعاء إليه.
وخلال الجلسة المنعقدة أمس حضرت هيئة الدفاع عن المتهمين وأجمعوا على طلب التأخير نظرا لتعذّر حضور أحد المتهمين الذي أصيب بتوعك صحي بسبب تعرضه إلى نوبة قلبية حادة استدعت مكوثه بالمستشفى وللغرض قدّم المحامي المتكفل بنيابته تقريرا طبيا يبرّر عدم حضوره.
النيابة العمومية
من جانبه فوّض ممثل النيابة العمومية النظر في مطلب التأخير.
المحكمة
استجابت هيئة المحكمة لمطلب التأخير وعينت يوم 17 سبتمبر موعدا جديدا لانعقاد جلسة مقبلة استجابة لطلب الدفاع.
ملابسات الواقعة
منطلق القضية كان بتاريخ 25 أكتوبر 2007 بعد ورود مكاتبة على وكيل الجمهورية بمحكمة تونس الابتدائية من طرف رئيس الإدارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية مفادها بلوغ معلومات تؤكد أن البعض من معارف مسؤول سام بوزارة التربية والتكوين يتوسطون لديه لتحقيق نُقل وتعيينات وانتدابات بالوزارة المعنية مقابل الانتفاع بهدايا ومبالغ مالية وحصول المسؤول الإداري المذكور على نصيبه منها، وللغرض استأنفت الأبحاث والتحريات وتم الاعتماد على مراقبة الاتصالات الهاتفية للمسؤول الإداري بعد أخذ الإذن من وكيل الجمهورية بمحكمة تونس الابتدائية.
وتقرّر بموجب ذلك فتح بحث تحقيقي اعترف بموجبه أحد المتهمين وهو عامل يومي بالأفعال المنسوبة إليه مبينا أنه اتفق مع المسؤول السامي بوزارة التربية على أن يتوسط لمجموعة من الراغبين في الانتدابات بسلك التعليم الابتدائي مقابل مبالغ مالية هامة ويتولى حسب تعليمات الموظف المذكور استغلالها في اقتناء تجهيزات مقهى على ملك المسؤول السامي كائنة بجهة مساكن ويحصل هو على نصيبه من الرشاوى المقدمة من قبل أصحاب الشهائد العليا وتدعمت إدانة المتهمين بإقرار المحلل بمخبر طبي أنه مكّن المتهم الرئيسي والوسيط بينهما وهو العامل اليومي من مبلغ مالي قدره 500 دينار نقدا ثم ألفي دينار كمقابل لتوليه القيام بالمساعي اللازمة لانتداب زوجته برتبة معلمة بالتعليم الابتدائي وبذلك وقع انتدابها رسميا.
وعلى ضوء المعطيات الأولية والاعترافات المسجلة أدانت محكمة البداية المتهمين وحكمت عليهم بالسجن لمدة تراوحت بين السنة والخمس سنوات. إلا أن القائمين بالحق الشخصي قد طعنوا في الحكم بالاستئناف ففُتحت القضية من جديد.