قرار تسليم البغدادي المحمودي الى السلطات الليبية اشعل خلافا حادا في الآراء بين من يعتبره مجرما يجب ان ينال جزاءه ومن يقول ان تسليمه لبلد مازالت ملامح المشهد الامني فيه غير واضحة مخاطرة بحياته,ومن يتحفظ على عدم التشاور في اخذ القرار فقط ولا يختلف مع مبدا التسليم. القرار جعل شركاء الامس في الحكم يختلفون حد التناقض مما اصبح يهدد حتى «وحدة الترويكا» وافرز مواقف اخرى واستتباعات تصب معظمها في سياق تشقق الوحدة مثل قرار رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي عرض ما اعتبره «تجاوزا للصلاحيات» في تسليم البغدادي المحمودي إلى ليبيا على «المجلس الوطني التأسيسي لأخذ ما يتوجب من مواقف بمقتضى الفصل 20 من التنظيم المؤقت للسلطات العمومية» وكان ذلك من ابرز المواقف التي تلت قرار التسليم, اضافة الى تصريح عدنان منصر الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية الذي قال إن التسليم يهم السياسة الخارجية لتونس أكثر مما يهم القضاء وأن السياسة الخارجية هي من صلاحيات رئاسة الجمهورية وفي حالة الخلاف تجري استشارة المجلس التأسيسي».
«الشروق» رصدت آراء بعض نواب التأسيسي حول هذا الموضوع:
الصحبي عتيق : أزمة عابرة ومفتعلة
قال رئيس كتلة حركة النهضة في المجلس التاسيسي الصحبي عتيق ان العملية اتسمت بالوضوح عكس ما يدعيه البعض واكد ان مبدا التسليم عليه اتفاق بين الاطراف الحاكمة مشيرا الى ان «المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار واعتبر ان الجانب الحقوقي في مرتبة ثانوية مقارنة بالمصلحة الوطنية».
كما اضاف ان التسليم كان نتيجة التفكير في مصلحة تونس العليا معتبرا ان الابقاء على المحمودي في تونس فيه مخاطر كبيرة مؤكدا انه « مجرم امر بالاغتصاب». واضاف ان التسليم كان امرا قضائيا بعد قرار ابتدائي و استئنافي معتبرا ان هذا يعطي لرئيس الحكومة الحق في التنفيذ مؤكدا ان اجراءات التنفيذ تقوم بها المصالح الامنية و ليس رئيس الحكومة. اما عن الازمة التي احدثها قرار التسليم في الترويكا قال الصحبي عتيق انها «ازمة عابرة ومفتعلة» وان الترويكا ستواصل عملها بتوافق
محرزية العبيدي : ليبيا ستلتزم بمحاكمة عادلة
قالت محرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس التاسيسي ان المجلس سيلعب دور الحكم في الخلاف بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية واشارت الى انها اطلعت على القانون المنظم للسلطات العمومية و لم تجد ما يفرض عدم التسليم واعتبرت ان الخلاف بين رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة هو مجرد نقص في التنسيق وليس خرقا. واضافت محرزية العبيدي ان قرار التسليم صادر عن جهة قضائية والمختلف عنه «تامين الظروف الضرورية لمحاكمته» مشيرة الى ان الحكومة التونسية تصرفت بتوافق مع حكم صادر مؤكدة ان هذا القرار « متفق عليه» والمحت الى ان ليبيا التزمت بتامين ظروف ملائمة للمحمودي و توفير المحاكمة العادلة مشيرة الى ان تصريحات المسؤولين الليبيين دليل على ذلك والتزام بعدم المس بالحرمة الجسدية للبغدادي .
واضافت انه خارج سياق صفتها في المجلس التاسيسي فقد التقت في شهر اكتوبر الماضي قياديات من مختلف دول العالم ومنهن ليبيات تحدثن عن نساء ليبيات تم اغتصابهن واستعمالهن ضد الخصم في الحرب باوامر من المحمودي.
سليم عبد السلام : الائتلاف الحاكم لن يتواصل
قال سليم عبد السلام نائب المجلس التاسيسي عن حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ان القرار تجاوز لصلاحيات الرئيس والقانون المنظم للسلط العمومية واعتبر ان قرار تسليم البغدادي المحمودي يدل على عدم احترام الشركاء في الحكم حيث ان القرار كان خاليا من أي تشاور.
واضاف «استغرب كيف قال الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بان الرئيس سمع بالقرار من وكالة تونس افريقيا للانباء «كما اكد ان تسليم البغدادي مناف للقانون الجزائي وان ما سيحصل للبغدادي بقطع النظر عما فعله سيضع تونس في احراج ويهدم مصداقيتها كما أشار الى ان المحمودي يمكن ان يعدم وان البلدان التي لا تعترف بعقوبة الاعدام مثل كندا لا يمكن ان تسلم أي احد لتونس باعتبارها لا تحترم حقوق الانسان.
كما قال انه «اذا صارت صفقة على حياة انسان لا يجب ان نقبل بهذا « واضاف «كنائب، ضميري لا يسمح لي بقبول عدم التشاور بين شركاء الحكم و انتظر من مسؤولي حزب التكتل اخذ قرار حازم و الائتلاف الحكومي لن يتواصل بهذه الطريقة التي تنطوي على عدم احترام».
حسناء مرسيط : يجب ان يستقيل وزراء المؤتمر
قالت نائبة رئيس كتلة الوفاء للثورة في المجلس التاسيسي حسنة مرسيط انها ضد قرار التسليم واعتبرت انه مس من حقوق الانسان وهيبة الدولة مشيرة الى ان الاتفاقيات الدولية دعت الى عدم تسليمه. واضافت انه في ليبيا لا تتوفر شروط القضاء العادل باعتبارها لم تستقر بعد مستفسرة حول الدافع وراء هذا القرار عكس عديد الدول مثل الجزائر ومصر ومالي ...
ودعت وزراء المؤتمر الى تقديم استقالتهم من اجل حل الحكومة وتجديدها واعتبرت قرار التسليم تعديا ليس على وزراء المؤتمر بل على الشعب التونسي كله. واضافت ان كتلتها تدعو وزراء المؤتمر من اجل الجمهورية ونواب المجلس التاسيسي الى الوقوف الى جانب رئيس الجمهورية وطالبتهم بالاستقالة والخروج من الترويكا.
ازاد بادي : اصبحت لنا احزاب كرتونية في السلطة
قال الناطق الرسمي باسم كتلة الوفاء للثورة ازاد بادي ان قرار تسليم البغدادي مزايدة سياسية وطرح استفهاما حول تزامن القرار مع زيارة رئيس الوزراء الليبي واضاف انه لا يجوز ان تضع حسابات جيوسياسية حياة انسان على المحك.
كما اضاف ازاد بادي «كيف تنسي حلاوة الكرسي الجبالي تاريخه النضالي؟» واكد ان الفصل 20 من القانون المنظم للسلط العمومية والفصل 321 من المجلة الجزائية ينصان على ان قرار تسليم المتهمين الدوليين لا يمكن ان يكون الا بامضاء رئيس الجمهورية.
والمح الى ان رئيس الجمهورية يتحمل المسؤولية ايضا لان رئيس الحكومة قال انه سيسلم المحمودي دون توقيع رئيس الجمهورية وهو لم يتخذ قرارات حازمة .وختم كلامه بالقول ان حزبا واحدا يهيمن على القرار السياسي في تونس ففي السابق كانت هناك احزاب كرتونية في المعارضة والان اصبحت هناك احزاب كرتونية في السلطة.