قال السيد أحمد بن صالح ، أول وزير للتخطيط و المالية في عهد بورقيبة، أن استقلالية البنك المركزي تجاه السلطة وتجاه وزارة المالية أمر ضروري حتى يقدر على القيام بمهامه الطبيعية دون تشويش أو ضغوطات، كما هو الشأن في أغلب دول العالم. وأضاف بن صالح في تصريح ل«الشروق» أن مبدأ استقلالية البنك المركزي تجاه السلطة وقع تكريسه في تونس منذ تأسيس البنك نهاية الخمسينات . ويؤكد المتحدث ، الذي كان آنذاك وزيرا للتخطيط والمالية، أن علاقته في هذا المجال بالسيد الهادي نويرة، أول محافظ للبنك المركزي، كانت متميزة و يسودها الاحترام والتفاهم. كما أن الأدوار بينهما كانت موزعة ولا وجود لتداخل في الاختصاصات. وأكثر من ذلك اعتبر بن صالح أنه وضع اليد في اليد مع نويرة طيلة 9 سنوات من اجل ارساء مقومات السياسة النقدية والمالية التونسية و أشرف كلاهما على تأسيس الدينار التونسي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وأشار بن صالح في هذا الصدد إلى ما صرح به مؤخرا المحافظ الأسبق للبنك مصطفى كمال النابلي في صحيفة يومية حول محاولة أحمد بن صالح ضرب استقلالية البنك المركزي طيلة فترة تواجده في الحكومة. وقال بن صالح ان تصريح النابلي عار عن الصحة ولا يستند إلى معطيات ثابتة وذلك لسبب بسيط وهو أن علاقته بمحافظ البنك آنذاك الهادي نويرة كانت عادية ولم يحصل ان تذمر نويرة في يوم من الأيام من ضغوطات السلطة أو من محاولة بن صالح التدخل في تلك الاستقلالية .
الشاذلي العياري
وحول المحافظ الجديد للبنك السيد الشاذلي العياري، قال بن صالح أنه رغم التقلبات التي سادت سابقا علاقته به، إلا ان له اعتقادا بانه سينجح في هذه المهمة بحكم كفاءته و تمنى له النجاح .
وأضاف بن صالح أنه كان أول من مهد الطريق امام العياري ليصبح كفاءة عالمية وذلك عندما عينه أواسط الستينات مديرا لمصلحة التعاون الدولي وهو ما مكنه من تمتين علاقاته بالخارج و الاشتغال فيما بعد في مناصب بمؤسسات اقتصادية دولية وفي كليات بفرنسا. وباعتراف بن صالح فإن العياري كان لدى اشتغاله في حكومة بورقيبة خلال الستينات (فترة بن صالح) يدافع عن سياسة الاشتراكية والتعاضد التي جاء بها بن صالح ويشارك في إرسائها.
لكن لما توطدت علاقاته بالغرب خاصة بفرنسا ، تبرأ على الملإ من تلك السياسة وقال في بعض مؤلفاته انه ضد سياسة الاشتراك والتعاضد وهو ما أثار آنذاك الاستغراب. وحتى لما عاد إلى تونس (في عهد بن علي) فإنه واصل تبرأه من سياسة حقبة الستينات وأبرز ذلك في الكتاب الذي ألّفه «بن علي 20 سنة طموح وانجاز».